بغداد- العراق اليوم:
سؤال مهم يتداوله الكثيرون، يبحث عن حقيقة الكاظمي، وهل ينتمي في حقيقته لجوهر الشباب المتطلع للحرية، والمكافح للفساد، والحامل لمشعل العدالة مهما كانت التضحيات ؟ ام ان روحه وعقله ينتميان الى ثقافة وقيم وروح عادل عبد المهدي ومن كان على شاكلته من الحكام المرضى والمعزولين طوعياً أو إجبارياً ؟ وهذا السؤال يقودنا الى سؤال فيه بعض الإشكالية، لكنه يطرح مسألة مهمة هي هل أن بقاء العراق ضمن صفوف الدول الفاشلة أمر طبيعي؟، وهل يمكن أن يستمر بلد بحجم العراق، وإمكاناته وموارد الاقتصادية الوفيرة ضمن مسلسل الدول الفاسدة التي لا تستطيع بناء نموذج مقبول على الأٌقل وسط الدول النامية، والخروج من دوامتي العنف والفساد المستشري فيه منذ قرابة عقدين تقريباً؟. أسئلة لا تزال تحير معظم العاملين في حقل الفكر السياسي، ومنظري السياسات في العالم العربي، ودول العالم الثالث، بل وأصبحت المسألة العراقية اليوم أكثر أهميةً للعالمِ برمتهِ، في ظل اشتعال ازمات دولية، وصراع إقليمي على هذه البقعة الغنية، وأيضاً المحاولات الجادة من صانعي القرار السياسي حول العالم في تفكيك الأزمات المتداخلة بعد الخروج من الوباء العظيم الذي قد ينفجر الى حرب دولية شاملة، أذا ما فشلت السياسات في تطويع الخصوم، وإعادة بناء التوازن الاقتصادي المفقود منذ بدء تفشي جائحة كورونا في العالم بأسره، وما سببته من انهيارات اقتصاديات كبرى، تترنح الآن في ظل إغلاق لم يسبقه في تاريخ القرن الماضي إغلاق مشابه. في ظروف معقدة كهذه تصبح الحاجة الداخلية العراقية، أكثر واقعيةً في إيجاد حل ينهي هذا التخبط المريع، وايقاف نهوض قوى ما قبل الدولة، وأستفحال ظاهرة الأستزلام السياسي الدولي، وأيضاً نمو المافيات التي تتحكم بالتجارة والاقتصاد، وتحاول الامتداد لتخطف القرار السياسي في هذا البلد وفير الموارد. هذا المخاطر يوجزها الباحث في الشأن السياسي محمد حامد في حديثه لـ ( العراق اليوم)، عن " جهود الكاظمي في سبيل تقويض دولة ما قبل اكتوبر، وبناء نموذج أخر، يمكنه ان ينتهي من علل الماضي الكارثية، ويطلق عنان مشروع ثوري تحت ظل شرعية دستورية، ام للدولة التي كان هو - رسمياً - جزءٓ منها، أي دولة المعزول طوعياً، والمريض سريرياً ؟ ". ويقول حامد، " قد تبدو للوهلة الأولى خلطة غريبة، فمع وجود حياة دستورية ونيابية، يبدو مصطلح الحلول الثورية نافرًا، وغير متوائم مع الجو السائد، فالثورية على نقيض الحياة النيابية التي تعني إمكانيات التغيير السياسي الهادئ عن طريق الاستمزاج الشعبي أو ما يعبر عنه بالانتخابات، لكن مع واقع مثل الواقع العراقي، تبدو الخلطة مقبولة نوعاً ما، شريطة أن لا تمس جوهر الفكرة الأساسية في بناء الشرعية الشعبية عن طريق الانتخابات، لكن مع التخلي عن الظواهر والاستحقاقات الناتجة عن هذا، بمعنى أدق، أن ترشيد الدولة بشكل حقيقي، لا يمكن أن يتم دون تدخل جوهري ثوري لربما، يتجاوز العرف السياسي القار، وقوانين حراس الهيكل، والإنتقال الى المعالجات المزعجة لهذه النخب". وتابع " الخوف من عملية الترشيد هذه معقول ومقبول، حيث يمكن أن يضر بالمساعي الحثيثة لإدماج المجتمعات المحلية المتنافرة حول فكرة الدولة الممثلة للمصالح المشتركة، لكن على أي حال يمكن أن يقود الكاظمي خطوات حذرة في مجال الأنتهاء من ملفات عالقة، شريطةً ان يكون مبدأه الأساس تطبيق العدالة، لا المساواة".
*
اضافة التعليق