هل يصلح الكاظمي ما افسده عبد المهدي؟

د. غالب الدعمي 

قالت لي العصفورة: إن عبد المهدي يباشر بعمله عند الساعة السادسة صباحا، ومع زحمة العمل تغشاه القيلولة في الساعة الحادية عشر صباحا: فيغادر عمله إلى مخدعه ليغط بنوم طويل وعميق، ويعود مساء إلى عملة ليسأل واحداً من ثلاثة هم من يدير دفة الأمور قائلاً: (شكو ماكو)؟  فيقول له الأول: لا شيء سيدنا الأمور الإدارية كلها تمام، وأمور البلد ماشية بأحسن حال، والشعب راض عنك، وشبكة الإعلام تعرض منجزات حكومتكم الرشيدة، فينظر إلى الثاني، فيقول: سيدنا الحمد لله، فقد تم معالجة مجموعة من المشاغبين مدعومة من بعض السفارات حاولت الأقتراب من جسر السنك، فيومئ برأسه راضياً، ويطلب من الثالث مرافقته لمتابعة مراحل بناء قصره في الجادرية، فينتهي النهار ويحل الليل، ويدرك شهريار الصباح ويسكت عن الكلام المباح، فيغط في سبات طويل، في حين أن عقود التأمين الصحي، وطبع المناهج الدراسية تشغل وزارة التربية بأشراف عرابها السامرائي، وشركة مغمورة تستولي على أرض معسكر الرشيد بأمر الحواريون الثلاثة، والتعيينات تتم على قدم وساق وعمولتها بالدولار، وأملاك وقصور نظام صدام توزع بهدوء بعيداً عن الأنظار بين الأحزاب والخلان، وعقود كيماديا تجري خلف الكواليس لتعود بمنافعها لبعض عمائم الشر، وأربطة العمالة، وكوبونات النفط توزع بالتساوي على أحزاب السلطة، وعقود بيع البلد تتم بعيداً عن الأضواء، والنفط يهوي في أدنى مستوياته من عقود، وموازنة الحكومة التشغيلية تزداد، ومزاد البنك المركزي العراقي تذهب منافعه إلى مصارف بعض المجاهدين، فيعود أبو لهب من جديد، وإمرأته حمالة الحطب بصفة أخرى كقديس واجب الطاعة، ومن جانب آخر يدعو ( أبو الكاوليات)، بضرورة تشكيل حكومة وطنية تمثل الجميع، وتحافظ على مصالح الشعب، وعلى أصوات تقاسم المغانم.

 يستيقظ من قيلولته فيجد أن رئيس الجمهورية، قد كلف الكاظمي لإدارة البلد، فيعود إلى غيابه الطوعي بأنتظار يوم الحساب.

وأمام هذه الفوضى الكبيرة في الإدارة والعقبات الهائلة التي خلفتها الحكومات السابقة، والتي باتت تواجه الكاظمي، هل يستطيع إصلاح ما أفسده عبد المهدي في مفاصل الدولة كلها؟

يتفق بعض الخبراء أن ستة أشهر هي مدة كافية جداً للكاظمي لمعالجة الملفات، ملفاً يتلو الأخر، أو وضعها بطريق الحل وتصفيرها لاحقاً حين يحدد أولوياته، ويبدأ بأهمها، فأنه من المؤكد سينجح، ويقف بطليعتها معالجة انخفاض اسعار النفط، وتأمين رواتب الموظفين، وأزمة الكهرباء التي ستظهر بعد ثلاثة اشهر، فضلاً عن ملف الأسلحة المنفلتة، وتهديد بعض الفصائل بحرق العراق إذا ما مضى الكاظمي، فضلاً عن الاحتجاجات التي بسببها غاب عبد المهدي طوعياً وكلف الكاظمي بدلاً عنه، فهل تصلح حكومة الكاظمي ما أفسدته حكومة عادل عبد المهدي؟ انه السؤال الذين ننتظر الإجابة عليه من قبل الكاظمي عبر إجراءات عملية على أرض الواقع، ويحدوني الأمل  بأنه سينجح في معالجة كل الملفات بحسب أهمياتها تباعا، إذا اعتمد منهجا حقيقيا كرجل دولة، وأتخذ قرارات مهمة ترتبط بحفظ المال العام وزيادة موارد البلد، وفي هذا السياق تبرز أمامه ملفات مهمة أخرى أضافة لما ذكر، ويأتي في طليعتها، استثمار الغاز لسد حاجة البلد منه وتصدير الفائض، وتسريع افتتاح مصفى كربلاء النفطي الذي سيوفر أموالاً للعراق تصل إلى عشرين تيرليون دينار سنوياً إذا ما اضيف اليها الأنتاج المحلي، وتصفير العراقيل الأقليمية التي تقف أمام استثمار الغاز وافتتاح مصفى كربلاء.

 كذلك السيطرة على المنافذ الحدودية وتأمينها من سيطرة الاحزاب وإلغاء الاستثناءات الضريبية التي تمنحها الدولة لمؤسسات وكيانات وأحزاب، وشخصيات، وجهات تتربح على حساب الدولة، وهناك قرارات مهمة لو أتخذها ستجعله يمضي بسهولة في محاصرة الأزمات وتصفيرها بدلاً من أن تحاصره، وأمامي ملف سيوفر للحكومة العراقية موازنة كاملة حتى تغنيه عن أموال النفط لكنه يحتاج إلى قلب لا يرجف ولا يخشى في الله لومة لائم.

علق هنا