بغداد- العراق اليوم:
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا من إعداد لويزا لافلاك ومصطفى سالم، يتحدثان فيه عن “المخاوف التي تنتشر بين المتظاهرين في العراق، في وقت تواصل فيه الحكومة قمعها وتتكتم على أعداد القتلى”. ويشير التقرير، إلى أن “العراقيين يواجهون منذ أكثر من شهر الرصاص الحي والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه وهم يهتفون مطالبين بإزاحة النظام السياسي في البلاد بأكمله”. ويقول الكاتبان إن “النخبة السياسية بحثت عن مخرج، ومن ثم اتحدت معا، في وقت تراجعت فيه حدة التظاهرات، لكن القمع لم يتوقف، إلا أن الخوف يتسلل في أوساط المتظاهرين، وبدأ رجال غرباء يظهرون في مخيمات المتظاهرين ويلتقطون صورا ثم يختفون، مشيرين إلى أن الشرطة تقول للمتظاهرين الذين تعتقلهم إنه من الأفضل إخبار أصدقائهم”. وتلفت الصحيفة إلى أنه قتل حتى الآن أكثر من 319 شخصا، فيما جرح 15 ألف شخص منذ بداية الاحتجاجات في المدن الجنوبية في الأول من تشرين الأول، بحسب مفوضية حقوق الإنسان العراقية. ويفيد التقرير بأن “حملة قمع واسعة بدأت مع تراجع حدة التظاهرات، فاعتقل مئات من الناشطين، فيما اختفى المتطوعون الطبيون وهم في الطريق إلى ساحة التحرير في بغداد، ولم يسمع منهم حتى الآن”. وينوه الكاتبان إلى أن “محتجين ورجال إسعاف قالوا في مقابلات معهم إن ضباط أمن وأفرادا يحضرون إلى الخيام التي تزدحم بالأصدقاء ثم يلتقطون الصور على هواتفهم النقالة ويغادرون”، مشيرين إلى أن “الناشطين أظهروا رسائل تهديد على هواتفهم النقالة، أو رسائل تنصحهم بالعودة إلى بيوتهم”. وتورد الصحيفة نقلا عن غيث محمد (28 عاما)، الذي كان يجلس في غرفة مع زملائه تحيط بهم صور صديقهم صفاء السراي، الذي قتل في 28 تشرين الأول، بعدما أطلقت الشرطة عليه علبة غاز مسيل للدموع أصابته في الرأس، قوله “العودة إلى البيت تعني الاختطاف على يد قوات الأمن، ونحن مستعدون للبقاء هنا من أجل حقوقنا”. ويشير التقرير إلى أنه “تمت السيطرة على التظاهرات في البداية قبل أن تستأنف من جديد بعد عدة أسابيع، وتتحول إلى مواجهات بين الجيل الشاب الذي نشأ في ظل الاحتلال الأميركي، والنخبة السياسية التي انتفعت من النظام الانتخابي الذي ساعدت الولايات المتحدة على تصميمه”. ويذكر الكاتبان أنه في محاولة لامتصاص غضب الجماهير بسبب البطالة العالية في بلد يعد غنيا بالنفط، حاول رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والرئيس برهم صالح تقديم وعود بتوفير الأعمال والتعديلات القانونية، لافتين إلى أن الشارع تلقى وعودهما بنوع من الصدمة. وتنقل الصحيفة عن علي صالح، وهو الطالب الذي شارك في الاحتجاجات، قوله: “في كل مرة نحتج فيها يعدون، لكن لا نريد تنازلات أو تغيير القوانين، بل نريد التغيير الأساسي في طبيعة الحكم.. لم يعرفوا ماذا سيفعلون بنا في البداية، لكننا نريد أن نكون واضحين الآن”. ويلفت التقرير إلى أن “التظاهرات أدت إلى صدمة عرابي السلطة، فاقتنع عبد المهدي في البداية بتحضير نفسه للاستقالة قبل أن يقنعه داعموه في بغداد وطهران بالعدول عن استقالته، وذلك بحسب ثلاثة مسؤولين على معرفة بالأمر، رفضوا الكشف عن هويتهم”، مشيرا إلى أن “الأطراف السياسية بأطيافها كلها اتفقت في الأسابيع التي تبعت المظاهرات على حماية النظام”. وينقل الكاتبان عن المسعفين ومسؤولي حقوق الإنسان، قولهم إن “مكتب رئيس الوزراء منع المستشفيات من تقديم معلومات حقيقية عن الضحايا لمؤسسات الدولة التي تقوم بتوثيق عدد القتلى”. وتورد الصحيفة عن ممثلين عن المشارح، قولهم إنهم “لا يملكون صلاحية الكشف عن عدد الجثث التي يتلقونها يوميا”، مشيرة إلى أن “صور القتلى تنتشر في ميدان التحرير وفي الشوارع وتحت الجسور التي شهدت مواجهات في الأيام الماضية، بالإضافة إلى انتشار بقايا عبوات الغاز المسيل للدموع”. وتختم “واشنطن بوست” تقريرها بالإشارة إلى أنه “كون المسؤولين يرفضون الكشف عن حجم الضحايا، فإن المتظاهرين باتوا يخشون من الذهاب إلى المستشفيات خشية الرقابة أو الاعتقال”.
*
اضافة التعليق