موجة العداء لإيران وشعار إيران برّة برّة

بغداد- العراق اليوم:

أياد السماوي

تصاعد موجة العداء للجمهورية الإسلامية ظاهرة تستحق الوقوف عندها مليّا من الجهات ذات العلاقة والمعنيّة بمسار ومستقبل العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين العراقي والإيراني .. والسؤال الملّح لماذ تصاعدت حدّة العداء للجمهورية الإسلامية في السنوات الأخيرة خصوصا بعد تحقيق الانتصار العظيم على داعش والدور المهم والفاصل الذي لعبته الجمهورية الإسلامية في تحقيق هذا الانتصار , سواء كان ذلك من خلال المشاركة الفاعلة في قيادة العمليات مع داعش أو من خلال الدور الفاعل في تأسيس الحشد الشعبي وإمداده بالسلاح والعتاد .. فكان من المفترض أن يكون هذا الموقف الذي وقفته الجمهورية الإسلامية مع العراق وشعبه في التصدي لأكبر مؤامرة في تأريخه الحديث بعد أن تخلّى عنه الجميع لمواجهة مؤامرة داعش التي قادتها أمريكا وإسرائيل والسعودية بالتحالف مع عملائهم في داخل العراق من سنّة وأكراد وشيعة .. هذه المؤامرة التي أوصلت داعش على مشارف سامراء وكربلاء والكاظمية , سببا لتعميق العلاقات الاخوية بين الشعبين الشقيقين وليس لتصاعد موجة العداء للجمهورية الإسلامية .. فما الذي حدث وما هي الأسباب والمسببات التي أدّت إلى نمو وتعاظم هذا العداء ومن يقف ورائه ؟ .. وللإجابة على هذه الأسئلة يجب أولا أن نتجرّد من العواطف ونناقش هذه القضية الخطيرة بعلمية وباستقلالية تامة , من أجل وضع خارطة طريق للتصدّي لتنامي هذه الظاهرة الخطيرة جدا على مستقبل العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين .. ما سأتحدّث به ليست آراء شخصية لي أو رأي لجهة سياسية , بل هو استطلاع للرأي أجريته بنفسي مع العديد من الأخوة والأصدقاء وأصحاب الرأي والعديد من آراء الناس البسطاء من حرفيين وكسبة وعامة الناس عن هذه الظاهرة ورأيهم بالعلاقة مع الشقيقة إيران خصوصا بعد شيوع شعار ( إيران برّة برّة ) الذي ردده كثيرا أنصار التيّار الصدري .. هنالك أسبابا عديدة بعضها مباشرة والبعض الآخر غير مباشرة وأسبابا داخلية وخارجية تظافرت جميعا لتنتج هذه الظاهرة الخطيرة ..

أولا / شريحة واسعة من العراقيين ترى أنّ أحزاب السلطة التي تمسك بزمام إدارة البلد , هي أحزاب إيرانية الولاء وإيران هي التي جائت بها .. وهذا سبب يكاد أن يتّفق عليه الجميع بالرغم من أنّ الفساد ظاهرة شملت جميع أحزاب العملية السياسية سنيّة وشيعية وكردية , ولا تنفرد بها الأحزاب الشيعية فقط ..

ثانيا / شريحة واسعة من العراقيين ترى أنّ لإيران دور فاعل في اختيار كلّ رؤوساء الحكومات الذين تعاقبوا على حكم العراق بعد سقوط النظام الديكتاتوري ..

ثالثا / شريحة واسعة ترى أنّ إيران تعمدّت بإبقاء العراق متّخلفا زراعيا ليبقى سوقا مفتوحة لمنتجاتها الزراعية ..

رابعا / شريحة واسعة ترى أن إيران لا تريد للعراق أن يتقدّم صناعيا وزراعيا ليبقى مصدرا للعملة الصعبة ..

خامسا / شريحة واسعة ترى أنّ ليس من مصلحة الشعب العراقي معاداة أمريكا والتصدّي لها في العراق نزولا عند مصلحة إيران ..

سادسا / شريحة واسعة ترى أنّ إيران هي من يرسم ويوّجه سياسات الحكومة العراقية الداخلية والخارجية وأنّ رؤوساء الوزارة هم بيادق بيد الجنرال قاسم سليماني ..

سابعا / شريحة واسعة ترى أنّ الحشد الشعبي هو مؤسسة عسكرية إيرانية وهو جزء  من فيلق القدس الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني ( وهذا راي غالبية السنّة ) ..

ثامنا / هنالك اعتقاد عام عند العراقيين أنّ حكومة عادل عبد المهدي الأسوء في التاريخ فرضتها إيران على الشعب العراقي وهي تصرّ على بقائها واستمرارها من أجل مصالحها فقط دون مراعاة مصلحة الشعب العراقي الذي يطالب بالتغيير ..

تاسعا / شعور واسع عند الكثير من العراقيين أنّ إيران هي من يقف بوجه أي تغيير وإصلاح حقيقي يستهدف بنية النظام السياسي القائم ..

عاشرا / شريحة واسعة ترى أنّ إيران اعتمدّت على طبقة سياسية فاسدة وهي السبب في إيصال هذه الطبقة السياسية لتوّلي زمام الأمور في البلد ..

هذه بعض أهم الأسباب وليس جميعها .. ولكن في المقابل ما هي المسببات التي أدّت إلى تنامي هذه المشاعر المعادية للجمهورية الإسلامية ومن يقف خلفها ..

أولا – المال الأمريكي والسعودي والخليجي بشكل عام الذي استخدم في شراء ذمم الكثير من السياسيين والإعلاميين والمثقفين والأدباء والفنانين ..

ثانيا – فساد معظم الطبقة السياسية التي تقف إلى جانب المشروع الإيراني ..

ثالثا – اعتماد إيران على طبقة محدودة من الإعلاميين الذين لا يجيدون فن التعامل مع الخطاب الإعلامي المتطوّر لدى خصومهم , واعتماد إيران على فضائيات هي الأقرب إلى الحسينيات منها إلى الفضائيات ..

رابعا – الدور الذي لعبه أنصار التيار الصدري في تعاظم العداء إلى إيران بحجة العامل الوطني ورفعهم لشعار إيران برّة برّة ..

خامسا – اعتماد إيران على سياسيين فاسدين ولصوص وهي تعرف جيدا أنّهم لصوص سرقوا أموال الشعب العراقي وأموال أجياله القادمة ..

سادسا – اعتماد إيران على مبدأ ( شين التعرفه خير من الزين الماتعرفه ) أي بمعنى حرامي مضمون ولائه أفضل من نزيه غير مضمون ولائه ..

سابعا – عدم اهتمام إيران بما يجري من نهب منّظم للمال العام العراقي من قبل حلفائها في السلطة ما داموا تحت المظلّة الإيرانية ..

ثامنا – خطأ إيران الفادح باستمرارها بدعم هذه الحكومة الفاسدة بالرغم من كلّ هذا الفساد الذي أدى إلى هذا الهيجان والثورة على النظام ..

إن الشعب العراقي الصابر على الظلم والفساد يمرّ اليوم بمرحلة تاريخية فاصلة في حياته .. وها هو يعلن الثورة على النظام السياسي الفاسد ويطالب بالتغيير الجذري لهذا النظام الذي أرسى الفساد والمحاصصة والانحطاط السياسي والاجتماعي , ويتطلّع للخلاص من هذه الطبقة السياسية الفاسدة والمفسدة وأحزابها اللصوصية .. وكما وقفت الشقيقة إيران في محنة الشعب العراقي بحربه مع داعش , يناشد القيادة الإيرانية الوقوفف مع ثورته لاقتلاع هذا النظام الفاسد من جذوره وإنقاذ الشعب العراقي من براثن الفساد والفقر والبطالة والنهب المنظم للمال العام .. والشعب العراقي لن ينسى أبدا الوقفة المشرّفة للشقيقة إيران أيام المحنة مع داعش .. فتحية للشعب الإيراني الشقيق حكومة وشعبا وقيادة ..

علق هنا