بغداد- العراق اليوم: اطل علينا وزير النفط ونائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ثامر الغضبان في لقاء متلفز مع الزميل احمد العذاري في قناة العراقية الفضائية، ليحدثنا عن منجزات كبرى حققتها وزارته في العام الأول من توليه المنصب، منجزات لم يرها للأسف سوى معاليه والمحيطين به على الاكثر، ولم نلمسها كمواطنين على الارض، ولم نكتشفها على خارطة الواقع، فيما الحقائق تسجل شيئاً غير ما حاول الوزير رسمه من صورة وردية، فاستيراد المشتقات النفطية لا يزال المورد الاساس لتزويد المواطن بحاجته من الوقود، والمشاريع الكبرى لا تزال مركونة على الرف في مكتب الوزير او اروقة وزارته العتيدة، ومشاريع انشاء المصافي النفطية لم ترَ النور لغاية الأن، وتفاقم ازمات البطالة بين صفوف الشباب لاسيما حملة الشهادات الجامعية منهم والمختصين بشكل ادق في القطاع النفطي لا تزال دون حلول في ظل اغراق القطاع النفطي بالعمالة الوافدة، وهدر مليارات الدولارات على هذه العمالة في وقت يصر الوزير على انه حقق ما نسبته ٨٠ بالمائة من البرنامج الحكومي، فأن تقارير الرقابة المالية والجهات الرقابية الأخرى تتحدث عن شيء اخر بامكان معاليه ان يطلع عليه، عدا تقارير وملفات عدد غير قليل من النواب، التي تكتنز بالارقام والعناوين العربضة لملفات الخلل والفساد والتجاوزات المالية والفنية والادارية في وزارة النفط، ويكفي ان نلقي ابصارنا على ما في ملفات النواب يوسف الكلابي وعدي عواد وغيرهما من قضايا ومفاسد مسجلة على وزارة النفط سواء بشخص وزيرها، أو بشخوص أتباعه من المدراء الذين يتستر عليهم ويدافع عنهم، لكتشفنا كمية الكذب الذي رمى به معالي الوزير على اسماعنا في هذه الحلقة من البرنامج، والمشكلة ان الغضبان لا يعلم أن جمهوراً واسعاً يشاهده ويسمعه وهو غارقاً في الضحك على ما يقوله هذا الوزير، وكأن العراق جنة، ووزارة النفط وزارة نموذجية متقدمة في ادائها، متناسياً أن وزارة النفط العراقية تستورد مشتقات ومنتجات النفط من البلدان المجاورة بمليارات الدولارات شهرياً رغم ان العراق يحتل المرتبة الثانية أو الأولى في احتياطات النفط في العالم ! ومتناسياً أن سيل التظاهرات والاعتصامات لخريجي المعاهد والكليات المتخصصة بالنفط لا ينقطع، ففي كل بوم يفتح معالي الوزير نافذة غرفته المطلة على بوابة وزارة النفط الرئيسية، ليرى بأم عينيه حشود الشباب والشابات يقفون أمام الوزارة بطوابير مكتظة تحت لهيب شمس الصيف القاتلة، أو تحت رحمة زمهرير الشتاء رافعين لافتاتهم الشاكية الباكية عسى ان يلتفت لهم معاليه فيسمع شكواهم، أما اللقطة التي أظهرها البرنامج لمعاليه مع الخريجين فقد تمت بعد تظاهرات تشرين الدامية والمرعبة وليس قبلها ! واذا تركنا هذا كله فرضاً، فأن أغلب المشاكل الأدارية العويصة والتي تفاقمت في كوادر الوزارة العليا وقياداتها المتقدمة، فقد حصلت في عهد الغضبان وليس في عهد غيره، وهي مشاكل صارت حديث البعيد والقريب واصبح الجميع يعرف مشاكل الوزارة التي انشغلت بصراعات جانبية اشعلها الوزير ذاته عبر سياسات التدوير والاعفاءات والمحاور والشلل، وكذلك الاستبدال الكيفي غير الخاضع لمعايير التقييم والتدقيق والمراجعة العلمية الجادة وهذا ما اشرته لجان مجلس النواب، فضلاً عن استشراء الفساد في شركات ومفاصل الوزارة بشكل باتت الظاهرة محط حديث الجميع،فعن اي انجاز على الورق يتحدث الوزير، ثم أين هي انعكاسات البرنامج على الواقع المالي والاقتصادي في ظل صرف ما تحقق من ايرادات نفطية يقول الوزير انها وصلت الى ٦٢ مليار دولار على الشركات الاجنبية وايضا استيراد المشتقات والنفقات التشغيلية في وزارة متخمة بالبطالة المقنعة، وفي ظل ابعاد المختصين وحرمانهم من العمل لتطوير الوزارة. ثم ان لغة الشخصنة كانت طاغية على حديث الوزير، ( فأنا شخصياً فعلت كذا، وانا شخصياً امرت بكذا، وانا، انا) وهذه لغة لا تليق حتماً في عراق يفترض ان ادارته مؤسساتية، وان منجزاته جماعية لا فردية تذكرنا بحقبة البعث ونسبة اي منجز ان وجد لشخص واحد!. فوق هذا كله فأن الوزير استفرق وقتاً طويلاً من اللقاء التلفزيوني للحديث عن نجاحه في تجنيب البلاد اي ازمة في المشتقات النفطية، وكأن العراق كان غارقاً في هذه الازمة قبل استيزاره، فيما الحقيقة تقول ان طيلة وجود سلفه الوزير جبار لعيبي لم يشهد العراق اي ازمة بل وللأمانة فأن اخر ازمات الوقود انتهت في العام ٢٠١٠ على الأكثر، فهل هذا منجز، وفوق هذا كله لا يزال العراق يستورد اغلب حاجته من المشتقات النفطية من الاردن والامارات وايران، فعن اي منجز يحدثنا السيد الغضبان. للاسف لم يكن كلام الوزير مقنعاً لاي مواطن ومتابع، ولا يمكن معه الخروج بأي حصيلة واقعية يمكنها ان تطمئن مخاوفه، او تمده بأي امل لغد افضل، في ظل تغييب الحقيقة والصدق وطغيان لغة الادعاءات والانجازات الوهمية الكاذبة!.
*
اضافة التعليق