بانتظار التحرك نحو إيران.. هذا ما يحمله عبدالمهدي إلى الخليج

بغداد- العراق اليوم:

على وقع تسريبات أشارت إلى حراك عالي المستوى بدأه العراق لنزع فتيل التوتر في المنطقة بعد أن بلغ ذروته، يغادر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى الرياض، اليوم الأربعاء، وفي جعبته مبادرة قد تفضي إلى اجتماع قمة في بغداد يكتب نهاية لمشهد مستمر من التصعيد في الخليج. خطوة عراقية كبيرة نحو السعودية، هكذا قالت مصادر سياسية مطلعة، قبل أن تعلن الحكومة برنامج زيارة تستمر لساعات يخوضها عبد المهدي في الرياض ويلتقي فيها تحديداً الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد محمد بن سلمان. قال البيان الحكومي، إن الزيارة ستشهد “بحث العلاقات بين البلدين الشقيقين، والأوضاع الإقليمية وجهود التهدئة، وموقف العراق الثابت للعب دوره الإيجابي في الحرص على إبعاد خطر التوترات والنزاعات وإقامة أفضل العلاقات مع جميع الدول المجاورة والشقيقة والصديقة”. فيما تقول مصادر مطلعة ان “عبد المهدي سيعرض على العاهل السعودي الجلوس إلى طاولة حوار مع الإيرانيين للتوصل إلى صيغة حل للأزمة في المنطقة ووضع حد للتراشق السعودي الإيراني، بمعزل عن ملف الصراع الأميركي – الإيراني”. بالتزامن، يجري حراك داخل العراق لتشكيل بعثة أخرى تتحرك نحو طهران، ربما خلال اليومين المقبلين، لعرض الوساطة التي تمهد لقمة في بغداد، بناءً على مبادرة رئيس الجمهورية برهم صالح، التي كشف عنها في مقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، على هامش زيارته إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتقول المصادر، إن “النقاشات مستمرة لتحديد الشخصية التي ستقود الحراك العراقي تجاه طهران، وتقديم العرض الذي قد يفضي إلى اجتماع بين الرئيس الإيراني حسن روحاني ومحمد بن سلمان في بغداد”. وكشفت مصادر سياسية مطلعة في بغداد أن الحكومة العراقية تسعى إلى التوسط بين إيران والسعودية، أملا في منع المنطقة من الانزلاق إلى هاوية مواجهة عسكرية، تجر عليها عواقب وخيمة. وقالت المصادر إن “بغداد تحركت خلال الأيام القليلة الماضية، لتكون وسيطا بين طهران والرياض”، مشيرة إلى أن الوساطة العراقية تستهدف جمع الرئيس الإيراني حسن روحاني مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في بغداد. ووفقا للمصادر، فقد بدأ العراق فعلياً في جس نبض كل من السعودية وإيران في هذا الشأن، مؤكدة أن “هذا المسار، ربما يتطور بعيدا عن الولايات المتحدة”. ويعتقد متابعون لشؤون المنطقة، أن الوساطة العراقية ربما تركز على الملف اليمني، من خلال تهدئة طرفي الأزمة فيه، وهما إيران والسعودية. ووفقا لخريطة الاهتمامات الدولية الحالية، فإن اليمن، ليست جزءا من الاهتمامات الأميركية، ما يعني أن بإمكان السعودية التفاهم بشأن هذا الملف مع إيران، من دون إشراك الولايات المتحدة. ويمكن للوساطة العراقية، في حال نجاحها، أن تفتح خطوط تواصل إقليمي بين طهران والرياض عبر بغداد، من دون المرور بواشنطن، للتخفيف من حدة التوتر، الذي بلغ مداه الأقصى في هذه الأيام. وكشفت الهجمات التي استهدفت منشآت ارامكو لتكرير النفط، عن مدى الاضرار البالغة، التي يمكن لإيران أن تلحقها بالسعودية، إذ تسببت هذه الهجمات في شلل للاقتصاد السعودي، وخلفت آثارا يصعب تلافيها بسرعة. وينطلق العراق في مشروع الوساطة من حاجته الملحة إلى ضمان ألا تتحول أراضيه إلى ساحة لمواجهة إقليمة، فضلا عن حاجة إٍيران حاليا إلى تنفيس الضغط الداخلي الهائل، بسبب آثار العقوبات الاقتصادية. لكن المرتكز الرئيسي للوساطة العراقية يستلهم الحاجة السعودية الكبيرة لاتفاق ينهي حالة القلق التي تسيطر على الرياض، بسبب المخاطر المحيطة. وتعول بغداد على هذه المعطيات المقلقة، لإقناع أطراف الأزمة بقبول وساطتها العاجلة، وتخفيف الاحتقان في المنطقة. على هذا، تتوقع المصادر أن يقوم العراق بـ “خطوة كبرى” نحو السعودية، خلال الأيام القليلة المقبلة، من دون أن تحدد طبيعتها. ومع أن السعودية لم تعلن صراحة نيتها بحث مسار سلمي للأزمة في المنطقة، إلا أنها استخدمت لغة هادئة خلال الأيام التي تلت الهجمات على أرامكو، في إشارة إلى أنها تتجنب التصعيد. على الجهة المقابلة، تعمل إيران في مسارين، وفقا لمحللين وخبراء، يركز الأول على تشجيع هجمات داخل الأراضي السعودية، من قبل حلفاء في اليمن بشكل أساسي، بينما يتمثل المسار الثاني بصيغة إعلان طهران المتكرر استعدادها للمفاوضات بهدف التفاهم. ويضع الخبراء المبادرة الإيرانية لحماية أمن الخليج بمشاركة السعودية في سياق المسار الثاني، جنبا إلى جنب مع الإعلان الحوثي عن وقف الهجمات بالطائرات المسيرة ضد السعودية، فضلاً عن الدعوة “الهادئة”، التي وجهها زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله، يوم الجمعة، إلى الرياض لإغلاق الملف اليمني، من دون أن يصحبها الهجوم التصعيدي المعتاد ضد السعودية. وتقول المصادر، إن الأيام القليلة المقبلة قد تكون حاسمة فيما يتعلق بمستقبل الأزمة الإقليمية، التي يقع العراق في قلبها.

علق هنا