ثلاثة عوامل و”لحظة حرجة”: هل يكمل عبدالمهدي سنواته الأربع رئيساً للوزراء؟

بغداد- العراق اليوم:

بدا رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، مطمئنا وهو يجيب على سؤال بشأن ما إذا كان سيكمل مدته الدستورية على رأس الحكومة، وهي أربع سنوات، أم أن القوى السياسية قد تخطط للإطاحة به، بهدف تشكيل حكومة “مواجهة”، في ظل التصعيد المستمر بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة. ورد رئيس الوزراء، على السؤال، خلال مقابلة مع إعلاميين بالقول، إنه يستبعد أن تكون القوى السياسية العراقية “بلا غيرة”، وتقدم على “مغامرة” استبدال رئيس الحكومة، في هذا التوقيت الحساس. وبالرغم من أن رئيس الوزراء لم يقدم إجابة محددة على السؤال الافتراضي بشأن مستقبله على رأس الحكومة، إلا أنه حاول الظهور بمظهر “الزاهد في الحكم”، عندما أشار إلى أنه لم يتقدم إلى هذه المهمة، بل القوى السياسية هي التي عرضت عليه الأمر. ويبدو أن السؤال المتعلق بمصير عبدالمهدي، لا يبتعد كثيرا عن دائرة الجدل التي تحيط بالعملية السياسية برمتها، في ظل ما باتت تشعر به الحكومة من استقرار سياسي وصلابة، ما قد يثير قلق الأطراف السياسية التي أرادت تشكيل حكومة تبقى مكشوفة وعاجزة، ويمكن الإطاحة بها في أي وقت. ولم يتردد عبدالمهدي في الإشارة بصراحة إلى هذا الأمر، عندما كرر التأكيد، خلال المقابلة المذكورة، أن حكومته الآن أكثر صلابة واستقرارا من لحظة تشكيلها. ويربط متابعون استمرار عادل عبدالمهدي في منصبه رئيسا للوزراء، بثلاثة عوامل، قد يؤثر أحدها أو جميعها في مسار الأحداث، بعمق، خلال الشهور القادمة. وفي مقدمة هذه العوامل، يقف التوازن الذي يجب أن يلعبه عبدالمهدي في علاقات العراق بكل من الولايات المتحدة وإيران. ولا يمكن توقع استمرار الاستقرار السياسي في العراق، في حال قررت الحكومة الوقوف إلى جانب طرف، ضد طرف آخر في الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، بالرغم من إشارات القلق الكثيرة الواردة من واشنطن، بشأن حقيقة الحياد العراقي في هذه الأزمة، والشكوك بشأن ميول بغداد لنصرة طهران في هذه المواجهة. ويبدو أن الولايات المتحدة ترجمت مخاوفها هذه، عبر إلغاء، أو في الأقل، تأجيل موعد زيارة عبدالمهدي إلى واشنطن، الذي كان مقررا في الثاني والعشرين من الشهر الجاري. وبالرغم من أن عبدالمهدي أصر على أن علاقات حكومته بالولايات المتحدة “جيدة”، إلا أنه لم يقدم تفسيرا مقنعا لسبب تأجيل زيارته إلى الولايات المتحدة. وستراقب الولايات المتحدة وإيران، كل من جهتها، موقف بغداد في الأزمة بينهما، وسط توقعات بأن تتعرض حكومة عبدالمهدي لهجوم سياسي من حلفاء طهران أو واشنطن، في حال مالت في هذا الصراع إلى إحداهما دون الأخرى. ويقوم العامل الثاني المتعلق باستمرار عبدالمهدي رئيسا للوزراء، على جدلية علاقة الحكومة بالقوى السياسية، واستعداد الأخيرة لتجميد رغباتها السياسية، ومنح الأولى فرصة تجريب برنامجها الذي أعلنت عنه. وحتى الآن، لا يبدو أن القوى السياسية الفاعلة، تساعد حكومة عبدالمهدي كثيرا، إذ تشي التسريبات القادمة من كواليس المفاوضات على شاغلي الدرجات الخاصة بصراع محتدم بين داعمي رئيس الوزراء، على المناصب المهمة في الدولة. ويقر عبدالمهدي علنا بعدم قدرته على “العمل خارج الواقع السياسي”، مذكرا بأهمية “أخذ أوزان القوى السياسية بعين الاعتبار” عند اختيار شاغلي الدرجات الخاصة، في إشارة إلى محاولة إرضائها. وسيوثر رضا الأطراف السياسية المهمة عن الحكومة في ملف الدرجات الخاصة، على مصير عبدالمهدي نفسه، وهي معادلة تحيط بها الكثير من المحاذير. ويقوم العامل الثالث المتعلق بمصير عبدالمهدي، على فرضية نجاح الحكومة في برنامجها الوزاري، ما يمنحها صلابة كافية لمواجهة سياسية مع الأطراف التي تخطط لإطاحتها. ويعتمد هذا العامل، على استعداد عبدالمهدي شخصيا، للتمرد على التفاهمات التي أتت به رئيسا للوزراء، لا سيما إذا عادت هذه التفاهمات نفسها لمحاولة الإطاحة به. ويعتقد كثيرون أن الحكومة التي تشكلت بتفاهم بين الفتح وسائرون، يمكن أن تسقط بتفاهم بين الفتح وسائرون. لكن هذه الحقيقة تبدو ناقصة نوعا ما، بالنظر إلى طيف القوى الواسع، الذي لا يشترك في تفاهمات الفتح وسائرون. ويرتبط هذا العامل بقدرة الحكومة على الإحساس بمدى “نجاحها”، ما يدفعها إلى التمرد على الغطاء السياسي الذي أراها النور، لصالح تفاهم جديد مع قوى برلمانية مختلفة. وربما يدفع أحد هذه العوامل، أو جميعها، في لحظة ما، إلى طرح الثقة بالحكومة، وسط غياب لليقين بشأن مدى نجاح أو فشل خطوة كهذه، لا سيما مع القناعة التي يبدو أنها تستقر في نفس عبدالمهدي تدريجيا، بشأن عجز القوى السياسية عن تقديم بديل له، في هذه اللحظة الحرجة.

علق هنا