خبير زراعي يقدم تفسيراً “مثيراً” لحرائق الحنطة: توقفوا عن اتهام إيران والسعودية!

بغداد- العراق اليوم:

دعا الخبير العراقي في الزراعة والموارد المائية تحسين الموسوي إلى التعامل مع قضية حرائق محاصيل الحنطة والشعير وفقَ المعايير العلمية، والابتعاد عن اطلاق التفسيرات الشعبية التي قال إنها لم تساهم يوماً في حل المشكلة، مستعرضاً متابعاته مع خبراء ومختصين آخرين لقضايا تلف محصول الطماطم، ونفوق الأسماك وانفلونزا الطيور ومؤخراً حرائق مزارع الحنطة والشعير. وقال الموسوي  إن “مواصلة اتهام دول الجوار، كايران او السعودية او غيرهما مع كل حادثة بيئية يوفر حلاً مريحاً بالنسبة لأطراف عديدة، وهو –حتى مع فرض وجوده- لا يعفي مسؤولية الجهات الحكومية ولا ينفي وجود الفشل الواضح في إدارة ملف الزراعة والثروة الحيوانية في البلاد”

إلغاء انتاج وزارة الزراعة

وبيّن الموسوي، إن “أحد أخطر القرارات التي ضربت القطاع الزراعي في العراق، هو ما اتخذ إبان فترة  الوزير عز الدين الدولة، والذي اوقف انتاج وزارة الزراعة وحولها إلى جهة استشارية، حيث توقف انتاج المشاريع التابعة للوزارة، والتي كانت مشاريع رصينة يمكن السيطرة على شبهات الفساد فيها بشكل أكبر”

“كارثة نقل الصلاحيات إلى المحافظات”

وانتقد الموسوي ما وصفها بـ”كارثة” نقل صلاحيات وزارة الزراعة إلى المحافظات، مضيفاً “ملف الزراعة والانتاج الحيواني، قضية ستراتيجة تتعلق بأمن الدولة الغذائي، ونقل الصلاحيات كان قراراً خاطئاً بالتأكيد، وفتح الباب أمام العشوائية في توريد اللقاحات كما ساهم في جوانب كثيرة بعرقلة الخطط السيادية، وهو ما اخرج ملف الزراعة من سيطرة الجهة المسؤولة التي ترسم السياسات وتدير الملف، إلى المحافظات

“التعويضات”

وحول بيان وزارة الزراعة الذي قال إن بعض حرائق المزارع إنما كانت على يد المزارعين أنفسهم بهدف التخلص من مخلفات المحاصيل، قال الموسوي إن “هذه الطريقة معمولٌ بها بالفعل، إلا أن الجانب الأخطر في هذه الحالة هو الأحاديث والأنباء عن حرائق يفتعلها المزارعون بمحاصيلهم من أجل الحصول على تعويضات حكومية سخية، وذلك بعد ان يظهر بالنسبة للمزارع فشل محصوله لهذا العام، او لحسابات مالية أخرى وفق بعض التفسيرات التي تم تداولها أيضاً مع انتشار انباء وباء الطماطم، حين فتحت الدولة استيراد المنتوج، واضرت بالمزارعين العراقيين، وذهبت بعض التفسيرات حينها إلى أن المزارعين اتلفوا محاصيلهم بأنفسهم أملاً بحصولهم على تعويض لخسائرهم التي تسببت بها سياسة الدولة، هذه الأنباء ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد”.

ويبيّن الموسوي “لا يوجد دولة حديثة تطبق ما يُعرف بتعويض المزارعين، فبينما لا يُمكن في كثير من الاحيان معرفة المسببات الحقيقية للحرائق والكوارث بشكل عام، فإنه من غير الممكن أيضاً ترك المزارعين ليواجهوا مصيرهم عند تعرضهم لمثل هذه الحالات، ولذلك طوّرت الدول المتحضرة قطاع شركات التأمين، التي تتكفل هي بالتحقيق والتفاهم والتعويض.. أما دفع مبالغ مالية من الموازنة العامة المخصصة للخدمات والرواتب وشؤون الدولة الاخرى فهي طريقة فاشلة وباب مشرّع لافتعال سلوكيات كثيرة..”

حالات سابقة

واستذكر الموسوي حالة قال إنها شكلت ملف فاسد واضح، إبان حكم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وتحديداً عام 2013 “حين أتلفت الظروف الجوية محاصيل زراعية كثيرة وتسببت بتعفنها، إلا ان برقية صدرت من رئاسة الوزراء، وجهت وزارة التجارة باستلام المحاصيل ودفع اثمانها، رغم فسادها، الأمر الذي دفع المطاحن للاعتذار عن استلام تلك الدفعات، ليصدر توجيه حكومي آخر بتعويض المزارعين مالياً رغم استلامهم أثمان محاصيلهم التالفة، وقد استخدمت القضية انتخابياً في حينها لتزامنها مع قرب موعد انتخابات العام 2014”.

“نداءات”

ويقول الموسوي إنه لا يكشف سراً حين يؤشر مع فريقه الفشل الواضح، والعفوية الحكومية في التعامل مع ملف الزراعة في العراق “بإمكاننا إعلان الاكتفاء الذاتي من التمور والقمح والاسماك والدواجن وحتى اللحوم وبعض اصناف الخضروات خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر، اعددنا دراسات حول هذا، لكن أحداً من المسؤولين لا يتفاعل مع الخبرات الوطنية، والبعض لا يفهم ما نقول.. سواء في الحكومة أو في لجنة الزراعة النيابية، حيث يتم توزيع المسؤوليات وفق الترتيبات السياسية وبعيداً حتى عن استشارة المختصين.. ولهذا وجهنا نداءات وارسلنا مئات الرسائل إلى رئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، كما عاتبت رئيس الجمهورية على اكتفائه بالاجراءات الشكلية وعدم دخوله إلى عمق المشكلة الزراعية في البلاد، حتى أننا وجهنا نداءات ورسائل إلى المرجعية الدينية في النجف وكربلاء، وكذلك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للتدخل والاستماع إلى ما لدى الباحثين العراقيين المختصين من حلول ومقترحات..”.

علق هنا