بغداد- العراق اليوم: نـــــــــــزار حيدر ١/ إِذا أَراد العراق أَن يتجاوز هذه المرحلة الحسَّاسة والخطيرة من الديبلوماسيَّة بسبب وجودهِ في بُؤرة الصِّراع الأَميركي الإِيراني لطبيعتهِ الجيوسياسيَّة فعليهِ أَن يحدِّد مصدر التَّعبير عن سياساتهِ الخارجيَّة، وأَقصد بهِ طبعاً وزارة الخارجيَّة، فلا يدَع مَن يشاء يعبِّر عنها كيفَ يشاء؟! ومتى ما يشاء؟! فذلك يورِّط البلاد ويحمِّلها ما لا تُطيق من المواقف في هذا الظَّرف الحسَّاس! كما أَنَّ ذلك يُفقدهُ القُدرة على المُناورةِ لحماية أَمنهِ القومي ومصالحهِ الوطنيَّة الإِستراتيجيَّة. ويضحك على ذقنهِ ويتلاعب بالأَلفاظ مَن يتصوَّر أَنَّ بإِمكان العراق أَن يكونَ وسيطاً في أَيَّة أَزمة في ظلِّ الفَوضى بالتَّصريحات، فالبلدُ يقف قلِقاً على [قِشرة موز] فأَفضل لَهُ أَن ينشغلَ بنفسهِ في هذه المرحلة من أَن يتورَّط بقضايا يعرف القاصي والدَّاني أَين تكمُن مفاتيحها!. وإِذا كان يُفكِّر بشيءٍ فعليهِ أَن يتعاون مع المُجتمع الدَّولي لردعِ الرَّئيس ترامب عن سياساتهِ المأزومة والذي إِذا استمرَّ في التَّصعيد فسيُدخل المنطقة في خطرٍ لن يكونَ بإِمكان العراق وغيرهِ أَن يقف متفرِّجاً بذريعةِ الحَياد الإِيجابي! فالعراق جزءٌ من محيطٍ لا يمكنهُ عزلَ نفسهِ عَنْهُ أَبداً!. ٢/ ليس من حقِّ واشنطن أَن تُملي على بغداد وتُعلِّمها إِلتزاماتها فيما يتعلَّق بالعقوبات التي تفرضَها على طهران! فمصالح العراق بكلِّ تأكيد تختلفُ عن مصالح الوِلايات المتَّحدة في هذا الأَمر! وإِذا كانت واشنطن صادقةً فيما تقولُ وتدَّعي من أَنَّها تحرص على مُساعدة العراق لإِنتهاج سياسة الحَياد الإِيجابي سواء مع جيرانهِ أَو الدُّول الإِقليميَّة والمُجتمع الدَّولي، فلتدع العراقيُّون يختارونَ خطواتهُم السياسيَّة بما يحقِّق مصالحهُم، وما على واشنطن إِلَّا إِحترام هذه الإِرادة السياديَّة المُستقلَّة، فمِن مصلحة الوِلايات المتَّحدة أَن يكونَ العراق مستقِلّاً في سياساتهِ الخارجيَّة وإِلَّا فسيختار جارتهِ الشرقيَّة على كلِّ جيرانهِ الآخَرين! بل وحتى على واشنطن لأَسبابٍ يعرفها القاصي والدَّاني!. ٣/ سياسة ترامب الحاليَّة قائمةٌ على مبدأَين؛ أ/ الإِستفزاز للإِبتزاز. ب/ سياسة حافَّة الهاوية. مشكلتهُ أَنَّهُ يظُنُّ أَنَّ هذه السِّياسة تنجح مع جميعِ الأَطراف الإِقليميَّة والدوليَّة، فعندما ينجح بهذهِ السِّياسة وبامتياز مع الرِّياض مثلاً فيحلب ضرعَها حلباً [مُستداماً] وبِلا رحمةٍ يظنُّ أَنَّها ستنجح كذلكَ مع طهران أَو أَنقرة أَو حتَّى دِمشق! ويتغافل عن التَّجربة الَّتي أَثبتت فشل التَّعميم!. ٤/ نظام [آل سَعود] الإِرهابي الفاسد مُجبر على إِبتلاع كلَّ هذا الكمِّ الهائل من الإِهانات التي يتلقَّاها من الرَّئيس ترامب، وذلك لسبَبَين؛ أ/ أَنَّهُ هو الذي يحميهِ من الكونغرس وأُوروبا التي قرَّرت الإِنتقام من [محمَّد مِنشار] بسببِ الجريمة التي ارتكبَها في قنصليَّة بلادهِ في إِسطنبول!. ب/ وهو القادرُ على ترجيحِ كفَّة طهران في الصِّراع المصيري الذي ورَّط بهِ الرِّياض مع طهران وكذلك مع الدَّوحة وأَنقرة!. ستظلُّ واشنطن تحلِب ضرع البقرة الخليجيَّة بسببٍ أَو من دونِ سببٍ!. ٥/ ما يفعلهُ [محمَّد مِنشار] لحدِّ الآن هو نسخةً طِبق الأَصل لكلِّ ما فعلهُ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين عندما استفردَ بالسُّلطة عام ١٩٧٩!. وأَنَّ الذي صنعَ الطَّاغية هو نفسهُ الذي صنعَ الإِرهابي [بن لادن] ونفسهُ الذي صنعَ الإِرهابي [أَبو بكِر] ونفسهُ الذي يصنع اليَوم [محمَّد مِنشار]!. انه الغرب الأحمق الذي لم يتعلم من تجاربه!. ٦/ نظام [آل سَعود] والتَّنظيمات الإِرهابيَّة [داعِش نُموذجاً] وجهان لعُملةٍ واحدةٍ وكلاهُما يقدِّمان [الدَّليل] على طبقٍ من ذهبٍ للغرب العُنصري لإِتِّهام الإِسلام بالتطرُّف والدمويَّة!. كلاهُما يوظِّفان النصَّ القُرآني في بيانات القتل والذَّبح وحزِّ الرِّقاب وحرق أَجساد وجِثث الضَّحايا وسبي النِّساء واغتصابهنَّ وبيعِهنَّ وتعذيب السُّجناء والتعدِّي جنسيّاً على السَّجينات وتدمير الحَضارة والمدنيَّة والتُّراث والتَّاريخ!. ١٠ مايس [أَيَّار] ٢٠١٩
*
اضافة التعليق