بغداد- العراق اليوم:
تساءل الكاتب الكويتي المعروف نجم عبد الكريم في مقال منشور له اليوم عن الجهة التي وقفت بين مقتل الاسرة الحاكمة في روسيا القيصرية، رابطاً ذلك بما حدث في العراق بعد ذلك بعدة عقود، ونعيد نشر هذه المقالة الممتعة لاهميتها: من قتل الاسرة الحاكمة جريمةٌ تنصَّل منها الكثيرون، وحتى اليوم لا أحد يعرف مَن الذي أصدر ذلك الأمر الخطير بارتكابها، وهي جريمة كان ضحيتها قيصر روسيا نيقولا الثاني وكل أفراد أسرته، ولم يكن لارتكاب هذه المجزرة ما يبررها، ولن أزعم بعد مرور كل هذه السنين، عبر مطالعاتي، بأنني توصلت إلى مرتكبها، فحتى هذه الساعة لا يزال يكتنفها الكثير من الغموض، وتحيط بها الأسرار، كما لا تزال خلفيات هذه المأساة المروعة مجهولة. ولعل الإتيان على بعض الأحداث التي وقعت فيها، من خلال ما كُتب من مذكرات أو كُتب أو دراسات، يعطينا بعض الملامح غير المؤكدة، لكنها قد تقودنا إلى الاحتمالات. • هناك مَن كتب: كان من الممكن أن يعلِّق القيصر تنازله عن عرش روسيا عام 1917 على ضمانات مؤكدة لسلامته وسلامة أسرته، وضمان خروجه من البلاد، دون أن يناله أدنى أذى، وقد عرضنا عليه شيئاً كهذا في أول مفاوضات التنازل، وقلنا له: نضمن ذلك الشرط بأربعة سفراء دول أوروبية، لكنه قال: – حتى من أجل سلامتي وسلامة أسرتي أرفض تماماً أن يتدخل الغرباء في شؤون روسيا المقدسة. • كيرنسكي، الذي كتب ذلك الكلام في يومياته، كان وزير العدل للحكومة المؤقتة، ومما كتبه في مذكراته أيضاً: ”كنتُ متعاطفاً بصدق مع القيصر وأسرته، وكنتُ أسعى إلى وقايتهم جميعاً من أي أخطار قد تهدد حياتهم، بإخراجهم من البلاد إلى منفى يجدون فيه الأمن والحياة الهادئة، لكن الأمور لم تسر حسب ما كانت تقودني عاطفتي، بل إنني لم أستطع منع المجلس الثوري الجديد من اتخاذ قرار بتفتيش بيوت ومكاتب القيصر وأفراد الأسرة الحاكمة، والاستيلاء على كل ما يوجد فيها من وثائق ورسائل وبرقيات، زعم وزير حربية المجلس الثوري الجديد أنها تُدين القيصر وأسرته بتهم الخيانة العظمى التي من شأنها أن تطيح رؤوسهم جميعاً“. • فإلى جانب تصلُّب القيصر على موقفه، فقد ساهمت عدة عوامل أخرى في خروجه والأسرة، مما أدى إلى حدوث تلك المجزرة البشعة. • الحصار الألماني البحري المفروض على الدول الإسكندنافية جعل خروج القيصر وأسرته باتجاه إسكندنافيا متعسراً. • السفير الفرنسي لدى روسيا قال إن حكومته لا تريد إغضاب الحكومة الجديدة، فلم يقبل التفاوض في موضوع ترحيلهم إلى فرنسا. • بريطانيا كانت تسوِّف، بترديد أعذار توحي بعدم رغبتها في استقبال القيصر وأسرته. • مجلس وزراء الحكومة الثوري الجديدة رفض رفضاً باتاً مجرَّد البحث في خروج نيقولا الثاني وأفراد أسرته. • كل هذه العوامل، وغيرها، جعلت القيصر وأسرته رهينة بأيدي أُناس زعموا لهم بأنهم سيتكفلون بإخراجهم إلى ثغر من الثغور الروسية، ليتمكنوا من اللجوء إلى إحدى الدول، وفي هذه الأثناء تمت تصفيتهم جميعاً… فمن وراء ذلك كله؟! أول الأسماء التي ذُكرت في هذا العمل الدموي: ستالين. • كرر التاريخ نفسه في العراق عام 1958 عندما تمت تصفية الأسرة المالكة على يد عبدالسلام عارف.
*
اضافة التعليق