بغداد- العراق اليوم:
نـــــــــــــزار حيدر لأَسبابٍ عدَّةٍ، منها؛ ١/ غَياب المشروع الوطني الموحَّد، سواءً عِنْدَ السياسيِّين والكُتل السياسيَّة والأَحزاب أَو عِنْدَ النُّخب مثل المُثقَّفين ومنظَّمات المُجتمع المدني وأَمثالهم! فلكلِّ واحدٍ منهم مشروعهُ ولكلٍّ أَولويَّتهُ! إِذ [كلٌّ يُغنِّي على ليلاهُ]. فَلَو سأَلتَ [١٠] عراقيِّين عن رأيهم بالشَّيء الذي يحتاجُ إِلى إِصلاحٍ فستجدَ أَنَّ لكلِّ واحدٍ منهم رأيٌ وأَولويَّة يقدِّمها على أَولويَّات الآخَرين! ما يعني أَنَّهُم لم يُبلورُوا مشروعاً واحداً واضحاً للإِصلاحِ! ولذلكَ تتشتَّت جُهودهُم وتتبعثر مُحاولاتهُم!. ولهذا التَّشرذم في الرُّؤية الإِصلاحيَّة أَسبابٌ ومُسبِّبات، منها تحكُّم المُحاصصة في العمليَّة السياسيَّة والتي من طبيعتِها أَنَّ كلَّ كُتلةٍ تتستَّر على أَخواتِها في أَيِّ خطأٍ أَو فسادٍ أَو فشلٍ. كما أَنَّ النَّظرة الضيِّقة للواقع ورُؤية الأَشياء بعَينٍ واحدةٍ تحولُ دون اكتشافِ كلِّ أَبعاد الصُّورة الحقيقيَّة للمُشكلةِ ولذلكَ فإِنَّ لكلِّ مُواطنٍ أَولويَّة هي نَتاج نظرتهِ لهذا الجُزء دُونَ الأَجزاءِ الأُخرى!. فضلاً عن أَنَّ لِغَياب الشُّعور والإِنتماء الوطني وحَنين السياسيِّين على وجهِ التَّحديد لهذهِ القوَّة الإِقليميَّة أَو لِتلكَ الدوليَّة يُبعثِرُ الرُّؤية ولا يشكِّل منها وحدةَ موضُوعٍ كما يَقُولُ المناطقةُ. ٢/ في المَثَل العراقي [لُو باشا لو أَمُوتَن] بمعنى [إِمَّا أَن أَكونَ ملِكاً أَو أَن أَموتَ] فليس في الأَمر منطقةٌ وُسطى قد يقبل بها المُواطن لحينِ التسلسُل والتسلُّل إِلى المناطق والمراتبِ الأَعلى!. هذا المثَل يعبِّرُ عن واقعٍ نعيشهُ على مُختلفِ المناحي ومنها مشاريعِ الإِصلاح! فهي بالنِّسبةِ إِلى المُواطن إِمَّا أَن تكونَ جذريَّةً وشاملةً أَو لا تكون، وبما أَنَّهُ لا يمتلك أَدوات الإِصلاح الجذري والشَّامل لأَنَّهُ، ببساطةٍ، لم يهيِّئ لَهُ شيئاً منها! ولذلكَ يفشل في فعلِ شَيْءٍ لأَنَّهُ ليسَ مُستعدّاً لأَن يبدأَ إِذا لم يكُن التَّغيير شامِلاً!. بمعنى آخر أَنَّهُ لم يستوعب جَوهر قول أَمير المُؤمنينَ (ع) {مَنْ طَلَبَ شَيْئاً نَالَهُ أَوْ بَعْضَهُ}. إِنَّ مَن يشترط أَن يكونَ التَّغيير جذريّاً وشاملاً وإِلَّا لا يبداً بشيءٍ! يحلمُ وينظرُ إِلى سرابٍ وسيطولُ انتظارهُ!. ٣/ لقد عادَ الكثيرُ من العراقيِّين لتتسمَّرَ عيونهُم إِلى الخارج لتحقيقِ [الإِصلاح] أَو بالمعنى الآخر [التغيير] متذرِّعينَ بالقَول [إِنَّ أَميركا هي التي جاءت بهِم، وهيَ القادِرة على أَن تذهب بهِم]!. مَن يفكِّر الْيَوْم بهذهِ الطَّريقة عليهِ أَن يُشكِّك بعقلهِ ويتَّهِم ذاكرتهِ!. ٤/ وإِنَّ أَكثرَ ما يُثيرُ الشَّفقة هو أَنَّ كلَّ الذين يفكِّرونَ في الإِصلاحِ غَير مُستعدِّين للبدءِ من أَنفسهِم! فالإِصلاحُ برأيهِم ضرورةٌ وطنيَّةٌ شريفةٌ! شريطةَ أَن يبدأَ من الآخَرين وليسَ من عندِ أَنفسهِم! على طريقةِ ذاك الذي سأَلوهُ عن رأيهِ بالمَوت فأَجابهُم؛ الموتُ حقٌّ ولكنَّهُ على جِيراني!. ٥/ بحمدِ الله تعالى فلقد كفَتْنا وسائلَ التَّواصل الإِجتماعي عناءَ البدءِ بالتَّغيير والإِصلاح ببذلِ الجُهدِ والمُثابرةِ! فلقد اكتفى أَغلب [الإِصلاحيُّون] بكتابةِ ونشرِ المقالاتِ والبُحوثِ العِملاقةِ التي تُنظِّر للإِصلاحِ!. تُرى؛ فمَن الذي سيُنفِّذ يا تُرى؟!. لقد أَفرغت وسائلَ التَّواصل الإِجتماعي كلَّ اندفاعَنا الثَّوري وحماسَنا الوطني المطلوب بذلهُ لإِنجازِ الإِصلاحِ والتَّغيير!. ٦/ وإِنَّ أَكثر ما يُثير الإِستغراب، ولا غرابةَ، هو أَنَّ أَعاظِم الفاسدين والفاشلين من السياسيِّين والمسؤُولين مُرحَّبٌ بهم أَشدَّ التَّرحيب في مجموعاتِ وسائلِ التَّواصل الإِجتماعي من قِبَل مَن يدَّعي أَنَّهُ ضدَّ الفساد والفشل، وأَنَّهُ صاحِبُ مشروعٍ إِصلاحيٍّ! وإِذا قَالَ أَحدٌ لأَحدِ الفاسدينَ [على عَينِكَ حاجِبٌ] يُطرَدُ من المجموعةِ فوراً إِحتراماً لمقامِ الفاسدِ ومكانةِ الفاشلِ ولـ [الذَّاتِ]!. فالحصانةُ النيابيَّةُ تسري لـ [الواتس آب] كذِلكَ!. ...ثُمَّ يتحدَّثونَ عَنِ الإِصلاحِ؟!. ٧/ وأَخيراً؛ ففي المثلِ العراقي [سَلِق بَيض] وهو إِشارةٌ إِلى التسرُّع في العملِ من دونِ الإِستعدادِ أَو خلقِ الفُرصِ وإِيجادِ الأَسبابِ والأَدواتِ! تمثيلٌ مُتطابقٌ دقيقٌ لواقعِ الحالِ الذي نمرُّ بهِ!. فبعدَ كلَّ هذا التَّراكم في الفسادِ والفشلِ وعلى مُختلفِ الأَصعدةِ، يتمنَّى العراقيُّون لَو يظهرَ لهُم الجِنِّي القابِع بالفانُوسِ السِّحري ليأمرُوهُ وينفِّذ فيتغيَّر كلَّ شَيْءٍ وتنقلبَ الأُمُور فيقضُونَ على الفسادِ ويتمَّ إِصلاح الأُمور برمشةِ عَينٍ!. أَو أَن يملكُوا عصا موسى السحريَّة ليفلقُوا بها هامةَ [العِصابةَ الحاكِمَةَ] وبلحظةٍ يتغيَّر كلَّ شَيْءٍ!. أَو أَن يعثرُوا على {الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ} ليأتي لهُم بالفسادِ عِنْدَ أَقدامهِم قَبْلَ أَن يرتدَّ إِليهم طرفهُم!. لا يا سادة؛ فالإِصلاحُ لا يتمُّ بهذهِ الطَّريقةِ أَبداً! إِنَّهُ مشروعٌ وطنيٌّ شاملٌ بأَدواتٍ نزيهةٍ ورُؤيةٍ بعيدةِ المدى وزمنٍ كافٍ تتفاعلُ خلالهُ العناصر وتتكامل بالأَدوارِ لتحققِ النَّتيجةِ المطلُوبةِ!. ١٦ نيسان ٢٠١٩
*
اضافة التعليق