بغداد- العراق اليوم:
كتب الدكتور علي المرهج هذه الرسالة الى الفنان حسين نعمة، ننشرها كما هي دون حذف أو اضافة :
" رغم تعاطفي معك حول ما ذكرته عن حالتك الاقتصادية التي تستجدي فيها عواطف أمراء الخليج بعد أن فقدت ولي نعمتك المقبور، وأشهد أنك كُنت شاطراً في الاستجداء حينما أظهرت عورة عوزك مُدعياً بقولك أنك تعيش شظف العيش كما صرّحت بمنشورك.. وأعلم علم اليقبن انك فنان أطربت الأسماع وشنفت الآذان، إلّا أنك أثبتّ أنك تُباع وتُشترى كما كان حالك أيام صدام حينما كُنتّ تتغنى بقائدك المنصور الطاغية المقبور (العزيز أنت..انت) و (بين الشعب وبينك..)، وأنت الآن تطرح نفسك في (مازاد) الدول الخليجية وإن لم يستجيبوا فالدول الغربية!... وسيتعاطف معك الكثيرون بقولهم فنان بحجم حسين نعمة هذا هو حاله، يا بؤس هذه الحكومة لا تُجيد تقدير الفنانين، فلأمم تُعرف بفنونها!!... أم كلثوم ايام عبدالناصر بعد ثورته مُنع بث أغانيها وأغانيك لم تُمنعُ... سأل عبدالناصر لماذا لم تُبث أغاني أم كلثوم، فقيل له أنها غنت للعهد البائد، فخاطبهم عبدالناصر قائلاً: إذن هدموا الهرم لأنه بُني في عهد الفراعنة!!، ولكنك لا بكرامتك تشبه أم كلثوم ولا قادتنا يشبهون عبدالناصر... فأنت متسول لا تشبه قيثارة سومر بعنفوانها ولا زقورة أور بثباتها وتحديها... في لقاء معه من على قناة الشرقية استعرض عشرات التحف الثمينة التي يقتنيها في بيته يكتنزها في غرفة خاصة وأظهر شطارته في تجارة التُحف.. لا أعرف من لأولاد (الخايبة) المُهجرين والساكنين في بيوت الصفيح الذين لا صوت لهم يُسمع مثل صوت (حسين نعمه) الذي يُجيد دغدغة العواطف.. آلاف العراقيين يموتون في برد الشتاء وحرّ الصيف فلا من ناصر ينصرهم، وكم من أبناء هؤلاء ضحى بنفسه من أجل أن نعيش نحن وحسين نعمة بأمان، وعوائل هؤلاء الشهداء لا أمان لهم في ارض العراق ولا سقفٍ يأويهم يعيشون في خيم أو غرف مصنوعة من (الجريد) أو (الصفيح)... عمي (حسين نعمة) احمد ربك وأشكره وتهده وحط رجلك بالكاع..كضّيت عمرك تعيش على دماء المصدكين بالسالفة..تُغني وتأخذ هدايا من الدكتاتور واليوم تأخذها تسولاً من بعض الذين يحملون لك ذكرى طيبة لجمال صوتك وعذوبته والله (يا حريمه)... بطّل لعبة التسول على قاعدة (عزيز قوم ذل)، ذكرتني بفلم عادل إمام (المُتسول) الأنيق، فأنت لم تذق الذل الذي يستحقه من هم مثلك من الذين كانوا عوناً للطاغية الذي فعل ما يندى له جبين الإنسانية حين ذِكره وأنت عشت سالماً غانماً...وجنت تغني (كوم أنثر الهيل...). اعتبر بفنانين كبار مثل: كوكب حمزة، وسامي كمال، وقحطان العطار، وفؤاد سالم.، وآخرون ممن هم من أبناء جيلك لم يُطبلوا للطاغية، وعاشوا الغربة وضنك العيش، ولم يستفيدوا من دولة ما بعد الدكتاتور التي أفدّت منها بمعونات اجتماعية من احدى الرئاسات الثلاث في استكمال بناء بيتك.. فنانون أمثالك حافظوا على تاريخهم ناصعاً ولم يتسولوا ولم يُعرضوا أنفسهم في سوق النخاسة الخليجي وأغلبهم هُم أحوج منك!.. أصبر شويه، عشت أجمل سني عُمرك تلعب بالفلوس لعب راكب سيارة السوبر هدية الطاغية وتتمختر بشوارع بغداد وي سعاد عبدالله وغيرك بالجبهة يحارب يوميه يشوف الله بعينه... لا تخجلنه..ولا تستجدي وإن كان الاستجداء يليق بك ولكنه لا يليق بالعراقي الأصيل لو أنهكه الفقر وأنت لم تذق طعم الفقر حقاً كما تدعي.."
*
اضافة التعليق