بغداد- العراق اليوم:
حين تحدث رئيس مجلس الوزراء السيد عادل عبد المهدي عن أهمية تشكيل مجلس اعلى لمكافحة الفساد في البلاد، اشار بوضوح الى أن هذا المجلس لن ينجح دون شراكة مجتمعية واعلامية، مؤكداً ان الصحافة ووسائل الاعلام الوطنية ستلعب دوراً في عمل هذا الملف، وتؤسس لشراكة منتجة في ملف مكافحة الفساد ومحاربته، كونها الضمير الحي للمجتمع، لذا ومن هذه المسؤولية الشرفية فأننا نضع هذا الملف امام السيد عبد المهدي ومجلس مكافحة الفساد ليكون هذا الملف من بين اوائل الملفات التي ستفتح عما قريب، ويرى العراقيون عزم الحكومة وهمتها في فضح الفساد ورموزه.
من بين هذه الملفات، ما تسرب من وثيقة رسمية صادرة عن مسجل الشركات، حول قيام مجموعة من الموظفين الصغار، وطلاب الحوزة الدينية، وتحديداً أبناء (الفضيلة)، بتأسيس شركة في العام 2015، برأسمال 50 مليار دينار عراقي، في إطار مساعي هذه الجماعة لامتلاك مصرف اسلامي أهلي يعمل في البلاد، ولعل الأمر المثير في هذه القصة، أن هؤلاء الاشخاص الذين لهم صلة بالمرجع محمد اليعقوبي، هم من فئة صغار الموظفين، أو رجال دين بسطاء، وليسوا من اصحاب رؤوس الأموال، أو رجال الأعمال المعروفين، الأمر الذي يضع الف علامة استفهام حول مصدر هذه المبالغ الطائلة، ومن أين استحصلت، لاسيما مع شيوع الحديث عن تورط الفضيلة مبكراً بعمليات تهريب نفط البصرة، وقيامه بتأسيس هيئة اقتصادية خاصة به لاتزال تعمل بجد في إطار الصفقات الفاسدة، والنهب المنظم للمال العام، ومن ثم القيام بعملية غسيل شرعية له، عبر تصدي محازبيه لتأسيس شركات ومصارف بأسمائهم أو ذويهم، في أكبر عملية غسيل أموال تجري في البلاد، كما أن الأمر يدعو للتساؤل مع سعي هذه المجموعة لرفع رأسمال الشركة المسماة (سما الندى) الى 200 مليار دينار عراقي للدخول ضمن اشتراطات البنك المركزي العراقي لتأسيس مصرف أهلي يسمح له بالدخول في إطار عمليات بيع العملة الصعبة المثيرة للجدل اصلًا.
واذ نضع هذه المعلومات المهمة، فأننا ندعو السيد رئيس الوزراء شخصياً للتحقق منها، واحالتها الى المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، والتحقق من طبيعة الحصول على مبالغ طائلة كهذه، وكيف تمكنت هذه الجماعة من الحصول عليها، مع العلم أنها ضمن الفريق التابع للمرجع اليعقوبي او من المرتبطين بمكتبه بشكل مباشر، كما أن الدعوة مفتوحة ايضاً لهيئة النزاهة الموقرة ان تبادر سريعاً لمتابعة هذا الملف الحساس، وأن تتبع مصدر هذه الأموال بيد موظفين صغار جداً في وزارة العدل، أو رجال دين بسطاء، لا يمكنهم جمع ثروة هائلة مثل هذه، وايقاف عملية غسيل الأموال التي تجري بغطاء سياسي للأسف، وبعضه يستغل الجانب الديني، الأمر الذي يدعو الى وضع الية صارمة على المؤسسات الدينية، والزامها بكشف أصولها المالية، والذهاب اكثر في فتح ملف هيئة الفضيلة الاقتصادية وممارستها المفضوحة لاسيما ابان سطوتها على قطاع النفط والعقارات والموانئ. وبخلافه فأن الحديث عن مكافحة الفساد سيبقى في الإطار الدعائي الفج، وهو الذي لا نتمناه لرئيس الوزراء الذي نلمس جديته وحسه العالي بالمسؤولية التي تحملها، وقبل هذا كله دأبه الى ايقاف التدهور المريع للاقتصاد العراقي الذي اوغلت هذه الجماعة فسادًا وعبثًا فيه.