بغداد- العراق اليوم:
المهندس حسن الطالبي
منذ تسنمه الوزارة والى اليوم لم يصدر عن وزير النفط ثامر الغضبان اي قرارات جوهرية تمثل تغييراً في هيكل الوزارة؛ الامر الذي كان يظنه البعض جزءاً من خطط الوزير للاستقرار الوظيفي، ومراكمة خبرات العاملين في المفاصل القيادية لاسيما وان اكثرهم من الاسماء اللامعة المشهود لها بالكفاءة والنزاهة والعمل المتفاني، الا ان صمت الوزير لم يكن سوى تكتيك، كشفه امس في سلسلة تغييرات كارثية طالت مفاصل القيادة في الوزارة، وانتهت بابعاد الوجوه المعروفة، واقصاء اصحاب التاريخ المهني والجهادي والنضالي الطويل، ووضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب. هكذا نفذ الوزير تحركه وتكتيكه بعد ان اطمأن الى جنب رئيس الوزراء الذي يبدو انه منحه الضوء الاخضر؛ لتصفية الوزارة واحداث تغييرات تنسجم مع عصر يبعد فيه مناوءي البعث عن المواقع، وينصب بدلاً عنهم اصحاب الولاءات الشخصية، او المدعومين من خارج جغرافيا الوطن. الضربة التي وجهها الغضبان اليوم قوية وفتاكة، اطاحت بكل الكادر القيادي التخصصي ذي الخبرة الطويلة، لمجرد إن السيد الوزير يشك في ولاء هذا، أو في تفكير ذاك، او قد يشك في تنفيذه للأجندة التي حملها معه من عمان، حيث يعدهذا التغيير خطوة مضافة في تعزيز سطوة رجاله في مواقع العمل داخل المؤسسة النفطية العراقية. لقد انتهت الجولة الاولى من الاعفاءات الغضبانية، بابعاد وجوه لها بصمة وخبرة وانجاز، وذات عمل حقيقي في الوزارة، بل ان الوجوه التي ابعدها بحجة المداورة، كانت تسير وتنظم قطار الوزارة على السكة السليمة منذ سقوط النظام البعثي الصدامي، كما ان بعض هذه الكفاءات لها تاريخ مشرف في التصدي للبعث واجرامه، حيث ابعد الوكيل فياض حسن نعمة الى موقع غير موقعه، وهو احد اهم العقول الفنية والتخصصية في مجال التصفية، ومشكلة السيد فياض أنه رجل مستقيم لا يؤمن بالشللية والتبعية والمحاور، فضلاً عن معارضته الشديدة لتسليم البعثيين المبعدين مسؤوليات حساسة في الوزارة، بإعتبار ان وزارة النفط هي وزارة خبز ومعيشة العراقيين، ولا يجوز التفريط والتهاون بمقدراتها. كما أبعد الغضبان المهندس علي معارج، الشخصية النزيهة وصاحب الخبرة والعمل الواضح، فضلاً عن أن الرجل لم يكمل في هذا الموقع اكثر من ثلاثة اشهر ، كما ابعد المهندس كريم حطاب عن الاستخراج، وهو واحد من العقول التخصصية في هذا الميدان، وشملت قوائم الاقصاء ايضاً الوكيل معتصم اكرم الذي يعتبر مفتاح النجاح والعمل في شركة التوزيع، ليوضع في مكان غير مكانه، بل لا يفقه فيه شيئاً، فلماذا، ولمصلحة من يتم ذبح كل هذه الكفاءات المهمة، وما هي الفائدة التي تجنيها الوزارة من هذه الفعلة الغريبة؟ إني شخصياً أميل الى جانب فكرة طبخ القرار في مطابخ عمان، فكل الطرق والدلائل تشير الى مطابخ عمان فعلاً، وما ادراك ما مطابخ عمان، وما ينتج عنها ومنها من مصائب للعراق والعراقيين . انها بحق ضربة معلم، حيث اتت متساوقة مع حملة تسليط البعثيين، او اصحاب الولاءات الغامضة على قطاعات مهمة في الدولة وابعاد كل من ثبت انه عمل ضد هذا الاتجاه، او ضد المتبنى الذي يتبناه الغضبان ومن يقف خلفه للأسف، والذي اتى به لهذا الموقع المحوري. لسنا بصدد الدفاع عن احد ابداً، وان كان من ذكرنا يستحقون الدفاع والاشادة بهم لكننا نشير الى خطورة منهج الاقصاء والعزل والتهميش، الذي نؤكد ان ما حدث امس هو جزء بسيط منه، والقادم سيطال كل المرافق المهمة في هذه الوزارة، وفي غيرها على طريقة التأميم سيئة الصيت، التي جرت في عصر مباد. ان مجلس النواب باعتباره صاحب السلطة والحق القانوني في مراقبة اداء مؤسسات الدولة، وفي تعيين القيادات العليا فيها، مطالب اليوم بالتدخل بقوة في هذا الملف، وايقاف هذه العملية العبثية او البعثية لا فرق، ومنع التصفية السياسية او الثأرية التي تجري بشكل سافر وسريع، والا فالآت مندم، وسيكون قطاع النفط عرضة للانهيار والتدمير الداخلي، وهو هدف مهم وستراتيجي تبحث عنه مراكز القرار في العواصم التي يتخذها اصحاب القرارات اعلاه مقراً ومقاماً. الغريب في الأمر هو موافقة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على هذه المجزرة، وهو الذي كان وزيراً للنفط ويعرف جيداً من هو فياض حسن، ومن هو كريم حطاب، ومن معتصم اكرم، وعلي معارج، وما هي تراكمات خبراتهم المهنية، وتخصصاتهم الفنية والميدانية؟
*
اضافة التعليق