بغداد- العراق اليوم: في الكثير من الروايات العراقية والعربية والعالمية، تدور حوادث سردية عن مقتل "البطل" بوساطة أصابع مجهولة تضغط على الزناد وترديه قتيلاً بعيداً عن الأنظار او الشهود، لكن الوقائع التي تقودها الشرطة او التحقيقات الجنائية تشير الى "معلومية" القتلة بعيداً عن افتراضات المؤلف والتي غالبا ما تكون إفتراضاته تهويمية لجلب انتباه القارئ، او اشغاله بالسر الذي ربما يفضحه في آخر الرواية او يتركه لتوقعات القرّاء بقصد التشويق. في مقتل الروائي العراقي الدكتور علاء مشذوب، يكمن سرّ روائيّ عراقيّ خالص، فرجل يركب دراجة هوائيّة يصل بها بالقرب من بيته، تتعقبه دراجة نارية عليها رجال ملثمون، يفتحون النار على صاحب الدراجة وباطلاق نار كثيف حيث سكنت جسده 13 رصاصة، ربما هي ترجمة للعدد 13 المشؤوم في الذاكرة البشرية. ولغرض ايفاء الرجل حق دمه، وبعيداً عن قود التحقيقات الى مناطق يريدها البعض لإبعاد القتلة الحقيقيين، بتوجيه الإتهام الى جهات هي الآن مثل " مكروهة وجابت بنت " كما يقول المثل الشعبي، وأعني هنا ما يشيّعه البعض بان القتلة " ميليشيات مدعومة من ايران " مستندين الى ان الرجل وجّه لها انتقادات في بعض كتاباته، وينسى هذا البعض بان الروائي "المقتول من انصار ايران" قد فاز بجائزة مهمة عن أدب الرحلات ونشرها في كتاب اسماه "عواصم إيران" !! لسنا مع ايران ولا ميليشياتها، ولا نقف مع اي جهة اخرى حين يتعلق الأمر بسلامة الانسان العراقي او صون دمه، لكن بودنا ان ننبه الى قضية خطيرة ربما يتغافل عنها الكثيرون وسط هجمة الاتهامات الحالية الا وهي : ان القتلة ربما الآن يجلسون في مجلس العزاء ويضحكون في عبّهم بانهم بعيدون عن المشهد، وان "الهوسة" تأخذ الجميع الى مكان لا أثر لهم فيه.. وكما يفعل الروائيون سنتابع : هناك جريمة قتل قذرة، وهناك عقل عراقي أغتيل ظلما وعدوانا، ولابدّ أنّ تكون هناك نوايا مبيّتة وراء ذلك القتل، ربما من بعضها تأليب الرأي العام على قوات أمنية، او على جهات عشائرية، او على فئة اجتماعية او طائفية، او على اي شيء سوى القتلة الحقيقيين. فهل ينكر أحد إننا جميعنا نكتب ضد الميليشيات المسلّحة، ونهاجم انفلات السلاح بعيداً عن مذاخر الدولة، وان الفضائيات العراقية والعربية والصحف والمجلات المنتشرة في شوارعنا مليئة بالاصوات المندّدة بوجودها وبدورها في حياتنا، ونعرف إننا نجتاز الخطوط الحمر، لكننا موجودون في المقاهي وفي المنتديات الثقافية، وفي شارع المتنبي وفي شارع الرشيد وشارع السعدون وفي الكرادة، ولم نقتل؟ ولا نقول إننا بأمان من الإستهداف، لكن في الوقت نفسه من حقنا ان نتساءل هل أن ما كتبه الروائي المغدور أخطر مما يصرح بعضنا، وبشكل شبه يومي! نحن لا نزكّي أحداً، ولا نتهم احداً بعينه، لكننا في الوقت نفسه ندعو الجميع الى جعل دم "علاء مشذوب" زيت فانوس نبحث في ضوئه -حتى بالنهار- عن القتلة الحقيقيين، ولدينا سوابق باتهامات مشابهة أثبت التحقيق بطلانها، ولعلّ آخرها العثور على قتلة "مصور قناة الحرة" الذي رافق جثته قتيلاً، الكثير من التأويلات، ومنها اتهام "الميليشيات الايرانية" ايضاً، والذي تبين أخيرا وبالادلة والقرائن المؤكدة، والاعترافات الجنائية الموثقة أن وراء مقتله عصابة لسرقة سيارات ..!! لنبحث عن قتلة الروائي والاستاذ الاكاديمي والانسان العراقي البريء مشذوب، ونساند الجهد الأمني، ولنختصر الوقت على اوجاعنا، لأن مغدورينا يقتلون مرتين، واحيانا بأيدينا!!
*
اضافة التعليق