بغداد- العراق اليوم: تقييم حكومة عبد المهدي بعد ١٢٠ يوم
محمد صادق الهاشمي
منذ أنْ تسلّم السيد عادل عبد المهدي الحكم والمواطن العراقي يبحث وينتظر ويترقّب ويأمل ويدعو الله أنْ يحصل تغيّر جوهريّ أو لا أقلّ جزئيّ في الخدمات ، سيّما أنّ عادل قد أتت به الاتفاقات إسعافاً لما بقي من ماء وجه السياسيين والعملية السياسية .ويمكن أنْ أُشير إلى نقاط مهمّة تؤكّدها البحوث ، ويشير إليها المراقبون ، وتنتهي إليها نتائج الاستطلاعات ، وتتحدّث عنها الصحف العالمية فضلا عن متابعتنا إلى مواقع التوصل الاجتماعيّ والكروبات والإعلام والمتابعات الميدانية واللّقاءات المتكررة بشخصيات مؤثّرة وأكاديمية ، وأهمّ ما أفرزه ذلك ما يلي :
1. أنّ حكومة عادل إلى الآن لم تقدّم شيئاً ملموساً للمواطن العراقيّ في مجال الخدمات ، وخصوصاً القطّاع الكهربائيّ ، ولا يبدو ثمّة نجاح تؤشّره أيٌّ من الوزارات باستثناء التعليم العالي. 2. أنّ بعض الوزارات عليها مؤشّرات كثيرة ، منها كون الوزير متهمّاً بالإرهاب ، أو بذمّته ملفّات جنائية ، أو متّهمّاً بالفساد.
3. عودة الاحتلال الأمريكيّ بنحو واضح وسافر وتواجد هنا وهناك ، ولا يعرف الشعب العراقيّ إلى أين تتجه بوصلة السيادة والأمن في ظلّ هذا التواجد ، وما هو حجم القواعد الأمريكيّة وسلاحها وعدّتها وعديدها .
4. كركوك وكردستان الآن تتجه الأمور فيها وبقرار عادل عبد المهدي إلى وضع لا يبشّر بخير بعد رفع نسبة الموازنة لهم ، واتخاذ قرارات بإعادة كركوك تدريجيا إلى الكرد ، وتخصيص خمسين مليون دولار سنوياً إلى لجان تهتمّ بمنح الأراضي المتنازع عليها إلى الكرد.
5. حكومة عادل إلى الآن لم تقم بافتتاح أو تأسيس مشروع تنمويّ تشغيليّ أو في قطّاع مهمّ كالصحّة أو التعليم والخدمات إلّا رفع الصبّات الكونكريتيّة وإبقاء النفايات .
6. خطّ أنبوب نفط الأُردن - البصرة عليه الكثير من الشبهات والكلام ، مع هذا فإنّ الأمر يحتاج إلى مزيد من الإيضاح فيما يتعلق بسيادة الاقتصاد العراقي .
7. نشاطات واسعة لحزب البعث الخطّ السوريّ والخطّ السعوديّ في الإقليم والمحيط الدوليّ وخصوصاً في الدول التي يعتقد العراق أنّها سانده له : «كأمريكا ، وألمانيا ، وفرنسا ».
8. ظهور نسبيّ لحركة الدواعش كورقة ضغط .
9. تمرّد كبير وتدهور أمنيّ في ديالى والبصرة ، وجرحهما لمّا يندمل .
10. خلافات في مجالس المحافظات : « بغداد ، واسط ، البصرة » بنحو ينذر بعهد جديد من الصراع الشيعيّ الشيعيّ ، ونقل الحوار في واسط من مجلس المحافظة إلى الشارع ، ورافقه إطلاق النار من عصابات مجهولة وممولة على طريقة ((الدكة العشائرية )) .
11. إقرار الموازنة كان محبطاً إلى الشعب العراقيّ ؛ لأنه لم يتضمّن سياسة تنموية جديدة من تطوير للقطّاع الصناعيّ أو الزراعيّ أو القطّاع الخاصّ أو تقليص عدد البطالة ، بل وزّعت الأحزاب تلك الموازنة بنحو خارج سياقات الفكر الاقتصاديّ التنمويّ التي كان يتحدّث عنها السيّد عادل في مقالاته سابقا وتم إرهاق خزينة الدولة .
12. لم تحدد سياسة العراق للخروج من الديون التي تراكمت بذمّة العراق إلى البنوك العالمية .
13. إلى الآن لم يعالج ملفّ الفساد بنحو حقيقي إلّا تأسيس لجان ، ومن المعلوم في العراق أنّ سياسة اللّجان تعني تمييع القضايا المهمّة ، سيّما أنّ الغطاء الدستوريّ إلى لجنة محاربة الفساد لا يصحّ مطلقاً لوجود مؤسسات مختصّة ومخوّلة قانونيّاً.
14. الدولة الآن في العديد من مؤسساتها وخصوصا الموانيء والحدود والبنوك والاستثمارات والعقارات خاضعة لسلطة الأحزاب ، وهكذا في الكمارك وغيرها .
15. القرار المختصّ برئيس الوزراء ومساحته المحددة في الدستور لم تتضح بعدُ ، بل تشاركه فيه الأحزاب وتشاطره القرار .
16. التشكيلة الحكومية إلى الآن لم تكتمل ، وهذا يكشف عن إشكال عميق – في نظر المراقبين والمواطنين - خصوصا أنّ وزارتي الدفاع والداخلية تشكّلان جوهر الأمن وحقيقته في العراق في مثل هذا الظرف الحسّاس ، وهذا يكشف عن خلل في تفكير وسلوك الأحزاب وفي استقلالية رئيس الوزراء .
17. تصاعد النقد لحكومة عادل (المجهولة المسار ، وغير الواضحة المنجز ) ، وكاد ان يكون الرأي العامّ غير مقتنع بها ، مع أنّ الخيار السياسيّ إلى الآن ماضٍ باتجاه إسناد عادل ؛ كون الظروف المحيطة بالعراق صعبة إلّا أنّ الدفاع عن عادل من قبل البعض من الأحزاب شيء ، ورأي الشارع العراقيّ شيء آخر.
18. نتوقّع سقوط حكومة عادل أو اندلاع تظاهرات وأحداث أمنية واضطرابات اجتماعية وتصدّع كبير أكثر من أيّ وقت مضى بين الشارع والسيّد عادل عبد المهدي.
19. الأمريكان يتّجهون بحكومة عادل إلى أحد الطريقين : إمّا الاستجابة لمطالبهم من مقاطعة إيران وقبول خيار التواجد الأمريكيّ ، ورفع مستوى العلاقات الخليجية العراقية ، وتقليص وجود الحشد والمقاومة والعلاقات مع ايران ، وإمّا أنْ يتمّ إسقاطها أو خلق العثرات القاتله لها ، وتأليب الرأي العامّ عليها.
20. لا ينكر المراقبون ثمّة تطوّر في عهد حكومة عادل في العلاقات الدولية والإقليمية ، لكنّ هذا الملفّ يحتاج إلى مستشارين لمنح رئيس الوزراء الأفكار حتّى لا يتمّ جرّ العراق إلى سياسية المحاور ولابقائه في قلب الحدث بما يمنحه الاستقلال وتحقيق مصالح العراق وحتى لا يقع في قلب التجاذبات التي تفقده التوازن وضياع المصالح .
21. شعبية الرجل وزيارته وحضوره الشعبيّ وهدوئه وتفقّده ورفعه الحواجز المرورية علامات اتسم بها حكمه إلى الآن دون غيرها .
22. خلاصة التقارير المهمّة لمراكز الدارسات أنّ ملفّ العلاقات الخارجية والاقتصادية غير واضح وملفّ السياسيات الداخلية يعاني من الركود والجمود وعدم وجود لمسات واضحة في الجوانب الأساسية.
*
اضافة التعليق