بغداد- العراق اليوم:
أحمد عبد السادة
في يوم 4 تموز 2010 ذهبت إلى مدينة الرمادي للإشراف على انتخابات اتحاد أدباء الأنبار بحكم عملي النقابي في اتحاد الأدباء آنذاك، ولسوء حظي كانت غالبية الشوارع مغلقة في المدينة بسبب اغتيال مفتي الأنبار عبد العليم السعدي في الليلة التي سبقت مجيئي!!، الأمر الذي دفع سائق التكسي إلى التذمر والقول بأن غالبية الشوارع التي تؤدي إلى البيت الثقافي مغلقة بما فيها شارع 17 تموز والشارع الذي يقع فيه جامع صدام الكبير!!!. تذكرت تلك التفاصيل وأنا أشاهد الفيديوهات والصور التي تظهر طلبة في جامعة الأنبار يرفعون صورة الدكتاتور صدام ويحتفلون على إيقاع الأغنية التعبوية البعثية الصدامية "يا گاع ترابچ كافوري"!!. الأمر الملفت للنظر هو أن سائق التكسي الأنباري البسيط كان يردد كلمة (صدام) ككلمة متداولة وعادية ولا مشكلة فيها، وكأن صدام لم يسقط ولم يمت بل لا يزال حاكما!، فتأكدت بأن (الرمادي) وغيرها من المدن السنية لم يسقط فيها نظام البعث وصدام كما سقط في باقي مدن العراق!!، وانتبهت حينها إلى الفجوة الشاسعة التي تفصل بين الشعب السني وبين شعوب العراق الأخرى، فمن يسمى في الكثير من مدن العراق بـ(الدكتاتور) و(المجـــرم) و(المقبور) يسمى في الموصل والرمادي وتكريت والفلوجة بـ(الشهيد) و(السيد الرئيس)!!، وما يوصف في باقي مناطق العراق بأنه (إرهـــاب) يوصف في المدن السنية بأنه (مقاومة)، ومن نطلق عليهم هنا تسمية (الإرهابيين) تُطلق عليهم هناك تسمية (الثوار والمجاهدين)!! وهكذا دواليك. هذه الرؤية الفادحة والسائدة للأسف في المجتمع السني هي التي دفعت هؤلاء الطلبة الصداميين في جامعة الأنبار إلى رفع صورة الطاغية صدام بشكل يستفز ضحايا صدام والبعث، وهي الرؤية نفسها التي دفعت تنظيم (داعــــش) الإرهابي لأن يتمدد في مناطق هذا المجتمع، وهي حقيقة لا بد أن نعترف بها وندرسها ونقترح حلولاً لمعالجتها إذا أردنا فعلا الخلاص من داعــــش تماماً ودمج المجتمع السني بالدولة الجديدة ومحاولة إقناع غالبية هذا المجتمع بأن صدام مجرد دكتاتور دموي وليس شهيداً سنياً!!.
*
اضافة التعليق