بغداد- العراق اليوم:
منذُ ان قاد المفكر العراقي والسياسي المعروف غالب الشابندر حملة اعلامية شجاعة، فضح من خلالها تغلغل عشائري رهيب، واستشراء داء المحسوبية والقرابية في مفصل أمني من مفاصل الدولة العراقية، وهو جهاز الأمن الوطني الذي تولاه فالح الفياض في غفلة من الزمن دون أسباب أو مقدمات موضوعية لهذا التعيين، حتى بدأت وسائل الاعلام والنشطاء يتابعون هذا التغلغل الرهيب الذي اتضح أن السيد الفياض حوله الى منهج عملي يطبق في تعيين " العائلة" ثم العشيرة في مفاصل الجهاز، وتم توزيعه بين افراد عشيرة البو عامر التي ينتمي لها الفياض وكأنه هبة او منحة عائلية، لا مؤسسة حكومية مفتوحة لجميع العراقيين بالتساوي، ولكل مواطن الحق العمل فيها بشروط معينة، ليس منها الانتماء القرابي أو العصبوي أو العشائري! لكن الذي كان يجري بصمت طوال سنوات طوال، كان سياقاً يتغاضى عنه الجميع للأسف، ويتواطئ عليه الكل دون سبب، اللهم سوى أن الكثيرين لربما يحلمون بفعل ما فعله الفياض بهذه المؤسسة، ومذ أن تولى هذا السياسي والمفكر الحر كشف المستور، بدأت عورة هذه التعيينات التي تمت على أساس غير مشروع قانوناً، تثير شهية المتابعين ووسائل الاعلام ومنظمات مكافحة الفساد في مؤسسات الدولة، وأصبح الأمر واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار، لكن للأسف لم يجرؤ رئيس الحكومة حينها حيدر العبادي أو أي جهة معنية بفتح تحقيق شامل في هذا الملف، واعادة النظر في كل ما جرى من قبل رئيس هذا الجهاز، الذي تحكم بالأضافة الى رئاسة الأمن الوطني، بمستشارية الأمن الوطني، مضافاً اليها هيئة الحشد الشعبي التي تعاني من مشكلات إدارية وفنية وتداخلات لغاية كتابة هذا التقرير، وكأن الفياض يحمل عبقرية امنية وعسكرية ما حملها من قبله احد في تاريخ الشعوب والدول ! ولأن الكشف عن المخالفة يوقفها عند حد، كما هو المعروف الا أن الاية مقلوبة في العراق كما يبدو، حيث تصر جهات سياسية نافذة " تحالف الفتح" مثالاً على مكافأة الرجل بمنحه منصب وزير الداخلية برمته، وعدم الاكتفاء بالأسباب المقنعة والموجبة التي يرفض بموجبها المتحالفون السياسيون الذي يرون أن هذا الرجل أخذ اكثر من فرصته الكافية، وجرب لسنوات طوال دون أن يكون له دور واضح في تنشيط هذه المفاصل المهمة، كما أن الرجل تنطبق عليه مقولة المرجعية العليا القائلة بعدم تجريب المجرب، فلمُ كل هذا الإصرار ولم كل هذا الدفع نحو التعيين المثير للجدل والمشاكل؟ ثم أن الاعتراضات على هذا التعيين لم تقتصر على جهة مقابلة، بل ان الاصوات تتعالى من داخل جبهة تحالف الفتح نفسها، ومن مؤسسة الحشد الشعبي ذاتها، حيث قال الشيخ أوس الخفاجي القيادي في الحشد الشعبي العراقي، وأحد ابرز وجوهه، متهكماً على أصرار الفتح على تولي الفياض لمنصب وزارة الداخلية، يبدو أن الرجل " موصي بيه النبي"!، متسائلاً : لم يصر الفتح على مخالفة امر وتوجيهات المرجعية العليا بعدم تجريب المجرب، وكيف يمرر مثل هذا التعيين رغمًا على أنف المعترضين، وتساءل ايضاً عن مؤهلات الفياض الأمنية وقدراته حتى يتولى مثل هذا المنصب. ونتساءل مع الخفاجي ما هي المؤهلات والكفاءات التي بذلها الرجل كي يصر رئيس تحالف الفتح هادي العامري على منحه للفياض، وهل بات أمن العراق واهله أعطية يتفضل بها العامري على من يشاء من شيوخ العشائر أو المقربين، وهل باتت وزارة الداخلية مكافأة مناسبة تمنح لمن يترك تحالف الانتخابي، ويلتحق بالعامري وغيره، حتى لو كان خائناً للأمانة والثقة التي اوكلها اليه حليفه السابق ! ثم الا يخشى العامري وغيره من قيادات الوطن السياسية المسؤولة، ان تتحول الداخلية الى مزرعة لعشيرة الفياض بعد أن تحولت مؤسسات الامن الوطني الى مزرعة فعلية، ولم يجرؤ أحد على تصحيح ما يجري فيها، وان كنا على يقين أن رئاسة الجهاز الحالية قادرة على معالجة الانحراف الذي حدث في وقت قياسي ان اتيحت لها الفرصة ومُكنها عبد المهدي من البقاء في موقعها القيادي، واداء مسؤولياتها الوطنية بدون التواءات وعراقيل.
*
اضافة التعليق