بغداد- العراق اليوم:
اكثر المواقف التي يتعرض لها العراقي إحراجا، حين يلتقي أجنبيا يتحدث له عن العراق ، تناقض عجيب ، اذا انتقد الأجنبي شيئا اساسا أنت تنتقده ، تاخذك الغيرة وتتذمر مما يقول . اذا مدح الأجنبي وضعا انت اساسا تعترض عليه ، تتضايق، وتتهمه بالتدخل فيما لايعنيه وانه يهرف بمالايعرف، وان هؤلاء الغرباء لم يعرفوا عن قرب معاناة العراقي من حكومته، وبالتالي يذبحوننا مرتين ! .
لايعرف العراقي بالضبط كيف يتحدث مع الاجانب اليوم عن بلاده وكيف يجيب عن اسئلتهم.
يوم الخميس الماضي كنت استقل تاكسي من منطقة بعيدة خارج لندن عائدا اليها ، كان السائق هنديا ، سالني السؤال المعتاد هنا ، من اين انت؟ قلت : عراقي ، قال : اووو .. رحب كثيرا وأضاف .. كيف احوال العراق؟ قلت : جيدة ، قال: كيف جيدة ؟ ارهاب وقتل وحرب.. أخذتني الغيرة ما ادري عليمن قلت: طبيعي العالم اليوم كله مهدد بالارهاب ، فرنسا المانيا امريكا دول محصنة ومع ذلك يصلها الارهاب قال : يصلها من المسلمين ،هل أنتم تعانون من المسلمين ايضا ؟! فاخذتني الغيرة على الاسلام ، قلت : الاسلام بريء من الارهابيين ، هؤلاء مجرمون يرتكبون جرائم تحت غطاء الدين . قال : لكن هناك عراقيون يصفقون لهم .. اخذتني الغيرة على العراقيين .. قلت : هؤلاء اما خائفون او اطفال يحتفلون دون وعي ، قال : صحيح الاخبار ان الحكومة عدكم فاسدة وتسرق الشعب ؟،اخذتني الغيرة على الحكومة ، قلت : الفساد ظاهرة موجوده في كل العالم ،و الحكومة بكامل أعضائها لاتسرق الشعب كما تسمع ياصديقي ، هنالك مسؤولون فاسدون لا احد يعرف اين يذهبون بالاموال . قال : هل هؤلاء من احزاب دينية ؟ اخذتني الغيرة على الاحزاب الدينية ! قلت : كل انسان مسؤول عن سلوكه ؟ قال كيف مسؤول وهناك قضاء ؟ قلت : القضاء يقوم بواجبه كما يرام ، قال كيف؟ قلت : اخي ممكن نغير الموضوع ، فقال ، نحن نحب العراق . قلت نحن نحب الافلام الهندية، قال هل عندكم افلام عراقية ، قلت كان عندنا سينما قبل سبعين سنة ، قال : والان اكيد تطورت ، قلت : لاتوجد. !! وفعلا اقفلت الحديث ، اقفلته، وتأملت كيف ان العراقي اليوم تحول في الخارج ، الى (مواطن جمالي) يرى بلاده كما يتمناها لا كما يراها فعلا ، يحاول قدر الامكان ان يقدم صورة طيبة عن وطنه وشعبه لايعرف قيمتها المسؤولون في الداخل ، اليوم العراق بلا اعلام خارجي وبلا تسويق سياسي أودعائي وبلا دفاع عن التشويه الذي يطاله ، واهم من ذلك كثيرا بلا مسؤولية عن تقديم صورة من داخله الى العالم بأنه بلد السياسة والثقافة والعلم والمدنية والحضارة والقوة . وليس بلد الفوضى والدم والسلاح السائب والارهاب والفساد، العراق اليوم في الخارج مشهد صاخب متداخلٌ حقه بباطلِه ، ولااحد يدافع عنه سوى المواطن الجمالي الذي يلعن الساعة السودة التي ولدته امه فيه ، لكنه يشتم أي شخص اجنبي ينتقده !
*
اضافة التعليق