بغداد- العراق اليوم:
شهدت السنوات الأخيرة تحسناً ملحوظاً في العلاقات السياسية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، وهو ما تبعه تطور غير مسبوق في التعاون الأمني، بما في ذلك بيع الأسلحة الإسرائيلية لبلدان عربية، الأمر الذي يحدث بطبيعة الحال من وراء الكواليس، وتتجنب كل الأطراف الحديث عنه.
لذلك يمكن القول إن ما تكشفه وسائل الإعلام في تل أبيب، التي لا تتحدث باستفاضة أو تكشف الكثير من التفاصيل حول صفقات الأسلحة الإسرائيلية لدول عربية، لاعتبارات تتعلق بنشر معلومات سرية من شأنها الإضرار بمصالح إسرائيل وحلفائها، ما هو سوى غيض من فيض لحقيقة وحجم هذا التعاون.
هذا الاتجاه تعبر عنه القناة الثانية الإسرائيلية في بداية تقرير مفصل منشور على موقعها بتاريخ 10 سبتمبر 2015 جاء فيه: "كونها من أهم مصدري السلاح في العالم، تبيع إسرائيل الأسلحة للكثير من الدول وفي أحيان كثيرة تصل أسلحة إسرائيلية لدول عربية بل حتى دول عدوة".
يقول الصحفي "شاي ليفي" المتخصص في الشؤون العسكرية بالقناة الثانية، إنه ورغم السرية التي تفرضها شركات السلاح الإسرائيلية على صفقات السلاح مع دول عربية، وتجنبها الحديث عن نوعية تلك الصفقات ووجهة الأسلحة، فإن المعدات الإلكترونية وأجهزة الاتصالات والمراقبة هي الأكثر مبيعاً للبلدان العربية.
"بين إسرائيل والأردن علاقات أمنية بدأت حتى قبل توقيع معاهدة السلام الرسمية بينهما. مصلحة إسرائيل واضحة في كل ما يتعلق بالحرب على داعش. فسقوط الأردن سيكشف حدودنا الشرقية على الجبهة الأمامية الرئيسية، وهناك من يسعى للحيلولة دون حدوث ذلك. تقول مصادر في واشنطن لرويترز، إن إسرائيل وطدت أخيراً علاقاتها الأمنية بالأردن، وزودتها بـ16 مروحية قتالية من نوع كوبرا، بعد خروجها من الخدمة في سلاح الطيران (الإسرائيلي)“، قال ليفي.
ويوضح تقرير القناة الإسرائيلية أن "الأردنيين يستخدمون بالفعل هذا النوع من المروحيات. وكل ما عليهم القيام به لإدخال تلك المروحيات الإسرائيلية الخدمة هو تجديدها وتكييفها مع سلاح الجو الأردني. ومن المرجح، إن كانت التقارير صحيحة، أن تكون تلك المروحيات التي عملت في غزة ولبنان، عاملة الآن في سوريا وربما في العراق أيضاً. نؤكد أن تزويد دولة عربية بأسلحة إسرائيلية مسألة حساسة، لجميع الأطراف، ورفضت مصادر مسؤولة في إسرائيل والأردن التعليق عليها، كذلك فعل البنتاغون".
ويضيف التقرير: "قبل مرور شهر على هذا الخبر، انكشف النقاب عن تزويد إسرائيل الأردن بطائرات من دون طيار من نوع هارون وسكايلارك". كما "يدور الحديث عن طائرات للتمشيط وجمع المعلومات الاستخبارية، ونعتقد أن لديها القدرة أيضاً على حمل متفجرات. ووفقاً لتقرير نشره موقع "ديفنس وورلد"، زودت إسرائيل الأردن بـ12 طائرة على الأقل، مطلوبة للعمل في شرق سوريا، ودير الزور والعراق".
كذلك جاء في التقرير أن سلاح الجو الإسرائيلي أقام شعبة تدريب في واحدة من قواعد سلاح الجو الأردني. ونشير إلى أن في هذه الحالة أيضاً، هناك نفي جارف من قبل الدول المعنية، "لا يُستغرب ذلك نظراً للظروف"، كما أكد تقرير القناة الإسرائيلي.
"إسرائيل في وضع العشيقة. فالأنظمة العربية تدير قصة حب معها، لكنهم لا يرغبون في الظهور معها علانية، منعاً للإحراج".
جاء هذا في مستهل مقال للكاتب والسياسي الإسرائيلي اليساري المخضرم، عضو الكنيست السابق "أوري أفنيري" نشره موقع "ذا بولس" بتاريخ 1 إبريل 2016، وصف فيه العلاقات الإسرائيلية السعودية بالقول "منذ وقت طويل تمثل المملكة الصحراوية حليفاً سرياً لإسرائيل، والعكس".
وقال "في السياسة تتغلب المصلحة الوطنية أحياناً على الخلافات الأيديولوجية". معتبراً أن العداوة لإيران هي وقود التعاون بين إسرائيل والسعودية.
وإذا ما أسقطنا هذا التحالف السري على مجال بيع الأسلحة الإسرائيلية، فيمكن القول إن جزءاً كبيراً من التقارير التي تحدث عن الصفقات السرية بين تل أبيب والرياض ربما تكون صحيحة.
في فبراير 2015، سلط خبر مقتل الأمريكي كريستوفر كريمر مندوب شركة السلاح الإسرائيلية "إلبيت معراخوت" في ظروف غامضة بالسعودية، الضوء على خفايا التعاون الأمني بين إسرائيل والسعودية.
عمل كريمر- الذي عثر على جثته في فناء أحد الفنادق بمدينة تبوك السعودية - مسؤولاً للمبيعات في شركة "كلاوسمان" الفرع الأمريكي لـ"إلبيت"، المتخصصة في إنتاج التقنيات العسكرية.
نفت الصحف الإسرائيلية على لسان عائلة كريمر ومحاميه الرواية السعودية بانتحاره، وقالت إنه مات مقتولاً، على خلفية حدوث خلافات بينه وبين شركة "جلوبال ديفنس سيستم" السعودية، التي اشترت منظومة صواريخ "تاو" من إنتاج شركة "كلاوسمان".
ورغم نفي "إلبيت" الإسرائيلية علاقتها بالصفقة، والتأكيد أن "كولسمان" شركة أمريكية تخضع للرقابة التجارية والتصاريح الأمنية بموجب القانون الأمريكي، وأن الأنظمة التي وصلت السعودية طورتها الشركة بشكل مستقل حتى قبل أن تشتريها "إلبيت"، لذا لم تتطلب الصفقة موافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية، إلا أن المحامي الإسرائيلي "إيتاي ماك" الذي يعمل في مجال زيادة الشفافية والرقابة العامة على الصادرات الأمنية في إسرائيل، قال لموقع "كالكاليست" إن قانون مراقبة الصادرات الأمنية يقضي بأن أي شركة تابعة لشركة إسرائيلية يجب أن تخضع لرقابة تل أبيب، وأنه بموجب هذا القانون من المفترض أن الصفقة التي نفذتها "كولسمان" مع السعودية حصلت على موافقة وزارة الدفاع الإسرائيلية.
في 14 أكتوبر 2015 قال موقع "والا" العبري إن السعودية وأربع دول خليجية أخرى هي قطر والإمارات والبحرين وعمان، تجري مفاوضات لشراء منظومة اعتراض الصواريخ القصيرة المدى "القبة الحديدية" الذي طورته شركة "رافائيل" الإسرائيلية بالتعاون مع شركة "رايثون" الأمريكية، وذلك لمواجهة توسع الترسانة الصاروخية الإيرانية.
وعلق الموقع بالقول: "قبل عدة سنوات، أثارت إمكانية بيع منظومة الاعتراض الصاروخي لدول الخليج اعتراضاً سواء في إسرائيل أو الخليج. لكن التهديد المشترك لإسرائيل ولتلك الدول، الناجم عن تعاظم القوة العسكرية الإيرانية، غيّر الصورة الآن". ونقل "والا" عن مسؤول خليجي لم يسمه، قوله "إذا لم يحدث نتنياهو كل هذه الضجة، ولو تصرف بشكل مشابه لأنور السادات، لسعدنا وقتها بشراء الصواريخ مباشرة من إسرائيل".
هناك معلومات أخرى لا يمكن التأكد من صحتها تتحدث عن بيع إسرائيل أسلحة للسعودية مثل تغريدات الناشط السعودي المثير للجدل "مجتهد"، الذي قال في تغريدة له على موقع تويتر: تشتري السعودية الطائرات الإسرائيلية من دون طيار عن طريق جنوب إفريقيا. وستصل الطائرات في وقت لاحق إلى جنوب إفريقيا، مفككة، وستؤخذ إلى السعودية حيث سيتم بناؤها من جديد". بالإضافة إلى تقرير آخر نشرته وكالة الأنباء الإيرانية "فارس" مطلع يونيو 2016 حول عثور الحوثيين (حلفاء إيران) على مستودع سلاح ضخم يحوي أسلحة إسرائيلية داخل السفارة السعودية بالعاصمة اليمنية صنعاء.
كشفت مجلة "إسرائيل ديفنس" المتخصصة الشؤون الأمنية في تقرير نشره موقعها الإلكتروني بتاريخ 27 نوفمبر 2016، عن قرب استلام دولة قطر صفقة طائرات أمريكية من طراز "إف 15" مزودة بخوذات طيارين من صناعة شركة "إلبيت" الإسرائيلية.
وأوضح الموقع :"يدور الحديث عن صفقة تعطلت فترة طويلة بسبب ضغوط إسرائيلية أو معارضة عناصر في الإدارة الأمريكية. وقد وافقت الولايات المتحدة هذا الشهر على بيع 72 طائرة إف 15 مع التسليح المناسب بقيمة 21.1 مليار دولار. يدور الحديث عن صفقة ضخمة لحساب شركة بوينغ التي كانت قد تحدثت عن إغلاق خطوط إنتاج الـ”إف 15” بسبب قلة الطلب عليها".
وأضاف أن الولايات المتحدة سوف تزود قطر بخوذات من نوع "جيه إتش إم سي إس"، التي تصنعها "إلبيت" بالإشتراك مع شركة أمريكية. وأن الحديث يدور عن أنظمة رئيسية تدخلها "بوينغ" لكل طائرات الـ"إف 15."
جاء في تقرير القناة الثانية الإسرائيلية أن إسرائيل باعت أنظمة دفاع صاروخي وأجهزة للحرب الإلكترونية للإمارات. كما ذكرت "معاريف" أنه في قضية تصفية القيادي بحركة المقاومة الفلسطينية حماس محمود المبحوح في 2010، نشرت وسائل إعلام دولية أن دبي استخدمت أنظمة أمن إسرائيلية في كشف عناصر الموساد التي نفذت عملية الاغتيال.
في 11 يونيو 2013 كتب "ألوف بن" رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" تقريراً تناول فيه بالتفصيل ما كشفه مكتب "الأعمال والابتكارات والمهارات" البريطاني المعني بمراقبة الصادرات الأمنية ونشر تقارير دورية عن الأذون التي يتم منحها لشراء المعدات العسكرية أو تصديرها، لاحتواء هذه المعدات على مكونات بريطانية.
وفي عام 2009 طلبت تل أبيب الحصول على أذون لتوريد مكونات لطائرات بدون طيار للإمارات، وخوذات طيارين وأنظمة التزود بالوقود جواً ورادارات أرضية ومكونات لطائرات مقاتلة وأنظمة لعرقلة إطلاق صواريخ، وأنظمة رادار محمولة جواً وأنظمة التصوير الحراري، ومعدات حرب إلكترونية.
تقول "معاريف" في تقريرها إن "الصناعات الجوية الإسرائيلية" وقعت عقداً كمقاول من الباطن لشركة لوكهيد مارتن الأمريكية لتركيب أنظمة متطورة لطائرات إف 16 تابعة للجيش المغربي.
وبحسب تقرير "هآرتس" طلبت إسرائيل في عام 2009 تصاريح من السلطات البريطانية لتصدير أنظمة مراقبة جوية للجزائر وخوذات الطيارين وأنظمة رادار “إتش ي ودي”.
وأشار "ألوف بن" إلى أن تصاريح التصدير للجزائر وكذلك المغرب شملت أنظمة الاتصالات للطائرات العسكرية، وأنظمة الملاحة العسكرية، ومكونات الطائرات بدون طيار، وأنظمة لتعطيل أنظمة الصواريخ الباليستية وأجهزة الرادار المحمولة جواً والوسائط البصرية.
عام 2004 أفاد الأردنيون بأن أجهزة الأمن المحلية أوقفت تاجري سلاح إسرائيليين يشتبه في أنهما هربا سلاح للمتمردين لإقليم دارفور بالسودان.
وبحسب تقرير القناة الثانية الإسرائيلية " لم يمض وقت طويل ورأينا صوراً لبنادق هجومية إسرائيلية، وذخائر أيضاً بأيدي جنود بالسوادن. بل كشفت الأمم المتحدة أنها عثرت على مخازن سلاح إسرائيلية بحوزة نفس الأشخاص المسؤولين عن المذبحة في الإقليم".
وتابع التقرير: "نقول إنه في حال كانت هناك موافقة من قبل وزارة الدفاع، فإننا أمام تقصير أمني وأخلاقي، وإن لم تكن هناك مثل هذه الرقابة، فيمكن للمرء أن يتصور لمن باعوا أيضاً عتاداً عسكرياً إسرائيلياً".
في عام 2010 سعت إسرائيل لبيع مصر أنظمة حرب إلكترونية وأجهزة قمرة القيادة للطائرات المقاتلة التي تحتوي على مكونات بريطانية، وفقاً لتقرير "هآرتس".