بغداد- العراق اليوم: مسيرة حافلةً تجمع بين الآثنين نادي الزوراء وفلاح حسن، كلاهما يشهد على عصر ذهبي للكرة العراقية، حيث لا يزال يجدد ذاته كلما اعيدت الكرة وكلما سمحت ظروف البلاد المتقلبة ان يقدم الاثنان معًا ما يمتلكان من جمال. في الواقع ان مسيرة الزوراء كنادي عراقي عريق وشهير وجماهيري، لا يمكن تصورها دون فلاح حسن، والعكس صحيح ايضاً، ففلاح يعني الزوراء بثقله وعنفوانه الكروي، والزوراء يعني فلاح بكل مهاراته وفنونه وبراعته واجادته الكروية الفذة التي اهلته ان يحمل لقباً لم يسبق للاعب عراقي ان ناله، حين اختير من بين ثمانية افضل لاعبين على مستوى الوطن العربي. فلاح صانع المسيرة الكروية، ومحقق الالقاب المتتالية ينجح هذه المرة في ان يدفع بالزوراء للصدارة للمرة الرابعة عشر محققاً الدوري العراقي الممتاز، بجهود فردية وجماعية رائعة، ومثابرة لم تفارق أبا تيسير، لاعباً ومدرباً ورئيساً للنادي على طوال مسيرة زاخرة، بدأت من منتصف سبعينات القرن الماضي مع رفيق دربه الكروي علي كاظم وبقية العقد الماسي لهذا النادي الفذ، ورغم ان هذه المسيرة قد تلكأت مؤقتاً بسبب عسف الدكتاتور وهجرة فلاح حسن مكرهاً الى هولندا ومن ثم الولايات المتحدة، منضماً بقصد أو بدون قصد الى صفوف نخبة شجاعة من كتاب وشعراء وفنانيين وغيرهم من ابناء هذا الوطن غادروا البلد هروباً من الطغيان البعثي الصدامي . فمع انتهاء الجولة ما قبل الاخيرة من الدوري العراقي الممتاز اعلن الزوراء بطلاً للدوري العراقي بعد خسارة غريمه التقليدي القوة الجوية الذي حاز على اللقب الدورة الماضية، ومع هذا الانتصار الكروي الذي بعد مكملاً لثلاثة عشر بطولة اخرى، كان فلاح وراء الكثير منها، لذلك اعادت الهيئة الادارية للنادي انتخابه رئيساً،وهو الذي اعاد للنادي الثقة الجماهيرية التي تزعزت في فترة ما بسبب قيادات ادارية وفنية لم تكن بالمستوى الذي يليق بالنادي صاحب التاريخ الحافل. وفي الحديث عن سيرة فلاح حسن فأنها سيرة طويلة مزدحمة بالمفاخر حيث يمثل فلاح حسن وباقة من رفاقه وزملائه النقطة الناصعة في ذاكرة اجيال عراقية كامنة تتداعى وتستيقظ حالما ذكرت اسم ثعلب الكرة العراقية، فتنشرح صدور اجيال كروية شغفت بهذا الجنوبي حباً وولعاً، حتى كان اسم فلاح الظاهرة يلاحق كل موهبة كروية واعدة، فلاح الذي بلغ الشهرة والانتشار في اوجه، لم تتركه الدكتاتورية بحاله، فاضطر الى ان ينقطع طوال ثلاثة عشر عاماً في منافي باردة وبعيدة، لكنها لم تمنعه من ممارسة حبه وشغفه الطفولي، فكان بحق السفير الرياضي الشعبي الوطني الخلوق، الذي نقل صوت الجمهور المكبوت قمعا وتعسفا وحصاراً. سيرة فلاح اشهر من ان تروى او تكتب في عجالة كهذه، لكن الرجل جزء من ثروات البلاد التي جاد بها منجم مدينة الابداع والعطاء العراقي ( مدينة الثورة الباسلة) التي اسسها مفجر الثورة الحقة الشهيد عبد الكريم قاسم، فكانت بحق رافداً ثالثاً لبلادنا، منها انطلقت اعظم حكايات العطاء والابداع، وفي شوارعها الضيقة كُتبت حكايات لن تنسى، ففيها ولد وعاش ونما اعظم الشعراء واكثرهم تأثيراً، وفي دروبها بدأ اول خطى اعظم الرياضيين واشهرهم، ومنها انطلق الفنانون والمناضلون ورجال الدين والاطباء والمهندسون والصحافيون والكتاب وقادة النضال الطبقي. مبارك للزوراء هذا الانتصار المستحق، ومبارك له ايضا ان يضع اكليلاً ودرة في تاجه المرصع اسمها فلاح حسن.
*
اضافة التعليق