بغداد- العراق اليوم:
بدأت حالات الطلاق ترتفع بشكل غير مسبوق في العراق، الأمر الذي دعا جهات دينية وأخرى اجتماعية إلى إعلان "حالة إنذار"، والبحث في أسبابها الحقيقية بالتزامن مع بيانات رسمية صدرت عن السلطة القضائية في البلاد تؤكد حدوث نحو 700 ألف حالة طلاق منذ احتلال البلاد عام 2003 إلى غاية الآن، وهو رقم يعادل ما سجل خلال قرن من الزمن، بحسب مختصين. ووفقاً لبيان صدر عن المركز الإعلامي للسلطة القضائية العراقية، تلقى "العربي الجديد" نسخة منه، فإن البلاد سجلت منذ عام 2004 (بعد احتلال العراق بعام واحد)، ولغاية مطلع الشهر الجاري 2016 أكثر من 681 ألف حالة طلاق في عموم البلاد. وسجلت العاصمة بغداد نسبة 44 في المائة من تلك الحالات، لتحتل الصدارة بين محافظات العراق. وعزا مختصون النسب المرتفعة من حالات الطلاق إلى عدة عوامل اقتصادية واجتماعية، منها البطالة والزواج المبكر وسوء استخدام التكنولوجيا وتدهور الوضع الاقتصادي، وما ينتج عنه من عدم توفر سكن مستقل للزوجين، والتباين الثقافي بينهما.
ويعدّ الزواج المبكر من بين أهم تلك الأسباب، إذ ذكرت المحاكم أن أغلب حالات الطلاق سجلت بين مواليد (2001-1999)، بالإضافة إلى الاستخدام السلبي لوسائل التطور التكنولوجي، وموجة الهجرة والنزوح.
من جهتهم، حذّر رجال ومراجع دين في النجف وكربلاء من استفحال الظاهرة ودعوا إلى وضع دراسات وبحوث لمعرفة أسبابها، خاصة أن الأرقام تشير إلى أن 70 في المائة من تلك الحالات تمت على يد رجال دين. ووصف أستاذ علم الاجتماع بجامعة بغداد، الدكتور حسن حمدان، تلك الأرقام بأنها "كارثية"، مضيفا في حديث لـ"العربي الجديد" أن نحو 700 ألف حالة طلاق في 13 عاماً تعادل ما حصل بالعراق خلال قرن كامل". وأوضح أن "الحرب ألقت بظلالها على المجتمع والأسرة العراقية بشكل بشع، وكنا سابقا نعتبر أن تطليق الرجل لزوجته عيب ومخل برجولته ونخوته أن يأخذها من بيت والدها فتاة صغيرة ثم يتزوجها ويكسرها ويعيدها مطلقة، أما الآن فكل شيء تغير بسبب الاحتلال وآثاره". فيما أكدت الباحثة الاجتماعية وديان إبراهيم، أنّ حالات الطلاق تتم في الغالب خارج المحاكم العراقية وبعدها يتم المصادقة عليها داخل المحكمة، وأن الكثير من الخلافات التي ترتبت عليها إجراءات التفريق بين الزوجين كانت تافهة ولا تستوجب الطلاق، وأشارت إلى أن آلاف الأطفال وقعوا ضحية حالات الطلاق نتيجة عدم استقرارهم بين عائلة سوية مكونة من أَب وأُم، وهذا ما يجب أن يدركه الزوجان قبل اتخاذهما قرار الانفصال مهما كانت الأسباب والدوافع مقنعة. وأبرزت إبراهيم، أنّ ارتفاع حالات الطلاق يؤدي إلى تفكك المجتمع وعليه لا بد من توعية حقيقية تتم عن طريق حلقات تثقيفية تنظمها منظمات المجتمع المدني والإعلام المحلي وحلقات إذاعية تبث يومياً للتعريف بمخاطر الطلاق وتأثيره السلبي على المجتمع وعلى العائلة والأطفال بشكل خاص، بالإضافة إلى الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه رجال الدين للحدّ من تزايد حالات الطلاق في البلاد. وذكرت الإحصاءات السنوية للمحاكم العراقية، أنّ 70 في المائة من حالات الطلاق تتم خارج المحكمة لدى رجال الدين ومن ثم يمثل الزوجان أمام القاضي لتصديق هذا الطلاق، وأن دور القضاء في هذه الحالات ينحصر فقط في إضفاء الصفة القانونية على إجراء تم من الناحية الشرعية بعيداً عن المحكمة.