متابعة - العراق اليوم: سليم الحسني
أخذت أحداث النجف الأشرف يومي ١٣ و١٤ تموز، بعداً كبيراً في وسائل الإعلام، وكذلك اهتماماً بالغاً من قبل المواطنين، نظراً لرمزية النجف ومكانتها، خصوصاً وأن الأحداث جاءت بعد أيام من التظاهرات المطلبية في البصرة.
ألخص هنا أبرز الوقائع استناداً الى شهادات عديدة، جرت مطابقتها مع بعضها مما يجعلني أنشرها على شكل نقاط بعد تأكدي منها:
أولاً: كانت تظاهرات البصرة قد حفزّت عدة جهات مغرضة الى زرع عناصرها بين صفوف المتظاهرين لحرفها عن مسارها السلمي المطلبي، وكذلك الاستعداد للتوغل في أي تظاهرة تخرج في مدن أخرى لتحويلها الى اعمال شغب وعنف، وهذا أمر ممكن في أجواء الحماس والاندفاع العاطفي وضغط الغضب على تردي الخدمات واتساع دائرة الفقر والعوز.
ثانياً: في العاشر من تموز تسربت معلومات من مجموعة تنسيقية تستعد لإعلان تظاهرة في ساحة التحرير ببغداد، وكان من ضمن المخططين (أحمد الحلو) وشخص يتولى إدارة مركز بحثي وحواري في النجف الأشرف.
ثالثاً: بدأت التظاهرة يوم الجمعة ١٣ تموز بشكلها الصحيح كتظاهرة مطلبية سلمية، بعد أن دعمت المرجعية في خطبتها مطالب الشعب وحركته الاحتجاجية السلمية. وقد تجمع المئات من المتظاهرين في ساحة ثورة العشرين، وحرصوا على التزام الانضباط وترديد الشعارات المطلبية بتوفير الخدمات ومعالجة البطالة.
رابعاً: توغلت في صفوف المتظاهرين مجاميع يقودها (أحمد الحلو) لتأزيم التظاهرة وتحويلها الى اعمال شغب، حيث هجمت هذه المجاميع على مقرات الأحزاب ـ باستثناء مقرات ومكاتب التيار الصدري ـ وكذلك منزل النائب السابق صادق اللبان ومنزل عضو مجلس المحافظة السابق جواد الكرعاوي ومنزل النائبة السابقة أزهار الطريحي ومنزل رئيس مجلس إدارة المطار السابق فائد الشمري، وقد اشعلوا النيران في المقرات والمنازل التي هجموا عليها. ولم تتدخل الشرطة لمنع وقوع هذه الأعمال التي أخذت تتجه نحو الشغب والعنف.
خامساً: في حوالي الساعة الحادية عشر مساءً، أمر (أحمد الحلو) بعض المجاميع المرتبطة به بالتوجه الى مقر عصائب أهل الحق للهجوم عليه وحرقه، وكان شعارهم (إيران بره بره).
كان أفراد حماية المقر قد تلقوا تعليمات بعدم الرد، وأن الاتصالات تجري مع قيادة شرطة النجف لغرض توفير الحماية للمقر. لكن مجموعة (أحمد الحلو) كانت تتصرف باطمئنان بأن الشرطة لن تتدخل، فقد ألقت ثلاث قنابل مولوتوف حارقة على المقر، كما استخدموا القناني الزجاجية والحجارة في رمي حماية مقر العصائب.
سادساً: اتصل المسؤولون في مقر العصائب بقيادة الشرطة، وأبلغوهم بأن الهجوم بدأ يتصاعد، فكان جواب قيادة الشرطة أنها تلقت تعليمات عليا بعدم التدخل. عندها قرر أفراد حماية المقر بتفريق المهاجمين عن طريق اطلاق العيارات النارية في الهواء، وكذلك الاشتباك معهم بالأيدي والعصي. سارع بالهرب عدة اشخاص كانوا يتولون توجيه المهاجمين، فيما سيطر حماية مقر العصائب على سيارة من نوع (كوستر) كانت محملة بقناني وقود، وأدوات لقطع الحديد، وقطع سلاح وعصي وسكاكين وقامات.
سابعاً: ألقى أفراد حماية مقر العصائب القبض على عدد من المهاجمين، وجرى تسليمهم الى شرطة النجف، لكن محافظ النجف (لؤي الياسري) استغل نفوذه وأطلق سراح المعتقلين. وقد كانت مواقف المحافظ في تلك الساعات المتأزمة وكذلك في اليوم التالي (١٤ تموز) منسجمة مع مجموعات (أحمد الحلو) وتقدم لها التسهيلات.
ثامناً: المجموعة التي هاجمت مطار النجف استخدمت عدداً من سيارات الشرطة، وبتسهيلات قدمها قائد شرطة النجف، وهذه السيارات هي التي اقتحمت المطار. وقد كان أمر المطار مهماً بالنسبة للمحافظ لأنه اتفق مع شركة إمارتية لإدارة مطار النجف بعد إنهاء عمل الإدارة الحالية. كما أن محافظ النجف (لؤي الياسري) ينسق في هذه الصفقة مع الشخص صاحب المركز الحواري الذي سبقت الإشارة اليه. (في نهاية المقال صورة لإحدى سيارات الشرطة تنقل المهاجمين)
تاسعاً: لم يبد القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، إهتماماً في أحداث النجف، بل أنه عقد بعدها اجتماعاً مع محافظ النجف بدا فيه الوضع ودياً بينهما. كما ان العبادي لم يبادر الى استدعاء قائد شرطة النجف والاستفسار منه عن سبب منعه قوات الشرطة من عزل المهاجمين عن المقرات، وعن الخرق الفاضح في توفير سيارات الشرطة لنقلهم. (اتخذ قرار عزله وزير الداخلية قاسم الأعرجي).
هذه خلاصة لما جرى في أحداث النجف الأشرف، وقد كانت بدايتها تظاهرة مطلبية سلمية، إلا أن مجموعات التخريب توغلت فيها، وكانت قد استعدت لتأزيم الوضع وإثارة الفوضى واعمال النهب والتخريب.
وقد تميزت الأحداث بوعي أهالي النجف الأشرف، فلم ينساقوا وراء أعمال الشغب، وانسحبوا من التظاهرات بعد أن شاهدوا انحرافها عن مسارها. وبذلك تميزت الجماعات التخريبية وحدها، واتضحت نواياها.
*
اضافة التعليق