بغداد- العراق اليوم:
في لحظة الفصل الذي سيقول الناخب العراقي كلمته التي ستحدد مستقبل البلاد لمدة اربعة اعوام، ترتجف كراسي الكثير من المسوؤلين من تحتهم، وهو متيقنون أن الشعب سيسحب تفويضه منهم، وسيعيدهم كما كانوا " مجرد نكرات"، بعد ان ادمنوا الفشل والفساد، ولم يؤدوا دورًا بدكر، وهم الذين وعودوا أن يكونوا خير ممثل لشعبهم العراقي. لكن الايام أثبتت العكس، لذا تراهم اليوم يتوسلون كل الوسائل والاتجاهات والاحتمالات ليعودوا ثانية الى النفوذ والسلطة والجاه، وأن كان ذلك على حساب المال العام، وأمن وسلامة الناس، فكثير من هولاء يتورطون بعمليات فساد كبيرة في سبيل شراء ذمم الناخبين، أو أن بعضهم يتورط في الضغط على افراد القوات الأمنية والمسلحة، أو ابتزازهم او تهديدهم بمناصبهم مقابل ضمان اصواتهم في التصويت الخاص الذي سيجري غدًا الخميس 10-5-2018 في خطوة مماثلة لما قام به هولاء في تجارب انتخابية سابقة. وقد تمكن هولاء للأسف انذاك من تسييس الملف الأمني وتجيير قوات أمنية كبيرة لهم ولكتلهم. الا أن هذا الواقع في طريقه للزوال حيث أن ادارة وزارة الداخلية الحالية نجحت نجاحًا باهرًا في قطع دابر التدخل السياسي في الملف، وعرفت هذه الوزارة في عهد الوزير المهني قاسم الأعرجي اقصى حالات الالتزام بالمهنية والحياد، مع تطوير حقيقي في كافة مفاصلها، وترصين لجبهتها الداخلية من خلال تبني اصلاحات عميقة في بنية الوزارة وقياداتها التي اختارها الأعرجي بكل شفافية ووفقًا للاستحقاق المهني لا استحقاقات حزبية رغم حملات اعلامية ظالمة ومحاولات بائسة في التدخل بهذا الملف، والكل يسجل نجاحًا مهماً للأعرجي في أزمة تعيين قائدي شرطة ديالى والبصرة الفيحاء مؤخرًا، وكيف ان الاعرجي داس كما يقال على عش دبابير، الا أن الرجل مضى بقراره الصائب، وقدمَ مصلحة المحافظتين على مصالح البعض الذاتية، وقبل ذلك نتذكر المواقف القوية والجريئة في معالجة ملفات التدخلات السياسية واللا مهنية في عمل شرطة محافظات كربلاء وبغداد وبعض المحافظات الاخرى، حيث أن الاعرجي لم يكن يتردد ولا للحظة واحدة في اعادة الأمور الى نصابها حتى وأن حاول البعض ان يصور أن هذا سيضر به شخصيًا، بل ان بعض وسائل الاعلام الصفراء حاولت بقوة ان تختلق نزاعًا مفترضًا بين الوزير الاعرجي ومكتب القائد العام للقوات المسلحة، الا ان الايام أثبتت العكس، حيث كان الطرفان في اعلى درجات الانسجام، والعمل المشترك المؤدي الى تعزيز أمن البلاد التي كانت على شفا الهاوية، وتحولت معضلة الأمن المفقود الى نسيًا منسيًا، بهمة الأعرجي ورجاله الاشاوس الذين يواصلون الليل والنهار في سبيل تحقيق نظرية الأمن كبديهة حياتية، لا ضرورة آنية. فالاعرجي الذي سار بوزارته في كل هذا الموج المتلاطم، لا يبحث عن شكر، بل قالها الرجل مراراً وتكراراً أنه من فئة تجاهد وتبذل وتضحي ولا تنتظر من أحد ان يقول لها شكرًا لأنها تعتقد أنه تكليفها الشرعي والوطني والاخلاقي. لكن الوفاء والحرص والضمير المهني يدفعنا الى ان نتمسك بهذه التجارب التي اشارت اليها المرجعية الشريفة في خطابها حين دعت الى انتخاب من اثبتوا اخلاصهم وعملهم وقوة مواقفهم، ولعل الاعرجي ووزارته كانتا في عين المرجعية العليا لمرات عديدة، حيث كانت تعطي اشارات بل وجمل مديح مباشرة لما حققوه من نصر مؤزر دعا المرجعية الى الحفاظ عليه، ولعل من اساليب الحفاظ على النصر هو الحفاظ على رجاله الابطال وعلى من صنعوه. ونجزم هنا ان الناخب العراقي سيأخذ كل هذا بنظر الاعتبار، وسيختار من اثبتت الملمات وفائهم وقوة مواقفهم، لا اولئك الذين يقفون في الرخاء ويصطنعون بطولات زائفة عن مواقفهم.
*
اضافة التعليق