بغداد- العراق اليوم:
تكاد سمة الانحطاط والوضاعة تسم مجمل الحياة العراقية للأسف الشديد ولا تستثني طبقة ما، مهما علا مقامها، ومهما تصدرت، وللحق فإن هاتين السمتين طارئتان على المشهد، الا أنهما بصراحة تؤصلان لنفسيهما مفاهيم نظرية وعملية، وترسخان بفعل شيوع الرداءة السياسية والثقافية والفنية والفكرية وقبل ذلك الذوقية، بعد سنوات طويلة تعرض لها الشعب العراقي من عمليات التخريب والتدمير الفكري والمعنوي والإنساني، فالحصارات المتكررة، وحروب النظام الخارجية والداخلية والقسوة المفرطة، وشيوع الدولة البوليسية الخانقة، كلها اسهمت في تدمير العراقي " سايكلوجيا" وباتت الحياة عبارة عن غابة امام الكثيرين، الذين لم تتح الفرصة لإعادة تأهيلهم، أو على الاقل ان يلتقطوا الانفاس في اعادة برمجة مع واقع جديد. ولأن هذه الثلة المتأثرة والمصابة بفيروس كهذا، تسللت الى مفردات الحياة العراقية بقوة، مضافاً اليها السوء في الاختيار، وضعف التجربة السياسية والثقافة الانتخابية لدى الناخب العراقي، الذي قدم الولاءات الكلية على المحاكاة الجزئية، فأننا للأسف رأينا انفسنا وجهاً لوجه مع رداءة سياسية نسخت نفسها، وأصبح عرفاً لدى البعض، الذي يريد لنفسه أن يكون مثارًا للجدل، حتى ولو كان الجدل على نفسه!! ذاتًا لا موضوعاً كما تقتضي الاعراف. مناسبة هذا الحديث، هو تسلل شخصيات نيابية لا نقول " قلقة" في الحياة السياسية العراقية، قدر ما هي مقلقلة، نظراً لحجم الخراب الذاتي الذي تتمتع به، هي وقدرتها على الاختراق والتخريب والتدمير فيما حولها. من هذه التجارب، نائب " غفلة" يدعى كاظم صيادي، لا يعرف أحد عن ماضيه السياسي شيء, ولا في خلفيته الفكرية محددًا ما، قدر ما عرفه الناس كشوارعي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وصفيق بكل ما تعرفه الصفاقة من اتساع مفهومي. فهذا الرجل بذيء اللسان سليطه، طويل اليد، لا يرعوي عن ارتكاب أي شيء حتى الموبقات منها، لا يهتم لأي برتوكول، يعزف على الاوتار الطائفية تارةً حتى في ايام كسادها العظيم، ويضفي على خطابه نوعاً من الشوفينية ( التي اؤكد أنه لا يعرف معناها) لكنه يطبقها، لا بداعي شعوره بالتميز القومي أو الاثني، قدر ما هي رغبة مدمرة باللعب على المتناقضات للبقاء كطفيلي يعتاش على جسد الازمات ويمتص دماء ضحاياها. هذا الرجل الذي يريد ان يعود تحت قبة مجلس النواب مجددًا، وللمرة الثالثة، يضع الجميع امام مسؤولية اخلاقية قبل أن تكون أي شيء أخر في مدى صلاحية مثل هولاء لتولي مناصب هامة وحساسة في جسد الدولة العراقية، وهم بهذا الاداء، وبهذه العقلية الغريبة عن أي عرف سياسي، والبعيدة عن أي فكر او مذهب اجتماعي ينتمي له. واذا كان البعض يرى أن دور ووظيفة النائب، هو التحول الى مصدر للخطاب الرعاعي الهمجي التدميري فهي كارثة وخطر محدق بالعملية السياسية قبل أي شيء أخر، بل وتصيب المشهد العراقي بمقتل. فانحطاط المشهد السياسي الى هذه المستويات، يشي بأن بؤرةً للخراب قد انفتحت في جدار البنى الاجتماعية، قد تؤدي الى تدفق المزيد من هولاء " المطيرجية" الى الداخل، حيث ستتحول الأروقة السياسية من مكان لصناعة وصياغة الحياة والارتقاء بها، الى سوق غزل أخر يطير فيه من يطير، وفي الأخر يجمعها كلها " صيادي " واحد!!!
*
اضافة التعليق