بغداد- العراق اليوم:
حسن البصري في 20 فبراير حطت طائرة البوينغ التابعة للخطوط الجوية الليبية على أرضية مطار طرابلس الدولي، أفرغت ما في جوفها من لاعبي ومسيري وصحافيي الوداد والرجاء البيضاويين وأفريكا سبور الإيفواري، كان الجميع مدعوا للمشاركة في دوري الصقر الوحيد المنظم من طرف الساعدي القذافي رئيس نادي الاتحاد الليبي والفتى المدلل للكرة الليبية حين كان والده معمر يحكم ويسود. عبر نجل الزعيم وهو يستقبل الوفود المشاركة في الدوري، عن رغبته في مشاهدة ديربي المغرب بين الرجاء والوداد في من مقصورة ملعب طرابلس بدل الدار البيضاء، ووعد باستضافة أشهر ديربيات العالم في ملعب المدينة الرياضية بطرابلس، في إطار تقريب المباريات الكبرى من الليبيين. في مدخل فندق باب البحر الذي احتضن حفل الاستقبال، توقف لاعبو الوداد والرجاء عند لافتة ذيلت بعبارة: “يخصص الدخل المالي للدوري لمساعدة الشبان على تغطية نفقات زواجهم”، قال لاعب رجاوي: “بغاو يتزوجو على ظهرنا”، وعلق مسير ودادي بنبرة غاضبة “الدوري المقبل سيخصص ريعه لمساعدة الأزواج على إقامة حفل ختان أبنائهم”. وحين علم مدرب أفريكا سبور بالحكاية كشف لمرافق الفريق عن عدد العزاب في تشكيلته ودعاه إلى مراعاة هذا الجانب، قبل أن ينخرط الجميع في جدل ساخر، بينما قال المهندس الساعدي القذافي إن الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية العظمى تحتل تصنيفا متقدما بين الدول التي تعاني من العزوف ليس فقط في الملاعب بل العزوف عن الزواج، وأسهب في الحديث عن التدابير التي اتخذتها الجماهيرية لتنزيل “المال والبنون زينة الحياة الدنيا”، في مجتمع كان يعيش تخمة الشعارات المستوحاة من الكتاب الأخضر، وحين استفاق الراسخون في اللجان الشعبية من نومهم اكتشفوا أن الزواج والثورة لا يلتقيان إلا بمشيئة القذافي. في كلمته المطولة طالب ابن الزعيم بتسقيف المهور ودعا الأئمة والمدربين إلى تشجيع اللاعبين على الزواج، دون أن يجرأ أحد على النبش في سر عنوسة المهندس. حقق الساعدي القذافي أمنية تقريب الديربي المغربي من الليبيين، ولأنه كان يريد أن تكون المباراة بجميع توابلها فقد وجه دعوة للمعلق الشهير عصام الشوالي وطالبه بوصفها مع مراعاة ظروف النص وأسباب النزول، وقال له: “لا تنس أن الصقر الوحيد هو معمر القذافي”، فرد عصام بإيماءة من رأسه تنوب عن السمع والطاعة. قبل أن ينهي الساعدي خطبته أمام الوفود المشاركة، كان رئيس مكتب وكالة الأنباء الليبية “بانا”، يوزع على الصحفيين بيان 20 فبراير، قبل أن يصبح هذا التاريخ مرادفا للثورة والغضب، بينما صاح مخبر ببذلة رياضية “منك نتعلم”، التي ستصبح بعد سنوات لازمة أشهر أغاني الفنان المتحرش سعد لمجرد، يا لسخرية القدر. لعب منخرط رجاوي له شبكة علاقات مع ليبيا دور متعهد الحفل، وهو من أقنع الوداد والرجاء بإجراء المباراة في العاصمة الليبية طرابلس، وهو من اختار الصحافيين الذين اعتمدوا لتغطية حدث كروي مغترب، وهو الذي امتلك حصريا برنامج الرحلة وتفاصيلها، الشيء الوحيد الذي سقط من مفكرته هو ريع المباراة. سأل أحد الصحافيين المغاربة مسؤولا ليبيا برتبة ملازم، عن مداخيل المباراة وما إذا كانت تكفي عائداتها لتسديد المهور المعلقة، فأحاله على الأمين العام للأمانة العامة للضمان الاجتماعي، الذي أشاد ببعد نظر “العازف” الكبير الساعدي القذافي، وروحه الرياضية العالية وقدرته على جعل مباراة في كرة القدم في خدمة أزواج يقومون بعملية إحماء في انتظار الالتحاق بتشكيلة الأزواج. لم يقتصر الساعدي على استضافة ديربي الدار البيضاء وجره إلى طرابلس، بل جلب أشهر ديربيات العالم، مع إصرار غريب على تخصيص عائدات المباريات لأطفال إيريتريا وحوامل طوباغو، وأسرى حرب داحس والغبراء. في زمن “الجماهيرية العظمى” كان معمر القذافي يوشح صدور لاعبي فريق ابنه الساعدي القدافي حين يفوزون بلقب البطولة بوسام من درجة ثائر، وحين ينهزمون ينالون وسام البسالة ويلعنون أمريكا ثم ينصرفون.