بغداد- العراق اليوم:
ان تجلس على كرسيك الوثير، وانت في طابق أحدى الوزارتين، وتضع ساقاً فوق أخرى، وتبدأ بالحديث الذي تتخيله، أو تتصوره، فتلك مهمة سهلة جداً، لاسيما إذا كان الحديث مرسلاً، وبلا شواهد على الأرض، الا لغرض الظهور الاعلامي، وحقن الصحف أو وسائل الاعلام الصفراء بإبرة الاثارة التي أدمنتموها ولكنك هنا تنحر الموضوعية، وتجهز على مبدأ العمل الحكومي المتراكم، المؤسس بعضه فوق البعض، كما تقتضي أعراف الحكومات، وتقاليد السلطات التي تحترم ذاتها. ومناسبة هذا الحديث، تصريحات منسوبة لمعالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية، ووزير الصناعة منذ عامين بالوكالة محمد شياع السوداني، الذي حاول عبر مقابلته هذه رمي الآخرين بحجر، دون أن يخبرنا أن هذا الحجر الذي رمى به غيره من أي مبنى أو شركة اقتلع، وهل تم استيراده أيضاً بعد أن تعطلت شركات ومعامل الوزارة بالتمام والكمال، وأجهزت إدارته – غير المتفرغة- تماماً لهذا العمل بحكم المسؤوليات الأخرى، على نهضة كادت أن تؤتي ثمارها، ابتدأت منذ تولي الوزير الذي سبقه مهام هذه المسؤولية، لو لا إرادات وأجندات، رأت إن استمرار ذلك الوزير سيدمر ممالكها المالية التي بنيت على حساب الوطن والاقتصاد العراقي. فالوزير السوداني الذي انشغل بكيل الاتهامات ضد غيره من المسؤولين الذين تولوا المنصب بأنهم فاسدون أو تدور حولهم الشبهات، وأن تلك الادارات فاشلة وغير مهنية، ولم تنجح في عملها، دون ان يخبرنا نحن المتلقين عما انجزه هو ذاته من انجازات(عظيمة) على مدار العامين المنصرمين الذين قضاهما في ادارة هذه المؤسسة العملاقة، بكل شيء في الموارد والامكانات والقدرات البشرية، وما قدمه في هذه الوزارة التي يريد أن يقول أنه: الوحيد النزيه وأن الأخرين كلهم فاسدون، كي نشاركه الإحتفال بمنجزاته العظيمة هذه! لا يامعالي شياع،ما هكذا تورد الأبل! فاذا كنت تريد ان تؤسس انجازك على جثث الأخرين، وان تتخذ من شعار : ما أتت أمة الا ولعنت اخته، ف– معاليك- تعرف أن العراقيين سئموا هذه النغمة بل وكرهوها ايضاً، فاربعة عشر عاماً مضت على تعليق كل الأخطاء على جثة البعث المجرم وسلطته المندحرة، ثم يأتي الدور الان لنتخذ من بعضنا البعض شماعات لنعلق عليها اخفاقنا الحالي، أو لنبرر عدم نجاحنا بعبارة مخففة، فهو والله أمر بات مضحكاً، واذا كنت تريد منا تصديق هذا الكلام، فنحن معك، ولكن من حقنا أن نسأل: ماذا عن هذه الادارة، وما هي منجزاتها، ولماذا تراجعت الصناعة الوطنية الى أدنى مستوىً لها منذ نهاية 2016، بعد ان استبشرنا خيرًا باطلاق الوزارة حملات لدعم الصناعة الوطنية، بحيث اخذ الجمع يردد انذاك : #صناعتنا_هويتنا، ولكنك اسدلت الستار على هذا وانتهى الأمر الى مجرد تصريحات عن كشف فساد هناك وهناك !, والسؤال الذي يدور في الشارع وتسمعه يا حضرة الوزير مثلما نسمعه:صناعتنا العراقية وين؟ وللأمانة وليس دفاعاً عن أحد، لكننا نؤكد أن الوزارة بعد ان اقيل وزيرها الأول في زمن حكومة العبادي نصير العيساوي الذي اخفق في ادارتها، شهدت انطلاقة قوية جداً بعد ان تولى امرها المهندس محمد صاحب الدراجي الذي لن ندافع عنه، ولكننا فقط نذكر، أن الوزير الدراجي انجز بالفعل وليس بالتصريحات خلال فترة وجيزة ما عجز عنه السابقون، واللاحقون من تحقيقه، ولعلك من المصوتين على القرار الذي استصدره الدراجي مثلاً على حظر استيراد الاسمنت الذي اعاد المنتج الوطني للسوق المحلية، ووفر ملياري دولار لخزينة الدولة سنوياً، ولعلك ايضاً كنت شاهداً على نجاح الوزير في تحويل الشركات الخاسرة الى رابحة بفترة وجيزة، او على الأقل أمنت رواتب منتسبيها، ولعلك ايضاً شاهد ومراقب على اعادة الحياة لمعامل الزيوت والصناعات الهندسية والكهربائية والالبسة والمنسوجات والاطارات وصولاً الى تشغيل معامل انتاج المعدات الحربية والعسكرية التي قاربت أو انتجت بالفعل اعتدة حربية صدت الهجوم الداعشي الجبان، فبعد هذا كله، هل يمكن أن تصح مقولة: أمة تلعن أختها، فلماذا نعلق عدم قدرتنا اذن على غيرنا، ولا نواجه الحقيقة التي هي ببساطة، أن الوزارة بقيت خلال فترة الوكالة ضعيفة غير مستقرة، وكان حريًا بك ان تفعل مثلما فعل زميلك الوزير العيسى حين اعلن عدم قدرته على ادارة المالية الى جانب التعليم العالي، وأنه فضل ان يركز جهده على هذه الوزارة دون ان يتسبب باحراج له ولغيره. اليس كذلك يامعالي شياع ؟
*
اضافة التعليق