بغداد- العراق اليوم:
سنوات متواصلة وثمة حملة ممنهجة تستهدف التنوع الأثني والقومي والديني في العراق، وكأن يداً خبيثة تعمل على ضرب هذا التنوع وافراغ العراق من محتواه ومكوناته الاساسية، حيث تعمل هذه القوى الظلامية على استهداف المكونات العراقية اغتيالاً وتهجيراً وارهاباً، وصولاً لإفراغ العراق من الطوائف الدينية والاقليات العرقية، كي تصل الى دولة مصنفة ضمن الدول الطاردة لابنائها، وينتهي سر قوة وعظمة الأمة العراقية الغنية بهذا التنوع، والحاضرة كواحدة من الفسيفساءات الطيفية الجميلة بين دول الشرق الاوسط. ثمة اتفاق شبه نهائي بين المحللين ومراكز التحليل الامني والاجتماعي والفكري على أن هذا الاستهداف لا ينطلق من فراغ ابداً، ولا يدار الا من جهات لا تريد بالعراق واهله خيراً، وتعمل على افراغه من تنوعه، وقتل هذا التمايز الذي يؤهل العراق للعب ادوار عالمية كبيرة. من هنا، فأن المؤامرة على التنوع الاثني والديموغرافي واضحة وضوح العيان، ولكنها للأسف لم تلق جهداً حكومياً يتناسب معها طوال السنوات الماضية، حتى وصل الأمر الى سبي الايزديات من قبل عناصر داعش المتطرف، واختطاف النساء الشبكيات والتركمانيات وغيرها، فضلا ًعن الأقلية المسيحية التي تقطن الموصل انذاك، وكل هذا محسوب من قبل أعداء العراق بدقة وتخطيط جاد. لكن مع وصول ادارة جديدة لوزارة الداخلية، وضعت هذه الادارة ستراتيجية يجري تنفيذها بهدوء، ولكن بفاعلية على ما يبدو عبر اعادة فتح ملفات استهداف هذه الاقليات، ومطاردة الجهات المتورطة بهذه الممارسات، أو حتى المستفيدة منها، لاسيما في ملف عقارات المسيحيين التي صادرها بعض ضعاف النفوس، أو اجبروا المسيحيين المغادرين على التنازل عنها. ويبدو لمن يطلع على ملف هذه القضية في وزارة الداخلية، أن الأمر معقد للغاية ومتداخل وصعب لدرجة يبدو مستحيلاً، لكن جهود ومتابعة الوزير الاعرجي تسفر يوما بعد أخر عن جهود طبية في هذا المجال، مدعوماً بالقضاء الوطني النزيه الذي ينصف هذه الاقليات وينتصر لها بالحق ولا يتردد. في شق أخر، تفتح الداخلية الملف الجنائي والاستهداف الارهابي المنظم لهذه الاقليات، ويعمل فريق جنائي متخصص وماهر وشجاع في متابعة هذا الملف، فضلاً عن جهد استخباري مثمر، وتتضافر جهود الوزارة مع جهات وطنية أخرى في تنفيذ ستراتيجية حماية التنوع الاثني الخلاق. ولكن ما جرى مؤخراً لاسرة آل مسكوني وعملية الاغتيال الشنيعة، ومع ان التحقيقات الجنائية دلت على ان ثمة دوافع جنائية بحتة، فأن وزير الداخلية لا يزال يتابع شخصياً سير التحقيقات الجنائية، وقد كلف فريقاً عالي الدقة والمهنية والعلمية لتفكيك دوافع الجريمة والوصول الى الجهة او الجهات التي خططت وادارة هذه العملية الجبانة. أن ما يلمسه ابناء الاقليات العراقية الوطنية من جهود لوزارة الداخلية لحمايتهم يوصل رسالة اطمئنان واضحة لهم، ويشعرهم أن الداخلية تتابع كل تفاصيل حياتهم، وتبذل جهوداً طيبة في سبيل تأمين سلامتهم. لكن هذا يجب ان يدعم من جهات حكومية أخرى نتمنى ان تلعب ذات الدور الوطني المشرف الذي تلعبه وزارة الداخلية في هذا المقطع الزمني الصعب من تاريخ بلادنا الناهضة.
*
اضافة التعليق