بغداد- العراق اليوم:
في الوقت الذي كان العراق بجيشه وشرطته وحشده يواجهون غول الدواعش، وآلة الموت المتوحشة التي دفعتها دوائر الصهيونية، ومفاقس الوهابية العالمية، ومدارس التكفير والاسلام المنحرف، في هذا الوقت الدقيق، كانت دوائر أخرى لا تريد للعراق خيراً تحوك المؤامرات لغرض طعن العراق، وتلك القوات المشتبكة من الخلف، لاعاقتها من القضاء على داعش، وكذلك اكمال سياسة الأرض المحروقة، عبر تحويل العراق الى جبهة واحدة متصلة من الشمال الى الجنوب. هذه الدوائر مضافاً اليها انفلات بعض العشائر، وضعف تنفيذ اجراءات القانون في بعض مدن جنوب العراق الوديعة المسالمة، لاسباب شتى من بينها سياسية او اجتماعية، كل هذه العوامل كانت كفيلة باحراق البصرة والناصرية والعمارة، حيث انفلت السلاح، وتغولت بعض الجماعات العشائرية أو لنكن أكثر دقة في التوصيف، تلك الجماعات التي تتخذ من العشائر غطاءًا لانشطتها غير المشروعة كالتهريب والجريمة المنظمة، وفي الوقت الذي كان الابطال يحررون الأرض المغتصبة من داعش، كان الجنوب يكاد ينفلت بسبب تمرد هذه الجماعات، ومع وصول قاسم الأعرجي لمهام المسؤولية، فأنه لم يغفل هذا الملف ابدًا، بل قال كلمة مشهورة، وتحولت الى ستراتيجية عمل واضحة، حيث أكد أن " القانون سينفذ على الجميع في أرض العراق كافة، ولن يسمح لأي كيان ان يتحول الى قوة فوق قوة الدولة، ولن تسمح الداخلية لأي قوة أن تكون فوق قوات الدولة النظامية، مهما تغطت بغطاء أو تسمت بأسماء حتى لو كانت محترمة. ولعل هذا التوجه، يكشف عن منطق رجل دولة، يعرف أن اولى مهام الدولة وابسط تعريف لها، هو احتكارها القوة المسلحة، وبالتالي انفرادها لوحدها بتنفيذ القانون، وتطبيقه على جميع ابناء المجتمع. من هذا المنطلق، ادرك الأعرجي وقيادة وزارته أن ملف العشائر في الجنوب يراد تحويله الى فتنة اجتماعية، وبالتحديد الى احتراب شيعي – شيعي، لن يبقي ولن يذر، سيدخل البلاد كلها لا سمح الله في فرن الحرب الاهلية التي افشلها العراقيون في أن تكون حرباً سنية –شيعية، ليأتي الدور في تحويلها الى حرب داخلية، عبر بوابة العشائر، واستغلال بعض الجهات المعادية لبعض المنفلتين من ابناء العشائر لتنفيذ هذه الأجندة، سواء عمداً او استغفالاً. ولم يلبت الأعرجي طويلاً في المنصب، وفي غمرة الانشغال بالتحرير، حتى أمر بتحريك قوات خاصة من الوزارة لبسط سيطرة وسلطة الدولة في ميسان والبصرة، وبالفعل نفذت ولا تزال بعض المهام تنفذ هناك بقوة وتواصل، دون ان يتوقف، أو يرضخ الأعرجي لضغوط سياسية أو اعلامية، وهي كثيرة طبعاً لكن الرجل الذي يريد للدولة ان تعود لبسط سلطتها القانونية، لم يأبه لهذا كله، وهو متواصل في ضرب معاقل هذا التمرد، واعتقال الواقفين خلفه واحالتهم الى القضاء العراقي لينالوا جزائهم العادل. ان الأعرجي بهذا الفعل يثبت عملياً معنى ان يكون وزير الداخلية عراقياً لا ينظر الا بعين المواطنة، ولا يضع غير مسطرة القانون معياراً للقياس، وهذه واحدة من حسنات هذا الوزير القريب من الشارع، والذي يتحسس آلامه ويتابع مطالبه، ولعل استغاثة محافظ ميسان بالاعرجي كانت في محلها، حيث نفذت الداخلية حملة امنية قوية اعادت السلم والأمن لهذه المحافظة المعطاءة. واما البصرة، فأنها بانتظار بدء عمليات استكمالية لبسط نفوذ الدولة، واعادة الأمن الاجتماعي الذي يقلقه بعض الجهلة، أو المأجورين لينغصوا عيش المواطن البصري. اننا ازاء وزارة قارئة للواقع الأمني والاجتماعي، وذات مصداقية ونهج واحد في تنفيذ الواقع وانفاذه، وهذا أمل العراقيين في الوصول الى الدولة القانونية الرشيدة.
*
اضافة التعليق