بغداد- العراق اليوم:
للتاريخ نكتب
بقلم الفريق الركن احمد الساعدي
خاض جيشنا غمار الحرب الطويلة ضد عصابات داعش والقاعدة واخواتهما بكل عنفوان وبسالة وشجاعة، فبات لكل مقاتل من مقاتلينا البواسل موقف وتاريخ في هذه الحرب الشرسة. الا ان هنالك مواقف متميزة يجب ان تذكر، وصوراً ناطقة بالشجاعة والمرؤة ونكران الذات، يتوجب الوقوف والإنحناء امامها. وهناك اسماء كبيرة عطرت حروفها بالدم، امثال القائدالفذ الشهيد البطل ابن العراق البار (الفريق الركن حسن كريم خضير الغراوي).. فهذا الفارس اسطورة من اساطير الفداء وأنموذج متقدم من نماذج الجندية العراقية، لما له من مواقف تاريخية يجب ان يفتخر بها الجيش العراقي، وعموم العراقيين. لقد كان الشهيد رمزآ للشجاعة والبطولة، سواء في القتال، أو في اتخاذ القرار القيادي الحاسم. وسأسرد هنا موقفاً واحداً للمثال لا للحصر عن بطولة هذا القائد الفذ. لقد كان الشهيد يشغل منصب قائد عمليات الجزيرة والبادية الغربية، وهذا القاطع كما معروف هو ملاذ الارهابين، والمساعد لهم على التسلل بين العراق وسوريا . واذكر في احد الايام قامت مجموعة ارهابية بالهجوم على احد المخافر الحدودية، مما أوقع جنودنا في الاسر، وقد تم نقل هؤلاء الجنود الأسرى الى منطقة البوكمال السورية، وهي مدينة كبيرة، مزدحمة بالسكان، ولها مساحة شاسعة، فكان هذا الحادث تحدياً كبيراً للقائد وجنوده، بل وللجيش العراقي كله، إلا أن إبن الارض السمراء، إبن ميسان البطولة، والغيرة والكرامة، والمتربي في كنف الامجاد، وقيم الرجولة، والفارس الذي لاينام الليل وحقه مغتصب، أبى ان يمضي الى فراش النوم، وجنوده تحت رحمة العدو. وهنا تتجلى شجاعة القائد، ويظهر معدنه الأصيل، وتبان شمائله المعهودة والمشهودة، فكان من الطبيعي ان ينتفض القائد الشهيد البطل، ويرفض ان يرى في اليوم التالي جنوده يساقون امام العالم، أو يذبحون، أو يهانون، فكان القرار الذي لا يمكن ان يتخذ غيره قرار، وأقصد قرار مهاجمة منطقة البو كمال السورية بدون موافقات من الحكومتين العراقية والسورية، وأن يتولى بنفسه قيادة كتيبة دبابات، ويدخل الى حيث العمق السوري في منطقة البوكمال، فيحرر جنوده بيده ويقتل عدداً من الارهابين ويعود بجنوده معززين مكرمين وهو يردد الإهزوجة الشهيرة (يعماره ابنج عايف روحه)! هذا موقف واحد من المواقف التي نفتخر بها لهذا القائد الكبير، كيف لا وهو الذي رفض ان ينام الليل وجنوده اطرى لدى العدو، فاسترخص كل شي من اجل المحافظة على ارواح مقاتليه، والحرص على سمعة الجيش العراقي المجيد. رحمك الله ابا مثنى ايها الغيور الشجاع، والوطني المخلص النزيه. في الختام دعوني استغل هذه الفرصة، وألتمس من القائد العام للقوات المسلحة، وكذلك الاخ محافظ ميسان بإنشاء نصب تذكاري للشهيد الغراوي، يوضع في احدى ساحات محافظة ميسان، تخليداً له وعرفاناً، ووفاء منا جميعاً، لما قدمه الشهيد الخالد من مواقف بطولية عبر تصديه الواعي الجسور للعدوان الداعشي. والله من وراء القصد
*
اضافة التعليق