بغداد- العراق اليوم:
لندن – قال وزير المالية البريطاني فيليب هاموند، أمس، إن بلاده خفضت توقعاتها الرسمية للنمو الاقتصادي للعامين المقبلين، وذلك تقديمه لأول ميزانية عامة، منذ تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي. في 23 يونيو الماضي.
وتوقع أن يرتفع صافي الدين العام إلى مستويات قياسية عند 90.2 بالمئة في 2017-2018 وذلك من تقديرات بنسبة 81.3 في المئة في مارس الماضي. ولم يترك ضعف المالية العامة أي مجال أمام هاموند لزيادة الإنفاق العام أو إجراء تخفيضات كبيرة على الضرائب.
ورجح مكتب مسؤولية الموازنة الذي يصدر توقعات مستقلة عن الميزانية البريطانية، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4 بالمئة خلال العام المقبل انخفاضا من توقعات عند 2.2 بالمئة في مارس الماضي، أي قبل صدمة البريكست.
وقال هاموند أيضا إن مكتب مسؤولية الميزانية يتوقع نموا يبلغ 1.7 في المئة في عام 2018 مقارنة مع توقعات مارس البالغة 2.1 بالمئة. وأكد أمام البرلمان أن “مهمتنا حاليا إعداد اقتصادنا كي يكـون مرنا في الوقت الذي نخرج فيه من الاتحاد الأوروبي وأن يتـواءم مع المـرحلة الانتقالية التي ستلي ذلك”.
وكشف أن الحكومة البريطانية ستقترض 122 مليار إسترليني إضافية على مدى السنوات الخمس المقبلة مقارنة بما توقعته قبل تصويت البلاد على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف هاموند أنه سوف يطلق صندوقا لاستثمار 23 مليار إسترليني (28.58 مليار دولار) في السكك الحديد والاتصالات والبنية التحتية للإسكان على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تأمل في مكافأة العائلات المتواضعة التي صوت الكثير منها لمصلحة الخروج من الاتحاد، لكن وزير المالية لا يمكنه الإضرار بحسابات الدولة التي شهدت بعض التحسن بفضل سنوات من التقشف.
وقالت فيونا سينكوتا المحللة في مجموعة “سيتي ايندكس” إن “المالية البريطانية ليست في صحة جيدة بدرجة كافية لاتخاذ قرار جنوني بالإنفاق، رغم صمود الاقتصاد بدرجة لم تكن متوقعة منذ صدمة البريكست”.
ويقول محللون إن الاقتصاد البريطاني لم يتلف حتى الآن سوى جزء بسيط من تداعيات البريكست، وأن ذلك مؤجل إلى أن تقوم بتفعيل المادة 50 من ميثاق الاتحاد الأوروبي لبدء إجراءات الانفصال.
على صعيد آخر أكد وزير الخزانة البريطاني أن بلاده ستلتزم بخطتها لتقليص ضريبة الشركات من 20 بالمئة إلى 17 بالمئة بحلول عام 2020، والتي أثارت مخاوف الأوروبيين وخاصة ألمانيا من اندلاع سباق لاستقطاب الشركات.
وكانت رئيسة الوزراء قد قالت لاتحاد الصناعة البريطاني الاثنين إن نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تمثل “فرصة لبناء دولة أكثر قوة وعدلا “.
وأضافت أنها تريد أن يكون لدى بريطانيا “أدنى معدل ضريبة شركات في مجموعة العشرين، وأيضا نظام ضريبي، يشجع على الإبداع بشكل كبير”.
وتحاول بريطانيا بشتى السبل ثني الشركات عن الانتقال إلى أوروبا إذا ما فقدت حق الدخول الحر إلى السوق الموحدة، بعد أن أعلن عدد كبير من المصارف والشركات عزمها الانتقال إلى الاتحاد الأوروبي. وقد اتسعت تلك المخاوف، أمس، حين كشفت مصادر في البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير أن البنك يدرس خيار نقل المئات من الموظفين من مقره في لندن في إطار برنامج لتعزيز الكفاءة بدأ في وقت سابق هذا العام.
وأكدت أن أندراس سيمور المدير المالي للبنك الأوروبي للإنشاء يعكف على مراجعة مازالت “في مراحلها المبكرة جدا” لتقديم توصيات إلى الحكومات الخمس والستين المساهمة في البنك في النصف الثاني من العام المقبل.
ولا ترتبط الخطوة المحتملة ارتباطا مباشرا بتصويت بريطانيا في يونيو لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لكن أحد المسؤولين قال إن أي تحرك صوب الخروج من السوق الأوروبية الموحدة قد يؤثر في قرار البنك.
كما أعلنت شركة إيزي جيت للطيران منخفض التكلفة هذا الأسبوع أنها تعتزم نقل مقر عملياتها إلى دبلن، للمحافظة على حقها في تسيير رحلات بين مطارات الاتحاد الأوروبي.
وكانت دراسة أجراها بنك كريدي سويس للثروة العالمية، قد أظهرت الثلاثاء أن حجم الثروة في بريطانيا انخفض 1.5 تريليون دولار عند حسابها بالعملة الأميركية نتيجة هبوط قيمة الإسترليني منذ التصويت على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وتثير هذه الأرقام قلقا لدى البريطانيين والسوق المالي في بريطانيا جراء الانخفاض الخطير في القيمة المالية للبلد قبل الدخول في سياق المفاوضات للخروج من الاتحاد، وقبل الخروج الفعلي من السوق الأوروبي.
وتحاول الحكومة البريطانية التوصل مع الاتحاد الأوروبي إلى صيغة تخوّل لها عدم الالتزام بحرية تنقل الأشخاص، لكن تسمح لها بالاستفادة من مزايا السوق المشترك.
إلا أن أوساط الاتحاد الأوروبي في بروكسل ترفض ذلك، وتعتبر أن مبدأ حرية التنقل هو من الجذور الفلسفية لوجود الاتحاد، فيما تذهب بعض التوقعات إلى أن دول الاتحاد، لا سيما فرنسا وألمانيا، تريد أن تجعل من عملية خروج بريطانيا أمثولة لمنع أيّ انزلاقات انفصالية أخرى.
وهبط سعر الجنيه الإسترليني منذ الاستفتاء بنحو 16 بالمئة مقابل الدولار، ما يعني انخفاضا حادا لقيمة الثروة في بريطانيا بالدولار، إلا أن بعض الأوساط الاقتصادية تروّج لمزايا سيستفيد منها السوق جراء الخروج من أوروبا.