بغداد- العراق اليوم:
افراد التنظيمات الارهابية وتحت جميع المسميات سواء كانوا من القاعدة او من تنظيم داعش، او من مجالس (الثوار) او غيرهم، فهم كلهم مشروع تخريبي تم الاعداد له بدقة في دوائر المخابرات المعادية المتخصصة، لأجل تفتيت وتدمير العراق.
ونعتقد هنا انهم ينفذون مشروعهم بمراحل وجداول زمنية محددة، لكن بفضل الله علينا تحرر العراق وتم طرد الارهابيين وكل من كان معهم من الخونة، وقد فشل مشروعهم الغبي لكونهم لم يقرؤا تاريخ العراق بشكل جيد مع غياب حقيقة واحدة ومهمة هي ان الشعب العراقي، شعب مقاتل، لن يرضى قطعاً بالذل والاحتلال، كما ان عواصف الازمات تجعل منه كتلة واحدة متراصة، وهذه صفة العراقيين الدائمة .
نعم لقد حققنا النصر على الارهاب ميدانياَ، وتفكك التنظيم التكفيري بفعل الضربات العسكرية والاستخبارية ما ادى الى اضعاف كبير في قدراته العسكرية والقتالية، لذا يجب علينا ان نفكر، ونتسائل بمجموعة من الاسئلة المهمة، والجواب عليها سيقودنا لوضع ملامح استراتيجية امنية، لمرحلة ما بعد هزيمة الدواعش ميداني.
هل من الممكن مثلاً ان تعود الحواضن كما كانت سابقاً- أي قبل عام ٢٠١٤- وبعد كل ما حصل من دمار، وتشريد، وهدم، لكل القيم الاجتماعية والدينية، وهل لدى الدواعش القدرات على اعادة تنظيم أنفسهم من جديد خلال المدى القصير ، وهل يغير الدواعش استراتيجية عملياتهم العسكرية في المرحلة القادمة؟
لذلك: ١- يجب ان نضع امامنا حقيقة مفادها ان الارهاب (فكر وعقيدة)، يعمل وفق تخطيط تنظيمي عقائديآ وهذا ما يعطيه فرصة ايجاد مناخ وبيئة مناسبة، ينمو فيها، ويستخدم الخطاب الديني لمخاطبة عقول البسطاء او الساذجين، فيكسب ذوي العقد النفسية، وذوات الشذوذ السيكولوجي، وهذا هو اسلوبه في السيطرة (الترهيب والترغيب) .
نعم لقد انتصرنا على الدواعش ميدانياً في ساحات القتال ولكن هذا لا يمنع من وجودهم الان بين عموم الناس. واعتقد ان من الممكن ان تعود حواضن الارهاب مرة اخرى مالم نحارب الدواعش عقائدياً ايضاً مع خلق بيئة طاردة لهم، وهذه المهمة يقوم بها رجال الدين وشيوخ العشائر واجهزة الاعلام بكل انواعها، والنخبة الوطنية، والاهم في ذلك هو توحيد المواقف الوطنية سياسياً.
نعم هو عمل شاق ومكلف ويحتاج للرجال الشجعان ممن لديهم الاقدام والعزم والوطنية ، ٢. داعش تنظيم ارهابي دولي غير محدد بفسحة او جغرافية محددة، فلربما يفقد الارض بالعراق وسوريا تماماً لكنه متواجد بالبلدان الاخرى. ونعتقد ان لدى مثل هذه التنظيمات القدرات على اعادة نفسها تحت مسميات اخرى وكذلك لديها القدرة على الاختباء في المناطق البعيدة عن رقابة الحكومة، وقد يحتاج الارهابيون لمدة ليست اقل من عامين لاجل ترتيب اوضاعهم التنظيمية والقتالية.
وتشير المعلومات الاستخبارية الى انتقال التنظيم الارهابي الى ليبيا حالياً. ٣-بعد ان تكبد داعش الخسارة، وذاق مرارة الهزيمة الساحقة عسكريا في العراق وسوريا ما ادى الى ضعف قدراتة العسكرية والمالية والتنظيمية والبشرية، وهنا نعتقد ان التنظيم وخصوصاً قيادته العليا، سيقوم باعادة حساباته ومن بين تلك الحسابات، الاستراتيجية التي استخدمها خلال الاعوام المنصرمة، مما يرغم الارهابيين على اعادة النظر بالجوانب التالية:
التحالفات التي عقدها مع التنظيمات الارهابية الاخرى مثل حركة حماس ومجالس الثوار وحزب البعث المنحل وغيرها ..ومراجعة العقيدة العسكرية واساليب القتال وخططه السابقة.
اني ارى ان هذا التنظيم سيقوم بتغيير اغلب الخطط، ونتوقع منه خلال الفترة القادمة سيعود للعمل بالخلايا النائمة، مع تنفيذ بعض العمليات الارهابية النوعية التي تحدث اكبر الخسائر البشرية والمادية لأجل اثبات الوجود، وإحداث الصدى الاعلامي الموثر نفسياً على عموم الشعب. ٤- على ضوء ماذكر اعلاه، نقترح الخطة التالية لمواجهة الارهاب بالمرحلة القادمة : أ- يجب اعداد الخطط لمرحلة ما بعد الانتصار العسكري كما ذكرت سلفآ، فالارهاب الذي ضعفت قدراته، لايعني نهايته، أو توقف الارهابيين بشكل مطلق عن ارتكاب جرائمهم، وهذه الحقيقة تضعنا امام تفكير وتخطيط آخر غير التفكير العسكري البحت، إذ يجب التركيز هنا على المواجهة معه بالعمل الاستخباراتي، وتطوير اساليبنا، وقدرتنا في هذا المجال. ب-ضرورة التنسيق والعمل المشترك مع اجهزة الاستخبارات الدولية والاقليمية لمتابعة الارهابيين، والعمل على ايجاد دائرة موحدة بين هذه الاجهزة. ج- العمل على حرمان الارهابيين من الحصول على حواضن جديدة وذلك من خلال تجاوز السلبيات السابقة التي حصلت من قبل الاجهزة الامنية والحكومات المحلية وعدم التهاون في محاسبة وتنفيذ الاحكام بحق الارهابيين والمجرمين مع ضرورة مد جسور الثقة بين المواطن والحكومة. د- ايجاد فرص عمل للشباب العاطلين لأجل ابعادهم عن العوز المالي - وهو احد اسباب انضمام بعض الشباب للعمل مع الارهابيين- ونود التأكيد على نشر ثقافة التعايش السلمي بكل الوسائل الاعلامية والدراسية. هـ- اجراء مصالحة حقيقية تنم عن الشعور الوطني مع مكونات الشعب وتحويل ملف حجز الاموال الى القضاء للبت به، حيث لازال قانون رقم ٧٢ فيه الكثير من الغموض مما يتيح لضعفاء النفوس استغلال هذا القانون لتحقيق المآرب الشخصية. و-ضرورة اختيار القيادات العسكرية والامنية(المهنية والنزيهة الوطنية)، التي تمسك الملف الامني في المحافظات الساخنة، كي لانعود للسلبيات السابقة ذاتها، مع شرط اجراء تقييم منتظم للوضع الامني وبشكل دوري مستمر . ز- يجب اعادة النازحين الى بيوتهم مع تدقيق الموقف الامني لهم وعدم السماح بالعودة لذوي الارهابيين و ضرورة تسليم الملفات الخدمية الى مجالس المحافظات، والمباشرة باعادة اعمار المدن المتضررة.
رحم الله شهداءنا واشفى جرحانا ، ولعنة الله على الظالمين والفاسدين وكل من اراد لشعبنا السوء والدمار
*
اضافة التعليق