بغداد- العراق اليوم:
من واشنطن العاصمة الأمريكية طالب نائب الرئيس العراقي المُعاد بقرار المحكمة الاتحادية لمنصبه، اسامة النجيفي، رئيس الوزراء حيدر العبادي، بالموافقة على عدة شروط لضمان حصوله على دعمه لولاية ثانية. النجيفي قال في حديث لرويترز أنه يشترط على العبادي مغادرة حزب الدعوة الشيعي، المدعوم من إيران، والانخراط في مظلة وطنية، كي ينال دعمنا. ولعمري أنها أغرب دعوة منذ تشكيل العملية السياسية، حيث يتجرأ صاحب أكبر مشروع خارجي في العراق للطلب من الاخرين بمغادرة الحاضنات الخارجية المزعومة، وينسى نفسه، وهو الذي تربى ولا يزال في حاضنة خليجية - تركية ولا يخفي ذلك قطعًا. فيما أن اتهام الاحزاب الشيعية ( مع تحفظنا الشديد على اللغة الطائفية لكن لضرورة الرد) ما زال مجرد ادعاءات، ولم يسبق لأي حزب شيعي تاريخي ان اعترف بأنه ينفذ اجندة، أو على الأقل أن مشروعه متطابق مع المشروع الايراني. ومع ذلك يطلق النجيفي اتهامه هذا باريحية تامة، وكأن التدخل الأخر جائز، ولا غبار ان يتلقى هو وحزبه وتكتلاته الطائفية الدعم من الأخرين. فيما أن القاعدة يجب أن تكون أن لا دعم خارجي لأي طرف، وأن اتهامًا بالدعم يرقى لمصاف الخيانة الوطنية، ولكن الرجل استمرأ هذا الأمر على ما يبدو ولم يعد يرى فيه ما يضير أن يُتهم هو به، أو يتهم به الأخرين. ولسنا ناطقين بأسم العبادي ولا حزب الدعوة لنرد عليه، لكننا نتحفظ من مبدأ : أن صدق فتلك كارثة، وأن كذب فالكارثة أكبر !. النجيفي خص بالذكر قوات الحشد الشعبي، مدعيًا بأنها واحدة من أكبر التحديات في عراق ما بعد “داعش ”، وقال إنه سيكون من المستحيل إجراء انتخابات قبل سيطرة الحكومة على أسلحتها. وزعم النجيفي “ان هذا سيشكل تهديداً للاستقرار في العراق إذا لم يتم السيطرة على هذا السلاح، وضبطه ودمجه بالقوات المسلحة. فالطريق السليم الوحيد كما يقول النجيفي يكمن في ضم هذه القوات إلى القوات المسلحة والسيطرة عليها”. وأضاف قائلا “من غير المعقول أن نجري انتخابات في ظل السلاح المنتشر بهذه الكثافة أو في ظل نزوح ملايين الناس عن ديارهم أو عدم قدرتهم على العودة. هذه ستشوه الانتخابات”. ولننطلق في نقاش ما قيل اعلاه، حيث أن النجيفي يحاول جاهدًا المقارنة بين قوات الحشد الشعبي، القوات النظامية التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة، والتي تحمل قانونًا شرعيًا صادراً من مجلس النواب، وبين عصابات داعش الارهابية، مدعيًا انها تساوي خطر داعش بعد انهزام التنظيم الارهابي. وهذه واحدة من المغالطات الكبيرة التي يراد ترسيخها في الوعي الشعبي والا كيف أن قوات الحشد تمثل اعاقة، وهي التي اعلنت وتعلن التزامها الحرفي باوامر القائد العام للقوات المسلحة، وهي القوات التي تخضع لكافة الاوامر العسكرية حرفيًا، ولم يسجل عليها أي خرق في هذا المجال طول المعارك . ثم أن النجيفي يشير بخباثته المعهودة الى ان هذه القوات شيعية تابعة لايران ايضًا. ولكنه يتغافل كعادته لغة الارقام، حيث يتألف الحشد الشعبي الأن من حوالي مئة الف مقاتل، فيهم خمسة وثلاثين الف مقاتل من محافظات وسط وغرب العراق، وهم ابناء طائفة معينة، فضلاً عن حشد مسيحي ويزيدي يتكون من عشرة الاف مقاتل، مضافًا اليهم حشد التركمان والشبك الذي يبلغ حوالي عشرة الاف مقاتل. بما يعني أن نسبة 55 % من الحشد هم من ابناء المكونات العراقية، فكيف يوصف بأنه حشد شيعي ؟. الا أنها جزء من البروغندا التي تمارس للتظليل ليس الا. والنجيفي الذي يفترض نفسه زعيمًا وازنًا في الشارع السني، ويحاول أن يخلق ضداً نوعياً له بالعبادي أو بغيره، انما هو يحاول اعادة استقطاب الشارع طائفيًا بعد ان رفضهم أشد الرفض هو وأخوه. ختامًا نود نقول للنجيفي ان هذه التصريحات والشروط لا تنتمي للواقع الحاضر، ولا الى صفحة ما بعد داعش ابدًا، وكان بالامكان التفاعل معها في وقت قبل هذا، الا ان الفضاء الوطني اتسع اليوم بقوة وغطى على كل الفضاءات الأخرى، ولم يعد لك أي وزن في الشارع. سواء كان موصلياً او غير موصلي، والأفضل لك ان تتوقف عن اللعب بأوراق خاسرة، ومحروقة مثلك.
*
اضافة التعليق