بغداد- العراق اليوم:
فجأة اختفت النبرة العالية وغاب شباب الحكمة وشيبه عن المشهد، وانطفأت الخطابات الوطنية على خشبة المسرح بعد ان غاب الممثلون خلف ستار صامت، لا حركة ولا نفس، ولا صوت، الكل اغلق فمه، واوقف العرض، بانتظار انجلاء الموقف، او بيان النتيجة، هكذا يمكن ان نصف ما يجري من قبل تيار الحكمة وقياداته، فالصمت المُستغرب شعبيًا لا يزال يغلف موقفهم من ازمة بغداد، بل ومحنتها مع حليف المجلس الاعلى الستراتيجي، وحليف الحكمة الدائم مسعود برزاني، الذي لم يكلف قادة الحكمة انفسهم عناء اصدار بيان واحد عن حماقته التي كادت ان تودي بالوطن الى غياهب الحرب الأهلية الدامية.
السؤال المحير الذي لا يجد اجابة شافية، هو لماذا يصمت الحكيم وتياره ازاء محنة عراقية بنيوية كهذه، وهو الذي كان ولا يزال يطرح نفسه زعيمًا عراقيًا عابرًا للطوائف والقوميات، فكيف لزعيم مفترض ان لا تهزه محنة تتجزأ بسببها الأرض، وتدمر الجغرافيات التاريخية، لا من اجل شيء، الا من اجل انشاء كانتون غير مؤهل محلياً واقليمياً وعالمياً لأن يكون كياناً ذا شخصية وحدود .
لم يصمت الحكيم واتباعه عن ادانة ما فعله مسعود، وما يفعله فحسب، انما راح يطالب الحكومة الإتحادية باحتواء المشكلة، وعدم تأزيم الموقف، رحمة وحماية للمواطن الكردي، وهي لعمري كلمة حق يراد بها باطل!
والسؤال الذي يجب ان يطرح على السادة في تيار الحكمة:
كيف لشريك سياسي، وطرف فاعل في الدولة بحجم السيد الحكيم وتياره المتغلغل في خارطة المناصب والوظائف الحكومية، والعنصر البارز في العملية السياسية ان يقبل بهذه الانتهاكات الدستورية، ويغض النظر عنها، ويترك حلفاءه في الوطن، وشركاءه في الطائفة يصارعوا هذا المتغول الفاسد دون اسناد منه، وهو الذي نصبوه رئيسًا لتحالفهم النيابي والسياسي الاكبر في البلاد؟.
اسئلةً، تهزم اي محاولة لتحييد ما يسميه البعض بنظرية المؤامرة، وتسقط ما في ايدي المدافعين مهما كانوا سليطي الالسن ومبسوطي الايدي في اختراع الحجج والتبريرات، و لا يمكن قطعاً ادراج هذا الصمت الا في خانتين لا ثالث لهما.
فاما ان يأتي صمت الحكمة والحكيم من باب اذهب انت ورربك فقاتلا، انا هنا قاعدون، ولذا فهم بانتظار الطرف المنتصر من المعادلة، ليخطئوا المهزوم، ويمدحوا المنتصر، ويشيدوا بحكمته الفائقة التي ادت الى نصر هذا وهزيمة ذاك، وتلك هي الانتهازية بعينها. واما ان تكون مصالح الحكيم وتياره المالية والاقتصادية العميقة هي من حالت دون الافصاح عن موقف، او على الاقل الاصطفاف مع المصطفين مع بغداد في جبهة رفض التقسيم والاستفتاء. وذلك يمكن ان يعزى ايضًا الى خوف حقيقي من تهديدات برزاني التي هدد بها عشية الاستفتاء، والتي اكد فيها انه سيفضح تيارات واحزاب كبيرة ونافذة ان هي عارضت الاستفتاء او تجرأت عليه بكلمة. فهل ان السيد الحكيم واحد من هؤلاء الذين هددهم البرزاني لا سمح الله؟!
*
اضافة التعليق