بغداد- العراق اليوم: يومًا بعد اخر يثبت رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، انه يسير بخطوات منتظمة وصحيحة نحو بناء، او لنقل اعادة تركيب عناصر القوة لدى بغداد من جديد، وفق سياسة هادئة تتجنب كثيرًا صواعق الصدمات الإعلامية، والمهاترات. العبادي الذي امضى عامه الثالث في سدة الحكم، ادرك عناصر هذه القوة، وبدأ بعملية استخدمها وفق ما تقتضيه المصالح العليا، محاولًا تفكيك العقد التي كانت تحول دون استخدام الذخيرة غير العسكرية في معارك استعادة السيادة، والبناء الناجز لمشروع دولة المواطن، ولأن المشروع قد. تعثر مرات ومرات، فأن الرجل الهادئ المبتسم، يبدو انه ليس من النوع الذي يستسلم بسرعة، او ينفد صبره قبل أوانه، فيظل كما النساج يحاول الرتق هنا، ويوصل المتقطع هناك، لبناء رؤية يراها الكثيرون فيما بعد قوية، على الرغم من حملات السخرية، والانتقاص التي ترافق تلك العملية البطيئة نوعًا ما، كما في ملف معالجة مشكلة الفساد والارهاب وغيرها من المشاكل التي تتم معالجتها بتأن وصبر. في الملف الكردي كان العبادي اكثرً وعيًا من غيره، فقد كان يعرف ان من سيصل اخيرًا، سيلعب كثيرًا، ولم يك يراهن على شيء اكثر من الصبر الستراتيجي. فالخصم الذي امامه عنيد، لكنه لا يملك سوى قنبلة الحرب الأهلية، وهو لا يتورع باستخدامها ان اضطر في لعبة المقايضة، فمسعود لا شرعية له، ولا مظلة قانونية يستند عليها، ولا تأييد شعبي يمنحه الحق في التصرف، اللهم سوى القبضة الحديدية التي يفرضها على الواقعين تحت حكمه الفاسد المستبد. كانت بين العبادي ومسعود لعبة استفزاز، وكان مسعود مستفزًا من ذاته، لذلك لم يعمد العبادي ان يجابه ذلك بذات الطريقة، فبدأ معه بهدوء قاتل، ودم بارد، ثم شيئاً فشيئاً بدأ يضيق عليه الخناق، وخطوة تلو الخطوة وسط تأييد حاد لتحركات بغداد (داخلي وخارجي)، فيما كان التخبط البرزاني باكثر صوره وضوحاً. وحين ضيق الخناق على مسعود حاول ان يراوغ، فلم يجد بدًا من الهرب نحو كركوك التي يراها مسعود ابار نفط يسرقها ويحول اثمان نفطها لحسابه الشخصي، فيما تطل المجاعة بوجهها البشع على الشعب الكردي. كانت حكمة العبادي ووعيه اكبر من مكر برزاني الذي حاول عبر شراء ذمة المحافظ الهارب نجم الدين كريم التسلل الى كركوك وفرض الامر الواقع عليها، ومن ثم احراقها في حرب استنزافية مع بغداد. عرف العبادي المخطط وادركت الاطراف الكردية خبث ما يحاك في الدوائر البرزانية، فكانت ضربة دخول القوات الاتحادية الى كركوك القشة التي قصمت ظهر المشروع البرزاني للأبد. فقد مني مسعود بشر هزيمة في تاريخه، ومرغ العبادي اليوم انف الإنفصال بوحل الذل، ومسعود يرى كيف هربت قواته، وكيف تداعت اركان قيادته التي كانت تؤمل نفسها بأنتصار عاصف سيحققه القائد الاعلى لكردستان كما يصف مسعود نفسه، لكنها اكتشفت انه ليس الا نمراً من ورق، انتهت حكايته وستطوى الى الابد بإرادة الشعب الكردي عما قريب، لتبدأ كردستان عهدها الجديد القائم على مبدأ العدالة والديمقراطية والمساواة بين الجميع.
*
اضافة التعليق