بغداد- العراق اليوم:
هل بدأ الانهيار في جبهة بغداد مبكرًا كما توقع السياسيون الكرد، وان نفس اربيل الطويل هو من سينتصر في نهاية المطاف؟
فبعد تحركات علاوي- النجيفي - أمس، جاء اليوم تحرك سليم الجبوري، ليضع السؤال عن المحرك والدافع لهذه التحركات في فوهة المدفع، ويطلقه نحو المجهول دون ان يعثر على أدنى جواب البعض يقول انها بلا دافع غير دافع المصالح الشخصية لا أكثر .
فهي تأتي في اطار التسابق لإعلان المواقف لشراء دعم برزاني في انتخابات ٢٠١٨، والتي يؤمل الثلاثي اعلاه عليها كثيرًا في قلب معادلة العراق ما بعد داعش.
فبعد اقل من اربعة وعشرين ساعة فقط، من لقاء النجيفي وعلاوي بمسعود برزاني واعلانهما الغريب بايقاف الاجراءات ضد الاقليم من جانب بغداد. طار الجبوري على وجه السرعة نحو اربيل للقاء مسعود، دون اسباب معلنة لهذه الزيارة ولا الهدف منها، ولا من تمثل، ولا الاطار السياسي الذي ستوضع فيه.
الاسئلة طويلة ومحيرة تنسدل امام اي متابع لهذا الحراك السياسي( السني) في فترة تواجه بغداد تحركًا وتمردًا من قبل اقليم شمال العراق، وهي تحاول ان تجابهه باجراءات قانونية جرى التوافق عليها تحت قبة مجلس النواب العراقي. واكتسب التحرك الحكومي الصفة القانونية والشرعية بتخويل رئيس الحكومة باتخاذ الاجراءات المناسبة لردع متتهكي الدستور، وخارقي احكام القضاء بشكل مُهين. ان هذه الزيارة تأتي في لحظة حرجة للغاية، فهي تلف نفسها بغموض النوايا والاهداف، والمشكلة ان الجبوري هو ذاته من قاد التحرك النيابي ضد الاقليم، وكان له صوت عالً في مجابهة الانفصال، فما حدا مما بدا، ليعود عن هذا، ويتجه راكضاً صوب مسعود الذي لم تمضِ ايام فقط على توجيهه إهانة بالغة له في مراسم دفن طالباني.
هل تأتي الزيارة مثلاً بعلم رئيس الحكومة حيدر العبادي ودرايته، و بالتشاور معه، وقطعاً فإن هذا الأمر لم يحصل برأينا مليون في المئة، ام تراه مضى لأربيل بتكليف من كتلته، أو من بعض الشخصيات السنية التي لها تأثير على الجبوري، بعد فشل وساطة النجيفي وعلاوي قبل ان تبدا ؟!
فما الذي تغير في المعادلة كي يوفد الرئيس العبادي، سليم الجبوري الى اربيل - اذا كان العبادي بعثه رسمياً- ومالذي قدمه مسعود من تنازلات كيما تقدم بغداد على خطوة كبيرة في تطبيع العلاقات مع انفصالي متمرد مثله؟. وما الذي ترتجيه الحكومة من شخص عنيد متزمت مثله، وهو الذي يراهن علنًا على ان الاكراد سيفرضون الامر الواقع في نهاية المطاف. فاذا كانت هذه الزيارة بعلم العبادي وموافقته فتلك مصيبة، اما اذا كانت الزيارة شخصية، ولم تجرِ بالتشاور مع الحكومة فالمصيبة اعظم، وبهذه الحالة فإننا ندعو العبادي الى اعلان براءته من هذا التكليف غير المجدي، بل والضار، الذي سيشجع الطاغية المغرور برزاني على ركوب رأسه حتى الساعة الخامسة والعشرين، حيث وقتها لن يجدي الندم نفعاً.
ان زيارة الجبوري اشارة بالغة الخطورة توجه للداخل والخارج، تدلل على مدى انقسام بغداد وتشظي موقفها في اشد الظروف صعوبةً، واكثرها حلكةً.
نعم فهذه الزيارة ستؤسس بكل الاحوال الى امر خطير، مفاده ان لا جبهة منظمة وموحدة بين القوى السياسية العراقية لمواجهة تلك التهديدات التي تمزق وحدة البلاد. وستمنح البرزاني فرصة ثمينة لاضعاف خصومه المحليين ومناوئي الانفصال، حيث سيثبت مقولته ان بغداد لن تقاوم اكثر من شهر، وستنهار تحت مطرقة المصالح الفئوية والجهوية والمذهبية.
ما قام به علاوي والنجيفي وثالثهم الجبوري الآن، لا يقرأ الا في اطار الانتهازية السياسية بابشع صورها، وهي جزء من مخطط خياني تآمري على وحدة العراق، حتى يثبت العكس.
*
اضافة التعليق