“تايمز″: سفاح لاس فيغاس أخطر من بن لادن والبغدادي

بغداد- العراق اليوم:

كتب المعلق ديفيد أرونوفيتش في صحيفة “التايمز″ إن سفاح لاس فيغاس ستيفن بادوك مخيف أكثر من زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وقال إن بادوك الذي كان يفضل شرب قهوة “موكا كابوتشينو” في مقهى “ستارك باكس″ قتل في يوم أكثر بستة أشخاص عن الذين قتلوا في هجمات لندن في 7/7/2005 وغير كونه رجلاً فلا توجد أية صفة من الصفات التي نجدها في القاتل السفاح. فقد كان عمره 64 عاماً ولم يكن متذمرا وتعرض في شبابه لعمليات بلطجة ولم يكن مجندا في شبكة جهادية، برغم مزاعم تنظيم الدولة المثيرة للتقزز. ولم يكن مجرماً سابقاً له سوابق وقضى فترة في السجن. وكل ما يوجد له من سوابق أنه قام بتقديم دعوى ضد فندق بسبب حادث لا قيمة له. ولا تحمل جريمته ملامح من يريد تدمير العالم أو أنه كان يعاني من مشاكل مالية أو مر بتجربة عاطفية وانهيار عائلي أو حتى كان يعاني من مرض لا شفاء منه. ولم يترك وراءه فيديو تحدث فيه عن دوافع الجريمة. وبرغم وصف الرئيس دونالد ترامب له بأنه رجل مريض جداً جداً إلا ان تقويمه لم يعتمد على ما يبدو على تقارير نفسانية أو أي شيء. والمشكلة كما يقول أرونوفيتش إن الضحية هي التي تريد معرفة السبب. فلو كان الناس يتوقعون مقتلهم في حفلة فهم يريدون معرفة الدافع حتى يفهموا ما يجري. والكاتب هنا لا يتحدث عن ضرورة التحكم بحيازة السلاح بل عن الدافع. فما نعرفه عن المذبحة الحالية أنها الأسوا وغير قابلة للتوضيح. وهي قصة بثقب كبير. ومن هنا ينتظر الجميع معرفة صورة القاتل وأسراره إن اكتشفت. وفي الوقت نفسه سيحاول دعاة نظريات المؤامرة ملء الفراغات في القصة. وقد لا نعرف أبدا دوافع بادوك ولكن بالتأكيد كان مندفعاً لارتكاب جريمته بشيء. فقد خطط كثيرا لما كان سيقوم به. وكان يريد عمليته أن تتحول إلى مسرح مثير، واشترى لهذا الغرض هذا الكم الكبير من الأسلحة والذخيرة وأدخلها في غرفته بالفندق في الوقت المحدد. وكان عليه أن يزودها بمخزن يحولها من بنادق شبه أوتوماتيكية إلى رشاشات. وكان عليه التلاعب بالكاميرات حتى تحذره وجلس بعد ذلك ثلاثة أيام في الغرفة التي وضع على بابها “الرجاء عدم الإزعاج”. وربما جرب إطلاق النار في الصحراء وقد يكون لا وربما فكر بالهرب ولكنه بالتأكيد يتوقع الموت في النهاية. ولأنه لم يكن متدينا أو يتصرف بأمر إلهي فالرصاصة الأخيرة التي أطلقها على رأسه هي التي أرسلته إلى عالم النسيان. وربما كان صحيحاً أن بادوك تصرف بناء على دافع أو من دون دوافع. وهنا فالفكرة تؤدي لخلق مشهد أسوأ من العنف السياسي أو القتل بدوافع انتقامية. فلم يكن لديه أولاد وعاش مع إمرأة اسمها ماريلو دانلي التي تزوجت مرتين، التقاها في نوادي الكازينو التي تردد عليها. وكان غنيا من مبيعات العقارات والإيجارات ولهذا فلم يكن بحاجة للعمل. وقضى الوقت وهو يقامر حيث كان جيدا فيه وعاش مع صديقته في رينو حيث لم يعرف عنهما المجاملة الاجتماعية وانتقلا بعد إلى بيت كبير في حي يسكن فيه المتقاعدون في بلدة ميسكويت التي تبعد 80 ميلاً عن لاس فيغاس. ويقول إن بادوك بوجوده المثير للملل وغياب الدافع هو ما يخيف فعلا. فهو يجلب إلى الذهن ذكريات قتل جي أف كيندي على يدي متشرد فاشل. فالقتل العشوائي وبطريقة عرضية هو ما جعل الأمريكيين يخترعون أجيالاً من المؤمنين بنظريات المؤامرة لحماية أنفسهم من المصادفات القاسية. فبادوك ليس بن لادن أو البغدادي ولكنه الكابوس الأسوأ. وكتب إرفينغ هاو في عام 1963 عن لي هارفي أوزولد بأنه “مخلوق متشرد بالكامل من دون جذور في الأمة، المنطقة، الطبقة ولا يستطيع تحمل كل هذا ولكن ما لا يستطيع تحمله لا يعرفه” وهو يشبه بادوك.

علق هنا