بغداد- العراق اليوم:
تتوالى التسريبات الصحافية، والمعلومات الصادرة من دوائر القرار في أربيل وبغداد بشأن وجود تطورات في ملف الاستفتاء الذي نظمه مسعود برزاني بشأن الانفصال عن العراق، خلال الساعات القليلة المقبلة او في غضون ايام فقط.
التسريبات تشير الى ان " البرزاني قد يعدل عن الاستفتاء تمامًا بعد ان خسرٓ رهانه على ضعف بغداد، وترددها عن مجابهته بخيارات صعبة، وبالتالي وجد نفسه محشورًا تمامًا بين صرامة القرارات المتخذة ضده من جهة، وتململ واضح في الجبهة الداخلية من جهةً اخرى".
كما ان التسريبات تشير الى ان " الاقليم بدأ يعاني فعلًا جراء الاجراءات الاولية التي اتخذتها بغداد، فعشرات من شركات الطيران الاجنبية والمحلية في بغداد انسحبت من التوجه لمطارات الإقليم. فيما توقف القطاع الفندقي المزدهر في اربيل عن العمل بشكل تام، فضلًا عن تراجع ايرادات السياحة، والجمارك الى ادنى مستوياتها منذ عقد التسعينات".ولفتت المصادر الى ان قرار حظر التعاملات المالية بين بغداد واربيل جاء وقعه مؤلمًا لحركة التجارة والاستثمار التي يسيطر عليها مقربون من برزاني، حد ان مصارف وشركات مالية عاملة في الاقليم اضطرت بعد ساعات من قرار الحظر الى ابلاغ البنك المركزي بأنها مستعدة للتعاون التام مع بغداد، والالتزام باوامرها مقابل السماح لها باجراء بعض التعاملات المالية المحدودة لتجنب خسارات تقدر بملايين الدولارات، وهو ما استجاب له المركزي العراقي جزئيًا ".
المصادر لفتت ايضًا الى ان " الامريكيين لعبوا ولا زالوا يلعبون دورًا فعالًا في الوساطة بين بغداد واربيل، لحثهما على التوصل لاتفاق يضمن مخرجًا قبل ان يصل الامر الى نزاع مسلح شديد لن يتوقف على المدى المنظور، وستكون نتائجه وخيمة جدًا على الاقليم الذي سيتفكك مع اولى الحملات العسكرية التي ستنطلق من الداخل او الخارج". وتابعت " كما ان الامريكان ابلغوا الاقليم بأنهم لن يضمنوا ردود فعل كل من ايران وتركيا، خصوصًا وان الدولتين ابلغتا الجهات المعنية ان الاستفتاء يمس بأمنهما القومي، وهي لا تستطيع تحمل عواقبه داخليًا وعلى واشنطن تحمل مسؤولياتها وردع اكراد العراق عما يقوض الوضع الداخلي في المنطقة برمتها".
عدا ان البرزاني رأى بام عينه ابا مهدي المهندس على تخوم اربيل، وسمع تهديدات الحاج هادي العامري، وقرأ بلغة الألوان الشديدة حمرة عين قيس الخزعلي، وقطعاً فإن البرزاني يعرف اكثر من غيره من هم هؤلاء الرجال الثلاثة، وماذا يمتلكون من رجال وسلاح وعنفوان، وماذا يمثلون من قوى وقواعد، وارتباطات شديدة البأس. ناهيك عن مساحة المالكي الواسعة والرافضة للتقسيم، كل هذا المزيج المناهض، مدعوم بقرار المرجعية التي قالت كلمتها بوضوح ضد الإنفصال، فمن هو البرزاني ليقف بوجه كل هذه الجدران الصلبة، بل قل هذه الحصون المنيعة ويعبر فوقها محو التقسيم؟
المصادر كشفت ايضًا عن وجود تحرك داخلي كردي لبحث مسألة التراجع عن الاستفتاء، لكن هذا التحرك لا يزال يصطدم بعقبة مسعود ذاته الذي يرى ان العملية كلها تصب في صالحه، متصوراً بأنها ستحوله الى بطل قومي كردي، بينما تراجعه سيحوله الى مجرد مغامر لا يعي الواقع السياسي، ولا الخريطة والاقليمية.
في المقابل حذرت جهات سياسية في بغداد من الدخول في نفق التسريبات والتلميحات التي تستهدف الى سحب قدم بغداد للوقوع في فخ الترحيب او الارتخاء، ومن ثم انسحاب الاقليم وتنصله عن هذه التسريبات، وهو ما سيضع بغداد في حرج وسيكسر الطوق القوي الذي وضعته في عنق برزاني وقد ينجح في ترويضه واعادته الى رشده .
وبحسب محمد جواد العقيلي المحلل الستراتيجي في مركز الوطن للدراسات، فأن" بغداد تقف الان خصمًا مع جهة لها باع طويل في المراوغة وكسب الوقت واللعب بالتصريحات والمواقف، وان مسعود برزاني ليس من السذاجة التي يتوقعها البعض ابدًا، بل ان الرجل يملك دهاء سياسي وحيلة واسعة اكتسبها من عمره الطويل في قيادة حركة التمرد الكردية".
واضاف في حديث ل (العراق اليوم)، ان " بغداد امام فرصة تاريخية لن تتكرر في فرض منطق الدولة الجديدة في ارجاء العراق، والوصول الى التسوية التاريخية للمسألة الكردية، وان زمن المهادنة الصامتة، او الحياء المتبادل انهاه مسعود للأبد، وعلى القوى السياسية الشيعية خصوصًا وهي التي تتحمل المسؤولية الوطنية والشرعية ان تعلن لبرزاني شروطها التي تضمن وحدة العراق، ووحدة شكل النظام السياسي فيه، وان زمن التمرد ولي الاذرع وانتهاز الفرص ولى الى غير رجعة، وان على الاقليم تكييف وضعه القانوني والسياسي مع شكل العراق الاتحادي".
ورأى ان على "بغداد ان تستخدم النفس الاستراتيجي وان لا تنجر عاطفيًا الى ردود افعال او الدخول في متاهة الصدام، لان مسعود ينتظر بفارغ الصبر تلك اللحظة التي تطلق بغداد اطلاقة واحدة تجاهه، كي يثبت انه مستهدف عسكريًا وان قراره يأتي لحماية الاكراد من الابادة!".
*
اضافة التعليق