بغداد- العراق اليوم:
لم يكن ظهور برنار هنري ليفي اعتباطيًا، ولم تكن تحركاته المستمرة في شمال العراق منذ 2013 على الأقل مخفية عن الجميع، بل ان الجميع كان يعرف ان الرجل دائب العمل على تحقيق هدفه في تقسيم العراق، بعد تاريخ طويل له في هذا المجال منذ 1971 وانفصال بنغلادش عن باكستان، مروراً بتقسيم يوغسلافيا وحرب البوسنا والهرسك وما قاد بعد ذلك الى الانقسام، وصولًا الى تقسيم السودان وليبيا وتفكيك سوريا . وها اليوم يظهر بوضوح وهو يعانق نيجرفان برزاني في أحد مراكز الاقتراع الذي افتتح اليوم في اربيل. وكأن الرجل يشرف على مهمته بشكل مستمر، ويريد ان يتأكد الى أخر لحظة ان مشروع تقسيم العراق قائم على قدم وساق .
ليفي اليهودي المتطرف، والقادم من فرنسا كان وراء الكثير من المشاكل وحركات الانفصال التي عمل على تغذيتها.
وفي سيرة الرجل الذي قاد التحرك الأخير، نجد انه ولد لعائلة سلفادورية يهودية ثرية في الجزائر في 5 نوفمبر 1948 في مدينة بني صاف الجزائرية إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر، وقد انتقلت عائلته لباريس بعد أشهر من ميلاده.
درس الفلسفة في جامعة فرنسية راقية وعلمها فيما بعد، واشتهر كأحد "الفلاسفة الجدد"، وهم جماعة انتقدت الاشتراكية بلا هوادة واعتبرتها "فاسدة أخلاقياً"، وهو ما عبر عنه في كتابه الذي ترجم لعدة لغات تحت عنوان: "البربرية بوجه إنساني". وهو متزوج من الممثلة الفرنسية " أرييل دومباسل " وانجبت له ابنتين ثم طلقها وتزوج "Sylvie Bouscasse "
اشتهر ليفي أكثر ما اشتهر كصحفي، وكناشط سياسي. وقد ذاع صيته في البداية كمراسل حربي من بنغلادش خلال حرب انفصال بنغلادش عن باكستان عام 1971 .
كان ليفي من أوائل المفكرين الفرنسيين الذين دعوا إلى التدخل في حرب البوسنة عام 1990.
في نهاية التسعينات أسس مع يهوديين آخرين معهد "لفيناس" الفلسفي في القدس.
في 2009، نشر برنار هنري ليفي فيديو على الإنترنت لدعم الاحتجاجات ضد الانتخابات في إيران. وخلال العقد المنصرم كله كان ليفي من أكبر الداعين للتدخل الدولي في دارفور غرب السودان.
وليفي هذا مرشح لرئاسة إسرائيل وقد وجد في السودان قبل التقسيم وفي البوسنة وهرسك وفي مصر ثم انتقل إلى ليبيا ومنها إلى سوريا, وظهر مؤخرا في أوكرانيا.
هذه السيرة الطويلة والحافلة، تؤكد بما لا يقبل الشك ان هذا الرجل يعمل بستراتيجية واضحة، حيث نجح الى الآن بتفكيك الكثير من البلدان العربية والاسلامية، عبر خطط طويلة الأمد ينفذها بتواطأ من جهات وجماعات. وتشير المعلومات الى ان ليفي سيتجه الى تركيا ايضًا بعد ان ينهي ملف تقسيم العراق .
ما نجح به ليفي اليوم يجب ان لا يمر مرور الكرام، ويجب ان يوقف هذا الرجل عن هذا الحد، والا فأن مشروع تقسيم العراق الذي دق اسفينه البرزاني اليوم، سيغور عميقًا وقد ينجح في تفكيك ما تبقى من الخارطة العراقية الجريحة.
*
اضافة التعليق