بغداد- العراق اليوم: تُستخدم أحرف الهجاء العربية لكتابة العديد من اللغات الآسيوية والإفريقية، مثل: اللغة الأردية والكردية والفارسية، واللغة العثمانية التركية القديمة، والسواحلية وكذلك الألخميادو. وكان أول استخدام لحروف الهجاء العربية في تدوين النصوص العربية.
ظهرت أول أبجدية في التاريخ في المدينة السوريّة الساحلية ساحل رأس شمرا (أوغاريت) على شكل حروف مسمارية، نقلها الفينيقيون إلى اليونان الذين عدلوها وتحولت إلى الأبجدية الإغريقية التي عدلتها شعوب أخرى فكانت الأبجدية اللاتينية، ثم جرى تعديل الحروف المسمارية لتصبح ملائمة للكتابة الورقية؛ فكانت الأبجدية العربية والأبجدية السريانية والأبجدية العبرية.
ويُشيرُ أغلب الباحثين إلى أنَّ الأبجديَّة العربيَّة نشأت وتطوَّرت من الأبجديَّة الآراميَّة، وأنَّ أصول الحروف العربيَّة أُخذت من الأبجدية الساميَّة الجنوبيَّة، وأنَّها انتقلت إلى شبه الجزيرة العربيَّة عبر اللغة النبطيَّة في جنوب الشام.
اللغة الفارسية
من اللغات الهندية الأوروبية، يُتحدث بها في إيران، ويُتحدث بشقيقتيها الطاجيكية في طاجكستان، والدارية أفغانستان. وفي العديد من الدول الأخرى. تكتب بالخط الفارسي بإضافة 4 حروف للهجاء العربي: گ، پ، ژ، چ في إیران وأفغانستان. ويتحدث بها حوالي 82 مليون نسمة في إيران وأفغانستان وطاجكستان وأوزباكستان.
يوجد كثير من الكلمات العربية في اللغة الفارسية، منها ما استخدم بنفس المعنى الذي في اللغة العربية مثل: امتحان، اشتياق، انتحار، استعمار، وآخر استخدم بمعنى مختلف عن اللغة العربية، ولكنه قريب مثل الآتي:
مشروع: بمعنى شرعي، أي ما يؤيده الدين أو الشرع. تشديد: بمعنى شدّة. شرايط: بمعنى شروط. سيارة: بمعنى كوكب وليس عربة الركوب. رابطة: بمعنى علاقة. احتياط: بمعنى حذر. صُلح: بمعنى السلام. تعمير: بمعنى الإصلاح والترميم. برق: كهرباء. تشويق: تشجيع. قُيمَت: أي الثمن والسعر.
أما الكلمات الفارسية التي استخدمت في العالم العربي في مراحل زمانية مختلفة فمنها: آقا: سيد. فرمان: دستور. بيمارستان: مشفى. ديوان: دفتر. ديباجة: أصلها دیوانچه/دیبانچه أی الدفتر الصغیر. بنفسج : بنفشه. طازج : تازه. برنامج : برنامه. ساذج : ساده. خنجر: خونگر.
وتحتاج دراسة الفكر الإيراني والتركيبة الشعبية الإيرانية دراسة تلك اللغة القريبة من اللغة العربية، التي تعد سهلة التعلم لمتحدثي اللغة العربية.
اللغة الكردية
تنقسم اللغة الكردية إلى ثلاثة أجزاء (الكورمانجي، السوراني، البهلواني)، وتختلف هذه اللهجات فيما بينها بشكل كبير، إذ اعتبرها البعض لغات مختلفة وليست لهجات للغة واحدة. فعلى سبيل المثال يُكتب "الكورمانجي" بالحروف اللاتينية، بينما يُكتب "السوراني" بالأبجدية العربية. كما تتحدث مجموعة من الأكراد بلغات أخرى مثل: الزازا، والجوراني.
ليست اللغة الكردية لغة دولة بالطبع، ولكنها لغة عرق وقومية الكرد المنتشرين في إيران وتركيا والعراق وسوريا، إذ يتحدث اللغة الكردية بلهجاتها الثلاث حوالي ٣٠ مليوناً، ويعد "الكورمانجي" الأكثر انتشارًا، إذ يُقدر عدد متحدثيها بعشرين مليون شخص، ويأتي "السوراني" في المرتبة الثانية بستة ملايين متحدث، أما "البهلواني" فيأتي الأخير بحوالي مليونين. غير ذلك لم تُعتمد اللغة الكردية لغةً رسمية إلا في العراق، بجانب اللغة العربية، وذلك في منطقة كردستان العراق.
الأوردو
اللغة الأردية هي اللغة الرسمية في باكستان. كما أنها تعد واحدة من 22 لغة في الهند، وهي لغة رسمية في خمس ولايات هندية. تطورت مفرداتها من اللغة السنسكريتية والفارسية والعربية والتركية والبشتونية. كان أساس تطور لغة الأوردو في غربي ولاية أوتار براديش الهندية التي تعد مقر اللغة الهندوستانية.
تبلورت اللغة الأردية في عهد سلطنة دلهي التي قامت على يد محمد غور، وقامت بدور فعال في تشكيل اللغة في جنوب آسيا.
وتعتبر اللغة الأردية وسيلة للاتصال بين مختلف الناس من مقاطعات ومناطق في شتى باكستان، وتربط الوشائج التاريخية عدداً هائلاً من اللاجئين الأفغان الذين نزحوا باتجاه باكستان، مما ساعد ذلك الأفغان على فهم مجمل اللغة الأردية والتحدث بها نطقاً وكتابة. أما في العصر الحديث فقد تأثرت الأردية بمفردات اللغة الإنجليزية تأثرا كبيرا.
لدى الأوردو مفردات غنية من أصول هندية وشرق أوسطية مستمدة من اللغتين الفارسية والعربية. وهناك أيضا عدد صغير من مفردات اللغة البرتغالية والتركية ومؤخرًا الإنجليزية. والكثير من الكلمات ذات الأصل العربي لها ظلال مختلفة من المعنى والاستخدام مما هي عليه في اللغة العربية. وهناك كلمات لها نفس النطق والهجاء والمعنى، منها على سبيل المثال:
سؤال جواب دنيا صراط لكن
اللغة السواحلية
تعد اللغة السواحلية والمعروفة من اللغات الأكثر انتشارًا في إفريقيا. فهي منطوقة بشكل كبير وواسع في شرق إفريقيا، إذ يُقدر عدد المتحدثين بالسواحلية من ٥ إلى ١٥ مليون متحدث أصلي. ربما تعتقد أنك لا تعلم شيئا عن اللغة السواحلية، ولكن هذا ليس صحيحًا.
تأثرت منطقة شرق إفريقيا كثيرًا بحركة التجار، خاصةً القادمين من الشرق الأوسط والعالم العربي. كانت النصوص السواحلية المرسومة بالخط العربي تشابه في طريقة كتابتها نصوص اللغة العربية؛ ونصوص القرآن الكريم على وجه الخصوص، إذ إن بعض الكُتَّاب كانوا يسعون إلى مقاربة الأسلوب العربي في التلفظ ببعض الكلمات، وترجع علاقة اللغة السواحلية بالعربية إلى علاقة العمانيين في شرق إفريقيا، وعلى الأخص منطقة زنجبار وتنزانيا بالسواحليين، حيث وقعت تلك المناطق تحت السيادة المباشرة لسلطات عُمان منذ عهد اليعاربة أواسط القرن السابع عشر.
وكانت اللغة السواحلية تُكتب بالأبجدية العربية فقط، ولكن في أعقاب هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، سقطت تانجانيكا -جزء من تنزانيا الآن- في أيدي القوات البريطانية. وتعاونت السلطات البريطانية مع المؤسسات التبشيرية المسيحية البريطانية -التي كانت نشطة في هذه المستعمرات- لنشر اللغة السواحلية بالأحرف اللاتينية كلغة مشتركة، للتعليم الابتدائي والحكم على مستوى منخفض في جميع أنحاء مستعمرات شرق إفريقيا الخاصة بهم (أوغندا وتانجانيكا وزنجبار وكينيا).
وتتضمن اللغة السواحلية العديد من الكلمات من لغات أخرى مثل العربية، كما أن اسم اللغة "السواحلية" جاء من اللغة العربية، التي تعني دول الساحل. استمدت اللغة أيضا بعض مفرداتها من الفارسية والملايو، ومع تأثر دول الساحل بأوروبا أخذت اللغة بعضاً من مفردات اللغة البرتغالية.
تتضمن اللغة العديد من الكلمات العربية، وتتشابه بعض القواعد بين اللغتين، ومن أمثلة هذه الكلمات:
خطر: hatari. سفر: safari. محل: mahali. كتاب: kitabu. بارد: baridi. سمك: samaki. سكر: sugar. قلم: kalamu. ألف: elfu. صباح: asubuhi. صاحب: rafiki. موسم: msimu. أكل: kula. سامحني: kusamehe. حتى: hata. أدب: fasihi. مهذب: adabu. سعيد: furaha. فقير: maskini. غني: tajiri. عمر: umri.
الألخميادو
(الخَمِيَ - aljamía) عند أهل الأندلس، هي اللغات الرومانسية الإسبانية والبرتغالية والمستعربية، المرسومة بالخط العربي، أو المعَجَّمة.
كان هناك بعض الأدباء من شعوب أوروبا المسلمة ممن بدؤوا في كتابة أعمالهم الأدبية آن ذاك بلغاتهم الأم، مستخدمين في ذلك الأبجدية العربية التي استخدمتها كافة شعوب العالم الإسلامي كالفرس والترك، ثم راحوا بعد ذلك ينشرون تلك الأعمال. والمعروف بعد انسحاب العرب من الأندلس أن الموريسكيين -آخر مسلمي الأندلس- تركوا لغتهم العربية، وراحوا يكتبون أشعارهم الإسبانية وأعمالهم الأخرى لمدة طويلة بالحروف العربية، وما زال هذا النوع من الأعمال محفوظاً في المكتبات حتى الآن، ومعدوداً من النوادر، وهي في مجموعها تشكل أدباً أطلق عليه الإسبانيون اسم الأدب العجمي (الخَمِيَدُ - aljamiado).
إذن كُتبت الإسبانية في ذلك العصر بالأبجدية العربية، بين المورسكيين والشعراء المسلمين في أوروبا، وكانت هناك منتجات فكرية كبيرة، أهمها كان "قصيدة يوسف - Poema de Yuçuf" هي قصيدة كتبها مؤلف مسلم مجهول من إسبانيا في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الميلادي تقريبًا (حسب تقدير المستشرق الإسباني رامون مننديث بيدال) باللغة الأراغونية المكتوبة بحروف عربية (الألخميادو). لم يحفظ الزمن لنا القصيدة كاملة، بل بقي منها 380 بيتاً فقط.
وتجدر الإشارة إلى أن الشعوب التي اعتنقت الإسلام في الغالبية العظمى من بلدان منطقة البلقان التي خضعت للحكم العثماني كان لها -عدا أدبها المكتوب بالتركية والعربية والفارسية- أدب كتبته بلغاتها الأم، ولكن بحروف عربية، وأطلقت عليه هي الأخرى أدب "الخميادو".
اللغة العثمانية
تُسمى اللغة العثمانية اصطلاحاً باللغة التركية القديمة لغلبة اللغة التركية عليها، وهي اللغة الرسمية التي كانت معتمدة لدى دولة "الخلافة العثمانية" جنباً إلى جنب مع اللغة العربية، وهي لغة مختلطة تجمع كماً هائلاً من المفردات العربية والتركية والفارسية، وتُكتب بأبجدية عربية مع بعض التعديلات على أشكال بعض الأحرف، وبعض القواعد التي تَحكم قراءة تلك الأحرف.
أما اللغة التركية؛ فقد تأثرت إلى حد كبير باللغة العثمانية. واللغة التركية هي اللغة الرسمية المعتمدة في تركيا، وهي اللغة المكتوبة والمقروءة لمواطني الجمهورية التركية، والتي تُكتب بالأبجدية اللاتينية، وهذه اللغة المستخدمة في تركيا ليست هي اللغة التركية الوحيدة، إذ إن هناك العديد من اللغات التركية المختلفة والمستخدمة من الشعوب ذات الأصول التركية المنتشرة في آسيا الصغرى وفي الدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي الأسبق، مثل "أذربيجان"، و"أوزبكستان"، و"تركمانستان"، و"قيرغيزيا" وغيرها من الدول والمناطق الممتدة بين تركيا والصين، وهي لغات تختلف عن بعضها البعض تقارباً أو تباعداً إلى حد كبير.
إذن فالأبجدية ليست هي الفارق الوحيد بين اللغتين العثمانية والتركية. واللغة التركية ليست هي اللغة العثمانية بأحرف لاتينية، كما أن اللغة العثمانية ليست هي اللغة التركية بأحرف عربية، وبالتالي فلا يمكننا اعتبارهما وجهين لعملة واحدة، ولا يمكن لمترجم اللغة التركية أن يتمكن من ترجمة اللغة العثمانية بمجرد تعلمه للأبجدية العربية أو العثمانية، إذ لا بد له من الإلمام بالكثير من المفردات العربية والفارسية التي قد يختلف استخدامها في العثمانية قليلاً أو كثيراً عن استخدامها في اللغتين العربية والفارسية.
لذا كان من الواضح أن هناك جهوداً مكثفة لتغريب اللغة العثمانية، التي نتج عنها أن أصبح هناك لغتان مختلفتان: لغة عثمانية وأخرى تركية، وتم بذلك وضع حاجز لغوي بين الشعب التركي وتراثه العثماني، بل إن الاستمرار المكثف لعملية تتريك اللغة وتنقيتها أو تغريبها قد أسفر عن خلق حواجز إضافية غير متوقعة بين الأجيال التركية المختلفة أيضاً، وأدى إلى خلق بعض الصعوبات في التفاهم اللغوي بين الأجداد والآباء والأبناء.
إذن ما حدث هو "انقلاب لغوي"؛ وهو مصطلح أُطلق بشكل عام على الفترة التي تم الاعتراف فيها بقانون الحروف التركية الجديدة برقم 1353 وتاريخ 1 نوفمبر 1928م في تركيا، وتم تطبيقه منذ ذلك التاريخ. وبمقتضى هذا القانون تم إقرار استخدام الحروف اللاتينية بدلاً من الأبجدية العربية التي كانت مستخدمة بما يتوافق مع اللغة التركية.
فقد استعان الأتراك، منذ القرن العاشر بالأبجدية العربية بما يتوافق مع طريقة نطق الحروف للغة التركية. فعلى مدار 900 عام من تاريخ الدولة، كتبت اللهجات الشرقية واللهجات العثمانية والغربية بالحروف العربية بما يتوافق مع اللغة التركية، قبل القرار سالف الذكر.