كاتب اسباني: مصالح وخلافات العشائر السنية ستُحدد مستقبل العراق

بغداد- العراق اليوم:

نشر موقع "المركز الإسباني للدراسات الاستراتيجية" دراسة للكاتب مانويل موراليدا مارتين بينياتو، تحدث فيها عن القبائل السنية في العراق، والفوضى التي تعيش في ظلها البلاد منذ سنوات.

ونقل الكاتب توقعاته حول مستقبل العراق.

وقال الكاتب إن تنظيم "داعش" يتجه نحو هزيمة حتمية في الوقت الذي أخذ يخسر فيه آخر أراضيه في العراق. بالإضافة إلى ذلك يلوح في الأفق مستقبل تشوبه حالة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن، في بلد تزيد من عمق تعقيداته الطوائف والأعراق والانقسامات. وفي خضم هذه الفوضى تؤدي القبائل السنية دوراً كبيراً، سواء في الوقت الحاضر أو في المستقبل.

وأورد الكاتب أنه بحسب تعداد سنة 2015 يبلغ عدد سكان العراق نحو”36423390″ ساكناً، موزعين بين 18 محافظة. علماً أن ثلاثاً من بين هذه المحافظات تُكون كردستان العراق. ويشكل المسلمون في العراق غالبية ساحقة تبلغ نسبتهم نحو 97 بالمئة، أما باقي السكان فينتمون إلى الأقليات الدينية مثل المسيحيين أو اليهود.

 

ومن بين المسلمين يمثل الشيعة غالبية، حيث تتراوح نسبتهم بين 55 و60 بالمئة. في المقابل يسجل المسلمون السنة، الذين يتمركزون أساساً في الغرب والوسط وشمال البلاد، نسبة 40  بالمئة.

 

ووفقاً لما ذكره الكاتب يعود تاريخ القبائل السنية العراقية إلى زمن بعيد، شأنها شأن باقي القبائل في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من التغييرات الاقتصادية والاجتماعية، التي شهدها العالم منذ مطلع القرن الماضي، تمكنت قبائل العراق من الصمود كما حافظت على نفوذها. وعلى العموم يقوم الشيوخ وزعماء القبائل بدور رئيسي في صلب هذا التكوين.

 

وأضاف الكاتب أنه عادة ما يتولى الشيوخ قيادة القبيلة، في حين أن سلطتهم غير قسرية. ويعتمد زعماء القبائل بشكل أساسي، أثناء  أداء مهامهم، على  مشورة مجلس الشيوخ.

 

ومن بين الخصائص التي من شأنها أن تساعد على فهم دور القبائل السنية في العراق، خاصة في خضم الصراع الذي ظهر بموجب بروز "داعش"، اختلاف الآراء والمواقف بين عشائر القبيلة الواحدة، ويضاف إلى ذلك المواقف المختلفة تجاه التنظيم وأشكال التحالفات المختلفة معه. من جانب آخر سيكون لهذا الاختلاف والتنافر في المصالح أهمية كبرى، خاصة في إطار تحديد ملامح المستقبل القريب للبلاد، وأيضاً للمنطقة بأسرها.

 

علاوة على ذلك من بين العوامل الأخرى التي تفسر التعقيد الحاصل على مستوى القبائل السنية، الموقع الجغرافي الذي يحدد المصالح المختلفة، وإلى من يدينون بالولاء. وبشكل عام خلق هذا الوضع مصالح متضاربة بين القبائل المختلفة.

 

فضلاً عن ذلك يمكن أن تتغلغل هذه التعقيدات إلى صلب العشيرة الواحدة، وهو ما يتجلى من خلال تناحر العائلة الواحدة. عموماً يمكن أن تُفسر هذه الأسباب وجود عدد من الشيوخ يمثل كل منهم واقعاً مختلفاً عن نظيره؛ وذلك خدمة لمصالحهم الشخصية.

 

وفيما يتعلق بعلاقة القبائل السنية بحرب تنظيم "داعش، أشار الكاتب إلى أن ظهور التنظيم في العراق قد اعتُبر من قبل العديد من السنة بمنزلة نوع من التحرر. بل أبعد من ذلك كانت نشأة التنظيم بالنسبة لهؤلاء المواطنين كحدث تاريخي سيخلصهم فجأة من المليشيات الشيعية، التي لطالما اضطهدتهم وارتكبت عدة مجازر في حقهم. علاوة على ذلك اعتقد العديد من السنة أن "داعش" سينقذهم من سيطرة الجيش العراقي، الذي يهيمن عليه الشيعة، والذي يتسم بالفساد أيضاً.

 

استفاد التنظيم، من جهته، من نزعة الكراهية ورغبة السنة في الانتقام، في ظل التهميش والتوجه الطائفي الشيعي الذي لطالما اعتمدته الحكومة العراقية. وفي المقابل أخذ التنظيم يفقد دعم القبائل السنية تدريجياً، إثر مطالبته بانصهارها في قلب “قضيته”. ومن هذا المنطلق أقدم التنظيم على قمع أي معارضة له، أو أي شخص يحاول التعاون مع الجيش العراقي، بشكل حاد للغاية. وخلال هذه العملية الانتقامية بقيادة التنظيم تم إعدام العديد من الشيوخ أو زعماء القبائل.

 

وأورد الكاتب أنه على الرغم من التأييد الضمني والدعم الصريح من قبل بعض القبائل السنية لداعش، إلا أن بعض القبائل لم تتوان عن الوقوف في وجه التنظيم. من جانب آخر نأت بعض القبائل الأخرى بنفسها عن الصراع، في حين لم يتمكن زعماؤها من منع كثير من الشباب من الالتحاق بالتنظيم.

 

على العموم يمكن القول إن مواقف القبائل العراقية لم تكن متجانسة، فيما يتعلق بالحرب التي يخوضها التنظيم. وقد ظلت هذه المواقف متأثرة بالظروف المتغيرة للصراع القائم في البلاد.

 

وختاماً أوضح الكاتب أن مستقبل هذه الدولة متعددة القبائل، ومتعددة الأعراق، التي تتميز بموارد طاقة مهمة وجملة من العوامل الجيوسياسية؛ يشوبه جملة من التعقيدات التي يمكن أن تنتهي بخلق انقسامات عرقية ودينية.

 

أما فيما يتعلق بدور القبائل السنية في هذا الصراع، فمن المرجح أنها لن تتنكر لعاداتها، حيث سيتراوح موقفها بين التعاون والتقسيم؛ نظراً للمصالح المختلفة والمتضاربة التي تلبي في الغالب غايات شخصية، والتي تميز بعض القبائل.

علق هنا