بغداد- العراق اليوم:
في اليوم الذي سبق مباراة المنتخبين العراقي والياباني ضمن تصفيات كأس العالم لكرة القدم في يونيو/حزيران الماضي، ظهر فوميو إيواي، السفير الياباني لدى العراق، في مقطع فيديو مرتدياً قميص المنتخب الوطني العراقي لكرة القدم. نظر إيواي إلى الكاميرا من خلال نظارته المستديرة وبدأ في التحدث باللغة العربية بلا تعثر، وفق ما ذكر تقرير لموقع BuzzFeed News الأميركي.
وقال إيواي: "غداً يوم مُهم، لكني لا أستطيع تحديد أي الفريقين يجب أن أشجعه؛ لأنَّ العراق هو بلدي الثاني. حبنا لكرة القدم هو ما يربط بين اليابان والعراق، دعونا جميعاً نشجع كلا الفريقين".
وفي تلك اللحظة، أصبح السفير الياباني لدى العراق، والبالغ من العمر 56 عاماً، رمزاً على شبكة الإنترنت في البلاد؛ إذ جرت مشاهدة مقطع الفيديو الخاص بكلمته، الذي نُشر على فيسبوك، لأكثر من 708 آلاف مرة، وجرت مشاركته حوالي 8000 مرة.
أقام العراق واليابان علاقاتٍ دبلوماسية في نوفمبر/تشرين الثاني 1939، لكنَّ إيواي يبرز عن أسلافه بطريقةٍ لم يتخيلها أحدهم أبداً؛ وهي استخدام مقاطع الفيديو على الإنترنت للتواصل مع السكان المحليين.
سواءٌ كان المقطع بغرض إرسال تحياته بمناسبة العيد وتقديم المأكولات العراقية الشهية خلال شهر رمضان، واستمتاعه بها على ما يبدو، أو لتهنئة الشعب العراقي بالإنجازات التي تحققت في مدينة الموصل، يستخدم إيواي اللغة العربية للتواصل مع الشعب العراقي من خلال رسائله المصورة.
وفي مقابلةٍ مع موقع باز فييد نيوز بالعاصمة اليابانية طوكيو، قال إيواي إنَّه لديه الكثير من العمل ليقوم به من أجل إتقان اللغة.
وقال إيواي: "مازلتُ أعمل على تحسين لغتي العربية؛ لذلك أرتكب الكثير من الأخطاء، والآخرون ينبهونني عندما أقوم بذلك".
ولكنَّ الأشخاص الذين لاحظوا تحدث إيواي باللغة العربية لا يستطيعون إيجاد أي أخطاء؛ ففي تعليقاتهم على شبكة الإنترنت، لا يمتدح العراقيون بلاغته في اللغة العربية فقط، بل أيضاً طلاقته في التحدث.
وكتب شخصٌ يُدعى "عباس عادل" في تعليقٍ على فيسبوك: "أولاً، لهجتك العراقية رائعة. ثانياً أنت تمتلك شخصية جديرة بالاحترام، ومثقفة، ومحترفة تعكس عمق الحضارة اليابانية القديمة".
وكتب حسابٌ باسم علي هادي على تويتر: "جائزة أفضل تحية أجنبية لرمضان هذا العام تذهب إلى سفير اليابان في العراق"، ونشر مع تغريدته فيديو لتهنئة السفير للعراقيين والمسلمين بمناسبة شهر رمضان.
وامتدح آخرون تعلقه بشعب وثقافة العراق؛ ففي مشاركةٍ طويلة على فيسبوك، امتدح لقمان فيلي، وهو سفير سابق للعراق لدى الولايات المتحدة واليابان، إيواي لذكائه الدبلوماسي.
وكتب فيلي قائلاً: "واحدةٌ من أصعب وأهم المهمات للسفراء الأجانب ربما هي خلق نهج ذكي ومتميز يبعثون من خلاله رسائلهم لشعوب وحكومات الدول التي تستضيفهم، وفي الوقت ذاته امتلاك تأثير كبير في تعزيز علاقاتهما الثنائية".
وقال فيلي عن إيواي: "الأمر اللافت للنظر هو انفتاح السفير وأسلوبه العاطفي واهتمامه بوضع العراق، وذلك على سبيل المثال لا الحصر".
ذلك النهج جعل إيواي وجهاً مألوفاً بين العراقيين، مألوفاً للغاية في حقيقة الأمر لدرجة أنَّ إيواي قال إنَّ شخصاً ما صمم ملصقاً دعائياً له كمرشحٍ في الانتخابات العراقية.
وقال إيواي: "بالتأكيد لا يمكن أن يترشح مواطنٌ أجنبي للانتخابات دون الحصول على الجنسية العراقية، ولكنَّهم حتى توصلوا إلى اسم لحزبي السياسي، وسمَّوهُ ائتلاف كوكب اليابان المستقل".
وشغل سفير اليابان الذي زار العاصمة العراقية بغداد لأول مرة عام 1988، عدة مناصب في وزارة الخارجية ببلاده، بما فيها نائب المدير العام لشؤون منطقة الشرق الأوسط ونائب رئيس البعثة إلى السعودية.
ودرس إيواي اللغة العربية بإحدى الجامعات المصرية لمدة عامين خلال فترة التدريب اللغوية التابعة للوزارة، وأخذ دروساً إضافية على يد معلمين خصوصيين.
وقال إنَّه يريد أن يعلم العالم أكثر عن الجانب المشرق للعراق؛ حيث يحاول الناس خلق السعادة والفرح في ظروف صعبة للغاية.
وقال إيواي إنَّ الوضع الأمني في العراق جعل من الصعب عليه أن يحتك بالشعب العراقي؛ وهو ما دفع السفارة للاعتماد على الشبكات الاجتماعية. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، نشرت السفارة اليابانية في بغداد حوالي نصف دستة من الرسائل المصورة على فيسبوك.
وقال إيواي: "لن تحقق شيئاً إذا كنت يائساً. يمكنك أن تقود نفسك إلى الظلام في أي وقت، ولكن الأكثر أهمية هو أن نمضي قدماً ونكمل تأدية واجباتنا".
*
اضافة التعليق