الصدر مع بن سلمان، أي حلف ينتظر العراق والسعودية؟

بغداد- العراق اليوم:

لم تنجلِ الزوبعة الإعلامية التي تركتها الزيارة المفاجئة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الى السعودية، بعد ويبدو أنها لن تنجلي في الأمد المنظور، بل ان ثمة ما ينتظر الساحة السياسية في العراق، وهو اكبر من هذه الزوبعة، إنه بمثابة عاصفة كبرى تكاد تهب على الواقع السياسي وتهدد بإقتلاع كل شيء امامها، هكذا قرأ متابعون ومحللون تداعيات الزيارة الغامضة التي قام بها الصدر هذا الاسبوع الى الرياض.

حيث يقول الباحث في مركز افاق الجنوب للدراسات حيدر فالح في حديث لـ( العراق اليوم)، ان" الزيارة مفاجئة للوسط السياسي، بل نكاد نجزم انها فاجئت العاملين في مكتب الصدر ذاته، ونوابه والمقربين منه، لكنها تكشف للمتابع ان الصدر ينسق بشكل غير معلن مع سفارات ودول اقليمية وانه يتواصل مع شخصيات سياسية كبيرة".

واضاف ان "  الزيارة يجب ان لا تقرأ كحدث سياسي عابر، ولا بنت لحظتها، بل انها جاءت لتكريس حالة التقارب بين الصدر والسعوديين، او بالأحرى اعلان صريح عن ولادة حالة جديدة في الساحة الشيعية العراقية، وهي تغيير بوصلة التحالفات الستراتيجية نحو عواصم عربية في طليعتها الرياض".

وتابع " كيف نقرأ زيارة مقتدى الصدر كحدث عابر، وهي تأتي في اطار دعوة السعودية لحلفائها في المنطقة الى اعلان موقفهم من الازمة القطرية، ولذا يمكن وضع السؤال المهم : هل انضم الصدر الى التحالف الرباعي بقيادة السعودية ضد قطر؟".

واضاف ايضاً، " اذا لم يكن الصدر اراد ان ينضم، فأنه على الأقل ناكف ايران التي انحازت علناً لقطر في ازمتها مع السعودية وحلفائها، ولذا فالاعتقاد الاكثر ان الصدر، بعث برسالة واضحة للإيرانيين، انه لا يسير ضمن الركب الذي تقوده، بل وهو يقف بالضد منه تماماً".

الكاتب سعدون الحمراني يرى ان الأحتفالية التي يقيمها الأعلام السعودي بشقيه الرسمي وغير الرسمي امس واليوم، لاسيما برامج القنوات الفضائية السعودية والتابعة، وكذلك انخراط اغلب الكتاب والمحللين العاملين في (السلك) الإعلامي السعودي، بخاصة كتاب الأعمدة والدراسات في جريدتي الشرق الأوسط والحياة، وبقية الصحف السعودية المنتشرة في لندن وباريس ولبنان ودبي، وتوجههم جميعآ للإشادة بهذه الزيارة، والحديث عنها وكأنها حدث القرن، بحيث وصفها احدهم بالتاريخية، والآخر بالشجاعة، لذا فإني اقول بأن كل هذا يشي بأمر واحد مفاده ان ثمة مشروعآ خطيرآ تخطط له السعودية في العراق، أوله إراحة السنة عن المواجهة والقتال، مع خلق الأجواء الملائمة لتصادم شيعي شيعي مدمر، يكون طرفاه: السيد مقتدى الصدر وجمهوره العريض، وجيوش الحشد الشعبي!!

وآخره، دفع ايران إضطرارآ نحو خيارات ليست في مصلحة البلدين الأخوين..

من جانبه رأى الباحث احمد العبودي، ان " الزيارة تأتي بعد تغيير دراماتيكي في التيار الصدري، واتجاه الصدر الى تبني خطاب مختلف، بمعنى ان يبحث عن هويته السياسية، ويحاول خلق لونه الايدلوجي كتيار شيعي لا يعتقد بمسلمات القوى الشيعية ورؤيتها تجاه الملفات الستراتيجية المتعددة ".

واضاف " ما يترشح من الزيارة، هو ان الصدر بحث مع بن سلمان تعزيز الاعتدال في المنطقة، أي انه سيشترك معه في مشروع هذا التعزيز، بمعنى ادق ان الصدر انجز تفاهماً ما مع السعوديين، والايام المقبلة ستكشف عن تفاصيله، واي القوى التي سيشملها الصدر وبن سلمان بمشروع الاعتدال، وكيف سيتصدون لمن يصفونه بالضروة بالتشدد ".

الى ذلك قال الكاتب والصحافي حسن الخفاجي في حديث لـ( العراق اليوم)، ان " الزيارة لا تنفصل عن سياق يسير به الصدر لقلب بوصلة الساحة السياسية برمتها، والنأي بنفسه عن المشروع المقاوم الممتد الآن، ولكن لهذا النهج ثمنآ باهضآ، قد يدفعه الصدر، وقد يدفعه شيعة العراق في حالة عدم اللعب باوراق التحالفات الجديدة كما ينبغي".

واوضح  ان " ما يمكن ان يكسبه الصدر ازاء هذه المغامرة، قد لا يقارن مع ما سيخسره هو، وشيعة العراق بالضرورة، فتحالف سعودي -صدري لن يأتي دون ثمن، وقد يكون الثمن أن يُدفع بالصدر الى مواجهة داخلية عنيفة، وهنا سيكون الصدر قد وقع في المحذور والمحظور ايضاً".

ورأى ان " انفتاح القوى السياسية الشيعية على محيطها العربي، حتمي وواقعي، لكن لا يجب ان ينفرد طرف دون اخر بهذا، وان لا يضع شيعة العراق انفسهم في خدمة مشروع يستهدف وجودهم السياسي في المنطقة برمتها، بل عليهم اخضاع القوى التي تريد ان تتحالف معهم الى فكرة ان الشيعة رقم مهم في معادلة التوازن الاقليمي، وان لا استقرار ولا سلام في المنطقة برمتها، ان لم يمر عبرهم ".

علق هنا