امريكا تضغط على مسعود بشأن الاستقلال

بغداد- العراق اليوم:

قالت أوساط عراقية مطّلعة إن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق لتأجيل موعد الاستفتاء المتوقع خلال سبتمبر القادم إلى موعد آخر، خوفا من أن يفجر إجراؤه التحالفات الهشة التي تقيمها إدارة الرئيس دونالد ترامب في المنطقة المحيطة بالأكراد.

وكشف مصدر من الدائرة المحيطة برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن الأخير حصل على تطمينات أميركية بالضغط على البارزاني لتأجيل الموعد خوفا من تشتيت الاهتمام بالحرب على داعش، ودفع مختلف الفرقاء في المنطقة إلى التركيز على معارك توسيع النفوذ بدل هزيمة التنظيم المتشدد.

وسعى مسؤول كردي عراقي كبير إلى تبديد المخاوف من أن اي استفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق سيضر بالمعارك ضد داعش بعد أن قالت وزارة الخارجية الأميركية إن التصويت المزمع إجراؤه سيصرف الانتباه عن “أولويات أكثر أهمية” مثل إلحاق الهزيمة بالدولة الإسلامية.

وقال مسرور البارزاني رئيس المجلس الأمني لحكومة إقليم كردستان العراق وابن رئيس الإقليم إن الحكومة ملتزمة بمكافحة “الإرهاب بغض النظر عن العلاقة السياسية مع بغداد”.

واستشهد البارزاني بدور الأكراد في قتال داعش. ويلعب الأكراد دورا رئيسيا في الحملة التي تدعمها الولايات المتحدة لإلحاق الهزيمة بالتنظيم المتشدد الذي اجتاح ثلث العراق قبل ثلاث سنوات ويسيطر أيضا على مناطق في سوريا.

ففي حين، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها تقدر “التطلعات المشروعة” لشعب كردستان العراق الشهر الماضي ذكرت أيضا أنها تؤيد “عراقا موحدا واتحاديا ومستقرا وديمقراطيا” وعبّرت عن قلقها للسلطات الكردية.

ويتزامن هذا الجدل مع انعقاد مؤتمر في واشنطن لبحث ملف استفتاء استقلال كردستان عن العراق تحت عنوان “إقليم كردستان.. حليف استراتيجي لأميركا في محيط ساخن”. وتنظم المؤتمر صحيفة “واشنطن تايمز″ بالتعاون مع مؤسسة كردستان 24 للأبحاث والإعلام، وبمشاركة عدد من كبار المسؤولين في إقليم كردستان، فضلا عن أعضاء في الكونغرس والإعلام ومراكز الأبحاث.

ويمكن أن يتحول استفتاء 25 سبتمبر إلى أزمة إقليمية وسيضع ضغوطا على الأرجح على الوحدة الاتحادية للعراق. كما تعارض سوريا وتركيا وإيران، باعتبار أن الدول الثلاث يقطنها عدد كبير من الأكراد، استقلال إقليم كردستان في شمال العراق.

وقد عبّرت إيران مؤخّرا على لسان مرشدها الأعلى  السيد علي خامنئي عن رفضها تنظيم استفتاء على استقلال كردستان العراق

  وتبدو تركيا أعلى صوتا في معارضة إنشاء دولة للأكراد في الشرق الأوسط، لأنّها ستكون الأكثر تضرّرا منها وهي التي فشلت على مدار تاريخها المعاصر في استيعاب أبناء القومية الكردية داخل مجتمعها وإقناعهم بالتعايش السلمي مع باقي أبنائه

وتتوجس إيران، وكما تركيا، من أن يؤدي استفاء أكراد العراق على الاستقلال إلى تحريك مشاعر أكراد إيران وتركيا للمطالبة بالانفصال بشكل ديمقراطي أو الاستمرار في المواجهة المسلحة.

وتبدو تركيا أعلى صوتا في معارضة إنشاء دولة للأكراد في الشرق الأوسط، لأنّها ستكون الأكثر تضرّرا منها وهي التي فشلت على مدار تاريخها المعاصر في استيعاب أبناء القومية الكردية داخل مجتمعها وإقناعهم بالتعايش السلمي مع باقي أبنائه.

 

ورغم الخلاف مع الأتراك في ملف دعم أكراد سوريا وتسليحهم لقيادة المواجهة الميدانية مع داعش في الرقة، فإن المحللين لا يتوقعون أن تبادر واشنطن إلى إغضاب أنقرة والاصطدام معها في قضية الاستفتاء، وأنها ستعمل على إدارة هذه الخلافات بشكل يحفظ استمرار الحرب على الإرهاب ويؤجّل حسم الصراعات العرقية والطائفية إلى مرحلة لاحقة.

ويسعى الأكراد إلى إقامة دولة مستقلة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى على الأقل عندما قسّمت القوى الاستعمارية الشرق الأوسط لكنّ أراضيهم قسمت بين العراق وسوريا وتركيا وإيران.

وعبرت ألمانيا بدورها، وهي حليفة أوروبية رئيسية لأكراد العراق، عن قلقها من أن الاستفتاء قد يؤدي إلى تفاقم التوترات في العراق.

وقال البارزاني “المعارضون الذي يقولون إن هذا التوقيت ليس الوقت المناسب.. سؤالي لهم متى يكون الوقت المناسب؟ عندما غزا تنظيم داعش مناطق العراق وهاجم كردستان، قيل لنا مرة أخرى هذا وقت الحرب وليس الوقت المناسب. الآن داعش على وشك الانهيار وقيل لنا مجددا هذا ليس الوقت المناسب”.

وسبق لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، في اتصال هاتفي نهاية الشهر الماضي برئيس الوزراء العراقي، أن جدد عدم تأييد واشنطن للاستفتاء في إقليم كردستان حول الانفصال.

وكان العبادي قد طالب البيشمركة بعدم التوسع في المناطق التي تحررها من قبضة داعش، إلا أن حكومة الإقليم رفضت الطلب وردت على دعوته برفض أي تنازل عن المكاسب التي حققتها.

 

علق هنا