بغداد- العراق اليوم:
هي خطوة يمكن أن تكون علامة تحول جذري في خطاب القوى السنية العراقية، وطريقة تعاملها مع الشركاء الوطنيين، اذا اردفتها بخطوات أخرى، ونعني بتلك الخطوة، عزل الصوت الطائفي احمد المساري من رئاسة الهيئة السياسية لتحالف القوى السنية، بعد اقل من ٧٢ على قفزه على منصة المؤتمر الذي انعقد للقوى السنية في العراق، وقيامه بالقاء خطاب اقل ما يقال انه متشنج، وطائفي، ولا ينتمي للواقع الجديد الذي فرضته معادلات النصر والتحرير في الموصل، وكنس داعش الى الابد. على الرغم من ان قرار عزل احمد المساري كان معدآ منذ اسبوعين، أي بعد سقوط (دولة داعش) مباشرة، لكن القرار جمد لأسباب غير معروفة لدينا، ويبدو ان ما فعله المساري قبل يومين خلف منصة المؤتمر، وتطفله بقراءة البيان، وتهاوشه مع سليم الحبوري قد عجل بتفعيل قرار العزل، وتنفيذه.. لذلك يقرأ المراقبون هذا القرار على انه استعادة للقوى المعتدلة لدورها في صدارة المشهد السياسي السني، بعد أن احتله المتشددون فترة غير قصيرة، حيث دفع فيها العراقيون جميعآ -وليس ابناء السنة وحدهم - ثمنآ وطنيآ باهضآ، كان بعضه للأسف دمآ طاهرآ.
والقرار هذا يعتبر ايضآ اعترافآ صريحآ، واستدراكآ صحيحآ لما حصل من أخطاء جسيمة ارتكبت من قبل الفاعليات السنية السياسية، لذلك فإن اول خطوات التصحيح تبدأ من اقصاء الاصوات التأزيمية التي تنتمي الى عهد ما قبل داعش، وخطاب التوتر المحموم في سنوات الذروة الطائفية. كما ان هذا القرار قد جاء استجابة لرفض عراقي مشترك لاعادة انتاج خطابات الهزيمة والتقسيم ومشاريع الخارج، والمساومات الرخيصة التي لا يزال المساري يعتقد انه قادر على فرضها، بمنطق انا وشروطي، او يأتيكم ( البعبع)، وهو لا يدري ان اكبر ( بعبع) قد خرج من مصنع مخابرات متعددة، حوله العراقيون الى جرذ يبحث عن مأوى فلا يجده، نعني به كيان داعش المتهرئ والمهزوم!
ويجزم المراقبون بأن قرار ابعاد احمد الممساري عن واجهة الصورة السياسية السنية ما كان سيحصل قطعإ لو لم يهزم داعش هذه الهزيمة الشنيعة في العراق، لذا فمن الطبيعي ان يخرج مع المهزوم كل ادوات الهزيمة !!
ان من تابع خطاب المساري في منصة المؤتمر السني قبل ثلاثة ايام وهو محتقن الوجه والاوداج، ومن لاخظ ردة فعل الواقفين خلفه، سيعرف حتمآ ان هذا الخطاب لم ينجح في اقناع شركائه في المؤتمر، فكيف يمكن له ان يؤثر في شارع سئم هذه اللغة، وكره هذا التحريض المدفوع الثمن.
ان الزمن الذي كان يمكن ان يمرر فيه مثل هذا الخطاب، قد انتهى الى غير رجعة، ويجب ان ينتهي معه مطلقو هذه الخطابات ومثيرو الفتن ومنفذو الاجندة الخارجية، ولعل خطوة عزل المساري ستكون الفاتحة لعزل اصوات التطرف السياسي الأخرى من السنة والشيعة- وهي للأسف كثيرة.
اننا نرى ان ابعاد المساري تمثل ضربة موجعة لحملة الفكر (الداعشي) الذين لا يؤمنون الا بوطن على مقاساتهم الضيقة والمناطقية والفئوية، واذا ما كانت الساحة السنية مترددة فيما سبق في لفظ هذه النتاجات المتطرفة وعزلها، بسبب استقوائها بداعش تارةً، او بالمحور الخليجي تارةً اخرى، فأنها يبدو قد بدأت تتحرر من هذه الضواغط الخارجية، وبدأت باتخاذ اجراءات رادعة لكل هولاء المتآمرين على هذه الساحة قبل الساحات الوطنية.
*
اضافة التعليق