الأنبار - العراق اليوم :
ليست فرية، او اطلاق اتهامات دون ادلة، ولا هي تصفية حسابات مع خصم سياسي، ولكن ما سينشر الآن، هو سرد لوقائع حصلت على الأرض، يعرفها القاصي والداني. فسيرة محافظ الانبار الحالي (الاخوانچي) صهيب الراوي، حافلة ومثيرة جداً، تدعو للأستغراب والقرف في آن واحد. فمن ناحية الاستغراب، هو من كيفية تسلل شخص ( داعشي) كالراوي الى اخطر منصب في محافظة ملتهبة مثل الانبار، وكيف سمحت مجسات الدولة القانونية باستمراره في هذا المنصب كل هذا الوقت؟
ومن ناحية القرف، فأن السيرة تدعو للغثيان بالفعل، فهذا (الراوي) الذي يحمل كل انتهازية الاخوان اللامسلمين على طول تاريخهم الأسود. يجمع معها لصوصية كبيرة قد لا تنافسه فيها كل اساطير العالم ومحترفيه في هذا المجال.
لم يكن الراوي في المشهد السياسي الانباري، سوى نكرة من النكرات التي اندفعت الى الواجهة في غمرة مشهد فوضوي، وسيطرة غير مألوفة لقوى ارهابية على مفاصل العمل الاداري، بمعنى ان الراوي وغيره من عناصر الحزب الاسلامي كانوا مجرد ادوات لتنفيذ اجندة جماعة ارهابية شكلها الاخوان في غربي العراق، وطبعا فقد كانت هذه التنظيمات تحتاج الى غطاء قانوني تستطيع عبره نهب موارد الدولة بشكل لا يختلف عن السطو المسلح، الا انه يأتي عبر منظومة التمثيل القانوني، وفي هذه الجزيئة بالذات نكتشف المغزى الذي يجعل الارهاب في العراق، مغطى سياسياً، بمعنى انه يملك جناحاً سياسياً ينفذ ارهابه ضد الآخر. ولعل تفجر فضيحة صرف مبلغ عشرة مليارات دينار عراقي رصدت لحالات الطوارئ في دورة المجلس السابقة، تثبت ما نقوله اعلاه، فهذه الفضيحة التي بدأ القضاء العراقي بمتابعة تفاصيلها، واصدر اوامره بالقاء القبض على ابطالها، وفي طليعتهم الراوي، تعني بشكل دقيق كيف ان تمويل داعش واخواتها، كان من خزينة الدولة، وبصكوك محررة من قبل دواعش السياسة، لقتل ابناء الشعب !!
في سيرة الداعشي الاخير صهيب الراوي، والذي لا يزال ممسكاً بتلابيب السلطة في الانبار، رغم ابعاده من قبل مجلسها تارةً، ومن قبل القضاء العراقي تارة اخرى، والذي اصدر قرارآ بسجنه عاماً بتهمة الفساد والسرقة، الا ان هذه الابعادات المتكررة، لم تجدِ نفعاً مع الدولة العميقة التي أسستها عصابة الأخوان في الدولة العراقية، والتي تمنع تنفيذ قرارات قضائية، او اقالات قانونية !
في سيرة مقتضبة للرواي، فأنه يعد أشهر دواعش الانبار، وواحدآ من ابطال منصات الذلة والعار، التي كانت بوابة ولوج داعش الى أرض العراق، واستيلائها على غربي العراق برمته، فقد كان هذا الراوي مسؤول الدعم اللوجستي لهذه المنصات، بعد ان انقسمت الاعتصامات الى شقين، شق داعش والقاعدة والأخوان، وكان رافع العيساوي وشلته يلحقهم الراوي هم المسؤولون عنها، وشق ثاني كان للبعثيين والنقشبندية وأتباعهم!
ولعل وصول هذا الداعشي لمنصب محافظ الانبار، الا تأكيدآ لإسلوب الاحتيال الذي يجيده اتباع الأخوان اللامسلمين، فعلى الرغم من كونهم اقلية عددية في مجلس محافظة الانبار بعد انتخابات 2013، الا ان الراوي استطاع ابعاد المحافظ السابق البطل أحمد الدليمي، الذي اصيب اثناء مواجهات شرسة مع الدواعش، وعقدت صفقة لتولي الداعشي صهيب المنصب، حيث استمر باداء ما بدأه بمنصات العار والخيانة، ولا يزال يمارس عهره السياسي، وارهابه المدعوم بقوة القانون هذه المرة، ليكون المحافظ الأخير الذي ابقاه الخليفة الهارب ابو بكر البغدادي في منصبه، حتى بعد انهيار دويلة داعش المجرمة ! فمتى يمكننا الحديث عن أنهيار نهائي لداعش وملحقاتها، سؤال ينتظر الاجابة، ممن الفناهم يلاحقون الدواعش ولو في بروج مشيدة !
*
اضافة التعليق