بغداد- العراق اليوم:
يبدو ان رئيس الوقف السني وكالةً عبد اللطيف الهميم، يعرف جيداً من أين تؤكل الكتف، ويجيد اللعب على الحبال، واستغلال المتناقضات الى أبعد حد، فالرجل حرباء حقيقية، تتلون مع المزاج السياسي، ومع مراكز النفوذ الأقوى في الساحة، فهو يملك حاسة نافذة في استقراء مواطن القوة واللهاث خلفها. كيف لا، وهو الذي تسلل الى احضان صدام، في وقت كان الكثيرون الذين هم اجدر منه واكثر حظوةً يعجزون عن التقرب الى المستوى الذي وصله هميم من رأس النظام، وكيف أنه تحول الى مستشاره الديني ( تصوروا مستشار ديني لصدام حسين!!)، واصبح منفذاً لمشروعه التدميري الأكبر، ولعل من يريد ان يرى جزءاً من حظوة (الدكتور) فعليه ان ليراجع ارشيف النظام السابق، ووثائق مخابراته المنحلة، والتي كشفت عن قيام الهميم بشراء شبكات من رجال الدين، وتجنيدهم في خدمة النظام انذاك.
وبعد الذي حصل في ٢٠٠٣، ينقلب الهميم فجأة الى داعية للمقاومة، ومنظر فكري للقوى الإرهابية التي كانت تمارس ابشع الجرائم بحق العراقيين، ولما شعر الهميم ان ورقة هذه القوى احترقت، القى بها الى الخلف، وقفز ليسوق نفسه داعيةً ينهج الاعتدال ويؤمن بالتعايش، ويدعو للحوار !
قفز الهميم في فوضى الواقع العراقي، ليتولى اعلى منصب ديني سني في غفلة من الزمان، وليعيد بناء اولوياته من جديد، وشعاره الدائم استغلال الفرص الى ابعد حد، ومن ثم القفز الى ضفة مصالح جديدة.
ولأن فطنة الرجل في عملية اصطياد الفرص، هائلة وقدراته في القنص فائقة، فأنه انبرى للعب بكل قوة على تناقضات الساحة السنية، محولاً الوقف السني وامواله الهائلة، الى مطية للبقاء في هذا المنصب المهم.
حيث تكشف مصادر مطلعة في بغداد ان الهميم، يلعب الآن بقوة في كافة المحاور المتقاطعة في الساحة السنية، فمن المعلوم ان قوى الأخوان المسلمين برئاسة سليم الجبوري وعدد من الجماعات السلفية المدعومة من قطر وتركيا اصبحت في محور، يقابله محور للجماعات البعثية وقوى مخابراتية، مدعومة من مخابرات السعودية، والامارات، والاردن، حيث يترأس هذا المحور خميس الخنجر واتباعه، وهذه القوى تريد الانفراد بتمثيل الشارع السني بعد داعش، ومن هذا المنطلق فأن الشيخ الذي تسعفه رؤيته في معرفة اي الطرفين ستكون له الغلبة، فقد قرر اللعب سراً مع المحورين.
وبحسب المصادر، فأن الهميم اقام عبر بعض الشخصيات حوارات وعلاقات مع الاطراف الموالية لقطر، ووعدها بفتح خزائن الوقف السني، وتوفير الامكانات لها لإجل انجاح مساعيها في بسط النفوذ في الساحة السنية، ومن جهة اخرى فأن الهميم يفاوض وبقوة المحور الأخر في العاصمة الاردنية عمان، ويؤكد لهذا المحور انه ممثله في العراق، وان الوقف السني جزء من المرجعية العربية السنية التي توالي السعودية وتعمل على الالتحاق بمحورها المعادي لقطر وتركيا.
المصادر اشارت الى الهميم مد شبكة علاقات واسعة مع كل الاطراف، واستخدم المال السياسي بقوة من اجل الحفاظ على منصبه، فيما تشير المصادر الى ان رئيس الحكومة العبادي احيط علماً بتحركات الهميم عبر جهات معنية، وانه منزعج تماماً من تحويل مؤسسة الوقف السني الى جهة سياسية حزبية، وانه سيتخذ اجراءات لمعالجة هذا الوضع، قد يكون من بينها عزل الهميم من المنصب.
*
اضافة التعليق