بغداد- العراق اليوم: هذا التقرير معدّ ومكتوب برؤية قطرية منحازة ضد تطور العلاقات المصرية العراقية، في الكثير من تفاصيله. ينشره "العراق اليوم" كما هو، ليطلّع القراء على تفكير المسؤولين عن قناة الجزيرة، ازاء بلدين عربيّين يقتربان من بعضهما، اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وشعبيا ..
كتب عبد الرحمن محمد من القاهرة : أثار توجه النظام المصري إلى بغداد للحصول على المشتقات البترولية جدلا واسعا، حيث رأى فيه خبراء ومراقبون تسارعا من مصر في توجيه بوصلتها السياسية والاقتصادية ناحية المعسكر الإيراني الروسي، خاصة في ظل ما نقلته وسائل إعلام عن مسؤول عراقي أن تزويد العراق لمصر بالنفط سيكون مقابل سلاح وذخيرة.
وأنهى وزير البترول المصري طارق الملا على رأس وفد خبراء في مجال الطاقة مباحثات ببغداد مع مسؤولين بالحكومة العراقية خلال الأيام الماضية في إطار مساع لإيجاد بديل للسعودية التي أوقفت شحناتها النفطية إلى مصر فجأة مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ونقلت مصادر صحفية عن وزير عراقي قوله إن من نتائج المباحثات “الموافقة على تزويد مصر بالنفط مقابل مشتقات بترولية ودفعات سلاح وذخيرة مصرية، وسيكون السداد آجلا لفترة زمنية سيحددها الطرفان حسب الاتفاق”.
وفي بيان أصدره الأسبوع الماضي طالب القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى بالعراق باقر الزبيدي بالاستجابة لطلب مصر شراء شحنات نفط، لمنع الابتزاز السياسي لمصر، وأضاف أن مصر تشهد حملة إعلامية جراء مواقفها لدعم الدول العربية، ما يدعو العراق للوقوف إلى جانبها دعما لمواقفها القومية.
عزام: الاتفاقية تمثل تحولا خطيرا في السياسة الخارجية لمصر
تحول خطير
في هذا السياق، يرى الأمين السابق للجنة الطاقة والصناعة بمجلس الشعب المصري حاتم عزام، أن هذه الاتفاقية تمثل “تحولا خطيرا في السياسة الخارجية لمصر، خاصة في ظل ما يتوفر من معلومات مؤكدة عن دعم إيران لهذا الاتفاق ماديا ومعنويا”.
واعتبر في حديثه للجزيرة نت أن هذه الصفقة تعكس أحد أمرين “ابتزاز السعودية التي أوقفت المساعدات البترولية في محاولة من النظام لاستعادة امتيازاته لديها من خلال التوجه ناحية إيران، أو توجه حقيقي ناحية معسكر إيران وروسيا”، وهو ما يرجحه عزام لسوابق تدعم ذلك.
وأضاف أن “هذا التحول الخطير سيؤثر على بعد مصر الإقليمي وعمقها العربي وسيؤثر على الأمن القومي العربي في المنطقة كلها، لأننا أمام انحياز ناحية معسكر إيران وروسيا المؤيد لبشار الأسد، فمصر تختطف من قبل سلطة الانقلاب لتقذف في مكان يضر بمكانتها في الأمة العربية”.
ورأى أن ما صرح به مسؤول عراقي بشأن المقايضة بالسلاح “يزيد الطين بلة ويضخم حجم الجريمة السياسية والإنسانية المرتكبة، على خلفية ما تمارسه الحكومة العرقية في العراق المدعومة إيرانيا ضد السنة”، لافتا إلى أن “الوضع الاقتصادي المتدهور بمصر هو ما يقود السيسي للتحرك بمبدأ المنفعة الآنية”.
بينما يرى الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن هذا التحرك “حق مشروع للدولة إذا ما كان الهدف محاولة تفادي أزمة وقود طاحنة بعد توقف السعودية عن توريد شحنات المشتقات البترولية لمصر مع بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي والتي كانت تزود مصر بنحو 50% من احتياجاتها من الوقود”.
عبد المطلب: الاتفاقية بديل جيد وعودة قوية للتواجد المصري بقلب الأمة العربية
مشروع ولكن
إلا أنه رأى في حديثه للجزيرة نت أن اللجوء للنفط العراقي لتحقيق هذا الهدف “يعنى الانفتاح سياسيا واقتصاديا على إيران، خاصة إذا ما علمنا أن القرار العراقي يتخذ حاليا من داخل العاصمة الإيرانية طهران”.
كما أبدى تحفظه كذلك على أسلوب السداد الذي صرح به أحد الوزراء العراقيين، بكون النفط المورد لمصر سيكون مقابل أسلحة، وهو ما يعني حسب قوله “دخول القاهرة كأحد أطراف الحرب العراقية الحالية”.
في المقابل، يؤكد الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أن “هذه الاتفاقية تمثل أحد البدائل الجيدة لتوفير احتياجات المجتمع المصري من الوقود، كما أنها عودة قوية للتواجد المصري في قلب الأمة العربية”، مشيرا إلى ضرورة أن تتوسع مصر في عقدها اتفاقات تعاون مع كل الدول العربية.
ويتابع في حديثه للجزيرة نت “يحقق هذا الاتفاق إطارا قويا لعودة مصر لقيادة المنطقة العربية بما قد يسهل حل الخلافات السياسية بين الفرقاء السياسيين في العراق، فلا يخفى على أحد أن ما حدث في المنطقة العربية من صراع سياسي وطائفي كان بسبب ابتعاد مصر عن دورها في قيادة المنطقة العربية”.
واستبعد عبد المطلب أن يؤدي الاضطراب الحاصل في العراق إلى تعثر الوفاء بالاتفاقية، مضيفا في هذا السياق “غالبا يتم دفع مقابل الحصول على الوقود بعد التسليم وليس قبله”.