بغداد- العراق اليوم:
دخلت العاصمة الإماراتية، أبوظبي، في دائرة الاتهام الرسمي بدعم مشروع انفصال إقليم كردستان عن العراق لأسباب تسردها قيادات عراقية كردية مع دخول بغداد على خط المشكلة الجديدة داخل الإقليم الكردي، بين المستعجل لإجراء استفتاء الانفصال، ممثلاً بحكام أربيل ورئاسة الإقليم وحكومته، في مقابل تفضيل المعارضة في السليمانية التريث قبل الإقدام على خطوة الانفصال.
وتجمع الآراء على أن السبب الرئيسي لدعم أبوظبي خيار انفصال العراق وبالتالي تقسيمه، يعود إلى الرغبة بمناكفة تركيا قدر الإمكان، وكذلك إيران، على اعتبار أن أنقرة تعتبر أن دولة كردية مستقلة على حدودها خط أحمر ممنوع بالكامل، وهو موقف لا تبدو طهران بعيدة عنه أيضاً.
وقامت قيادات حزبي "التغيير" والاتحاد الديمقراطي المعارضين في مدينتي السليمانية ودهوك، بنقل معلومات إلى حكومة بغداد، أكدت فيها قيام أبوظبي بدعم مشروع انفصال إقليم كردستان العراق. وبموجب هذه المعلومات، فقد تعهدت أبوظبي لأربيل بتمويل مشروع الاستفتاء الشعبي المزمع إجراؤه نهاية العام الحالي على الرغم من رفض بغداد، ووسط تحفظ على توقيته وظروفه من قبل الأطراف الكردية في السليمانية التي تعد عاصمة المعارضة التقليدية في الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي منذ الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003.
وقال سياسي كردي بارز في السليمانية إن "الحراك السياسي الإماراتي في أربيل انتهى أخيراً إلى تعهد أبوظبي بتمويل مشروع استفتاء الانفصال عن العراق نهاية العام الحالي". وأشار إلى أن "القنصل الإماراتي في أربيل، رشيد المنصوري، فضلاً عن السفير في بغداد، حسن الشحي، يقودان حراكاً كبيراً لدعم رئيس الإقليم، مسعود البرزاني وعائلته منذ عامين". وقال "كنا نتوقع أنه دعم لحكومة الإقليم لا أكثر، لكن تبين أنه دعم لمشروع الانفصال الذي تقوده أربيل حالياً"، وفق تعبير السياسي الكردي.
وتابع المصدر الكردي بالقول أنه على هامش مراسم تشييع جنازة زعيم حزب "التغيير"، الراحل نشيروان مصطفى، الشهر الماضي، تم فتح الموضوع بين قيادات حزبي "الاتحاد الوطني الكردستاني" و"الديمقراطي الكردستاني". لكن سرعان ما تحول الحوار إلى جدال بصوت مرتفع بين عدد من أعضاء الحزبين، بعد قول القيادي في الحزب "الديمقراطي"، حميد سلمان إنه "لو كنا نعرف لكنّا طالبنا نحن بالاستقلال أيضاً"، رداً على حديث تناول دعم الإمارات لأربيل في مشروع انفصالها عن العراق، بحسب ما أورد المتحدث نفسه.
وقال النائب في البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني، هوشيار عبدالله، إن "أولوية الدعم الإماراتي يجب أن تكون لشعب كردستان وليس لعائلة". وأضاف في حديث إلى "العربي الجديد" أن "الشارع يعاني الأمرّين لعدم وجود رواتب ولعدم وجود خدمات، وليس بسبب قضية البقاء مع العراق أو الانفصال عنه". وتابع قائلاً "نحن نرفض التعامل مع عائلات أو التعامل مع حزب واحد في إقليم كردستان لأنه إقليم دستوري عراقي، ويجب أن يكون هناك تعاون بين المؤسسات الشرعية لا مع عائلة واحدة أو حزب واحد"، على حد تعبيره. وكشف عن وجود معلومات حول "رفض المجتمع الدولي للانفصال لأن (الدول الكبرى) أرسلت، أكثر من مرة وبصريح العبارة، هذه الرسالة نصاً إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني وعائلة البرزاني، بأن قضية الاستفتاء ليست في وقتها والمجتمع الدولي بصدد دعم وحدة الأراضي العراقية والاستعداد لمرحلة ما بعد تنظيم داعش".
ووجه القيادي في "التحالف الوطني" النائب جاسم محمد جعفر، انتقاداته لأبوظبي، قائلاً إن التحالف رحب ويرحب "بأي مساعدات تقدم للعراق سواء للأكراد أو غيرهم، لكن دولة الإمارات بدأت بفتح ملفات داخل كردستان وتقديم مساعدات للحزب الديمقراطي الكردستاني لا إلى شعب كردستان". وأشار إلى أن "مثل هذه المواقف تؤدي إلى ألم شعبي في مناطق أخرى بالعراق عندما يشعرون أن هناك دعماً من دولة عربية لجهة تريد تمزيق العراق"، وفقاً لقوله. وتابع جعفر أن "دولة الإمارات دولة صغيرة لا يمكن أن تدخل في عداء مع شعب تعداده 35 مليون عراقي بشكل لا يعود بالنفع على شعب الإمارات (التي) بدلاً من أن تذهب بهذا الطريق، عليها أن تدعم وحدة العراق وأن تدعمه بكل مكوناته بشكل يؤدي إلى الإلفة والوحدة وبقاء العراق دولة قوية". وتساءل عما إذا كانت "الإمارات تقبل بأن تُقسّم إلى سبع دويلات؟ وما إذا كانت نسيت عندما كانت مقسمة كيف كانت المشاكل بينها؟"، لافتاً إلى أن "إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تجاهر بدعم انفصال كردستان العراق".
في هذا السياق، أكد مسؤول في بغداد طلب عدم الإفصاح عن اسمه، أن التحرك الإماراتي الأخير في دعم انفصال كردستان عن العراق يندرج ضمن سياسة استعداء تركيا التي تعتبر انفصال الإقليم عن العراق خطاً أحمر، فضلاً عن أن وجود دور لها في كردستان يعني نفوذا كبيرا في مجال الاقتصاد، خصوصا في قطاع النفط والغاز مستقبلاً.
ووفقاً للمسؤول ذاته، وهو وزير في حكومة حيدر العبادي، فإن "الإماراتيين يعلمون جيداً استحالة تقسيم العراق"، مؤكداً "أن بغداد تراقب ما يجري من حراك إماراتي داخل أربيل وستتحرك من دون تردد في الوقت المناسب"، بحسب قوله.
ويتصاعد الدور الإماراتي في أربيل على نحو كبير من بوابة الاستثمارات بقطاع الإسكان والصحة والسياحة، فضلاً عن الجانب الإغاثي والصحي تحت عناوين مساعدة النازحين بالشراكة بين "مؤسسة البرزاني الخيرية" والمنظمات الإماراتية. إلا أنه يقتصر على أربيل وأجزاء من دهوك فقط، من دون السليمانية التي تمثل جبهة المعارضة للبرزاني.
*
اضافة التعليق