بغداد- العراق اليوم:
بقلم: أمير علي الحسّون
في مساءٍ بغداديّ مكتظّ بالضجيج واللهفة، اجتمع الجمهور العراقي حول الشاشات يتابع الكلاسيكو الإسباني بين ريال مدريد وبرشلونة. المقاهي غصّت بالمشجعين، والهتافات تعالت كما لو أن الملعب في ساحة التحرير، لا في مدريد. مشهدٌ صار مألوفًا، يمتدّ من بغداد إلى البصرة، ومن الموصل إلى الناصرية، وكأن العراق كله بات يبحث عن فرحٍ ضائع في ملاعب الآخرين.
ذلك المشهد لا يمكن فصله عن مرارة الواقع الرياضي في البلاد، حيث خيبات المنتخب الوطني تتراكم، وسياسات اتحاد كرة القدم تترنّح بين الفشل والتردد، حتى صار الأمل ضيفًا نادرًا في قلوب العشاق. فحين يفقد الجمهور ثقته بمؤسساته الرياضية، يلجأ إلى ما هو أبعد من حدوده، إلى كرةٍ نظيفةٍ تنبض حياةً وانضباطًا، فيجد ضالّته في مبارياتٍ لا تخصه، لكنها تمنحه ما حُرم منه: فرحةٌ صافية بلا خيبة.
لقد أخفق اتحاد الكرة العراقي، برئاسته وعديد قراراته، في أن يكون مرآةً لطموح الجماهير. غابت الرؤية، وحلّت مكانها الفوضى، وتحوّلت الرياضة من ميدانٍ للتنافس الشريف إلى ساحةٍ للصراعات الشخصية والبحث عن المناصب. وهنا، تتجلى الجريمة الكبرى؛ فليست كل الجرائم تُحاكَم أمام القضاء، فهناك ما هو أخطر من السرقة والاحتيال: سرقة الفرح من قلوب الناس.
جرائم سوء الإدارة لا تُخلّف ضحايا مرئيين، لكنها تترك جراحًا في الذاكرة الجمعية للأمة. حين تنهار الثقة بين الجمهور واتحاده، حين يُستبدل الحلم الوطني بمقاعد المنافع، وحين يصبح اللاعب وقودًا لصراع الإداريين، عندها تُطفأ شعلة الرياضة، ويُطفأ معها أمل وطنٍ بأكمله.
ولم يعد المشهد الرياضي في العراق مختلفًا عن المشهد السياسي؛ كلاهما غارقٌ في الصراعات والمناكفات والمحاصصات. حتى برامجنا الرياضية، التي كان يُفترض أن تكون مساحةً للنقد البنّاء والتحليل الهادئ، تحوّلت إلى ساحات للتجاذب والاتهام والتسخّط. غابت روح المنافسة الشريفة، وغاب معها صوت الإعلام الرياضي النزيه الذي كان الراحل مؤيد البدري أحد رموزه المضيئة. فمن ينقذ الرياضة اليوم؟ ومن يعيد لها هيبتها ووجهها النقيّ؟
لقد جفّت أحبار الأقلام، ووهنت أصوات المخلصين، وبات المنقذ ــ إن وُجد ــ متخفيًا خلف دهاليز الصمت، يخشى أن تطاله مافيات الرياضة والسياسة معًا. غير أن الشعوب لا تموت، ومَن يعرف عشق العراقيين لكرة القدم يدرك أن هذا الوطن، وإن تاهت به الطرق، لا بدّ أن يجد طريقه ذات يومٍ إلى ملعبٍ ترفرف فيه رايته من جديد، لا بفضل صفقاتٍ أو محاصصات، بل بفضل الصدق والغيرة والانتماء.
*
اضافة التعليق
الحكومة تشكل لجنة تحقيقية في ملف تلوث الدجيل
اتفاق عراقي مع إيران للدخول بالسيارات بين البلدين
اعتقال مؤسس منصة “بيور بلاتفورم” بتهم احتيال على مئات المستخدمين
ذي قار تكشف عن مشروع لتشغيل العاطلين
عمليات بغداد تغلق مئات الأنشطة المخالفة للبيئة
الكهرباء تصدر توضيحاً حول نصب العدادات الإلكترونية في المنازل